مازلت مصرا علي أن بيت الشعر الذي قاله الشاعر الجاهلي منذ1500 سنة يلخص المشهد الحالي لمصر بابعاده الاقتصادية والسياسية, البيت يقول: لعمري ماضاقت أرض بأهلها. .. ولكن أحلام الرجال تضيق وشاعر لرجاحة عقله أقسم بعمره وليس باللات أو العزي أو هبل هذه الاصنام التي كانوا يعبدونها, بل أقسم بالحقيقة الوحيدة الغالية عنده وهي عمره. أقر الشاعر حقيقة نستلهمها الآن بعد15 قرنا من الزمان وهي أنه لايمكن أن تضيق الأرض بأهلها أو تبخل عليهم بالرزق, وإنما الحاصل أن عقولهم قاصرة وعاجزة عن إدارة موارد الأرض بنهج يعود علي أهلها بالنفع. فلم تضق الأرض بالرزق, وإنما ضاقت العقول وعجزت. أري هذا التشخيص العبقري لشاعرنا في ثلاث من الازمات التي نحياها الآن: أولها: قرار الحكومة المصرية استدانة3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي وتصريحات الدكتور الجنزوري بعدم وصول المساعدات المالية التي وعدت بها دول الاتحاد الأوربي والدول العربية مصر, عقب اندلاع ثورة25 يناير وماصاحب ذلك من تقارير صحفية تشير إلي ضغوط أمريكية علي هذه الدول, لعدم إرسال المعونات إلي مصر. وأقول ياناس ياهوه هل المليارات الثلاثة ستسد عجز موازنة مصر الذي يبلغ34 مليارا؟ ولماذا لانعمل العقل في مواردنا, هناك تريليون و200 مليون جنيه في الصناديق الخاصة بالوزارات والمحافظات والهيئات الحكومية يصرف منها القائمون عليها المكافآت والبدلات للمحظوظين, من حوارييهم. لو أصدر د. الجنزوري قرارا شجاعا بضم ميزانية هذه الصناديق إلي الموازنة العامة للدولة سيكون هناك فائض ضخم لأول مرة في تاريخ مصر ويسطره التاريخ بأحرف من نور للجنزوري. واذا أطلقنا العنان للعقل في البحث عن مخرج آخر هناك50 فدانا في أقصي شوارع الدقي تشغلها معاهد البحوث التابعة لوزارة الزراعة بالاضافة إلي مبان ادارية للاصلاح الزراعي, وهيئة التنمية الزراعية ومنظمة الاغذية والزراعة. يتخذ الجنزوري قرارا جريئا بنقل كل هذه المعاهد والهيئات إلي اكتوبر علي طريق الواحات, وأيضا وزارة الزراعة وإعادة قصر الأميرة عائشة مقرها الحالي إلي هيئة الآثار لترميمه وازالة مالحق به من دمار, ويتم تحويله إلي متحف. ستجد وزارة الزراعة وعلماؤها وموظفوها متنفسا جيدا علي طريق الواحات حيث الارض شاسعة تتيح للعلماء تطبيق أبحاثهم التي علاها التراب, ولايجدون أرضا لتطبيقها. ويتم طرح الخمسين فدانا في مزاد علني لإقامة مشروعات سياحية واقتصادية والعائد يسد عجز الموازنة. ياناس ياهو اتمني ان يكون هناك رجل رشيد يتحمس لهذه الحلول الثورية لإنقاذ اقتصاد مصر آه يابلد تنتظر الولد وحقا ماضاقت أرض بأهلها.