يصب نجاح اول انتخابات تونسية بعد الثورة في صالح بقية الثورات العربية وخاصة في مصر وفقا لما يقال عن ضرورة تتبع الكتالوج التونسي لمعرفة مجريات واتجاهات الأحداث مع الأخذ في الاعتبار خصوصية كل دولة. والمعني الأهم فيما شهدته الانتخابات التونسية هو الاقبال الكبير الذي تجاوزت نسبته ال90% والأداء الديمقراطي الذي نال إعجاب واستحسان جميع المراقبين من الدول الأوروبية التي سارعت بدورها للتأكيد علي أن العملية الانتخابية جرت في أجواء من الحرية والشفافية والنزاهة. ونستطيع في ضوء هذا الاستحقاق الرهان علي أن الانتخابات المصرية لن تقل أبدا عن مثيلتها التونسية, بل لعلنا نضيف بأن الشعب المصري الذي استطاع أن يجذب انتباه العالم خلال أيام ثورته في ميدان التحرير قادر علي أن يسجل تجربة فريدة من نوعها علي الرغم من المصاعب الحالية و الكثير من الأيادي العابثة والساعية لإجهاض الحلم المصري.. وهذا الرهان الذي نتحدث عنه يعود أساسا إلي الوعي الشعبي الذي اكتسب خبرات عميقة نتيجة الأحداث والتطورات المتلاحقة التي عاشها منذ يناير وحتي الآن وأصبح من الصعب علي أي قوي تضليله مهما تكن وسائل الإثارة والخداع. نعم.. مصر قادرة بشعبها ودرعها المتينة المتمثلة في القوات المسلحة علي أن تمضي في تجربتها الديمقراطية لتصل إلي البرلمان المنتخب, ومن ثم الدستور الدائم وبعدها تأتي الانتخابات الرئاسية لتكتمل المؤسسات الدستورية الضرورية, لتنفيذ حلم النهضة الشاملة التي تضعها في المكانة اللائقة بها بين الدول المتقدمة. وتظل التحية واجبة للشعب التونسي الذي أطلق الشرارة الأولي للثورات العربية, وسيذكر التاريخ دائما لهذا الشعب قدرته الفذة علي الاسراع والتطبيق العملي لما نادي به من شعارات خلال ثورته. وعلينا أيضا المتابعة الدقيقة لمجريات المسرح السياسي التونسي بعد الإعلان عن نتيجة الانتخابات, حيث سارع الحزب الفائز بدعوة بقية الأحزاب المنافسة للانضمام إليه في تشكيل الحكومة, وذلك إدراكا بأن عهد الاحتكار قد انتهي بلا رجعة, وأن حساب الشعوب يستوجب الارتقاء بالفكر السياسي بعيدا عن الانغلاق والتشدد أيا كان نوعه ولونه وهدفه. [email protected]