هي حكاية حدثت.. ولها ظروف خاصة لحدوثها.. لكن الغرابة التي أوجبت نشرها اليوم.. هي موضوع البحث عن المجهول.. وحدثت للرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون.. أيام كان نائبا للرئيس لندن جونسون الذي تولي رئاسة أمريكا بعد اغتيال كيندي عام.1963 جاء نائب الرئيس ريتشارد نيكسون في زيارة خاصة لمصر.. وهو نائب جونسون.. ونزل في أحد الفنادق الكبيرة المطلة علي نهر النيل.. وكانت توجد في هذا الفندق عرافة قارئة الكف تجلس في موقع خاص في قاعة الفندق.. برداء خاص.. ويحيطها جو خاص لجذب الزوار.. وفعلا جذبت هذه العرافة نائب الرئيس الأمريكي نيكسون.. وقدم لها كفه لتقرأه من باب المجاملة والتجربة.. وقرأت العرافة كف نائب الرئيس.. وأخبرته بأنه سيكون قريبا رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية.. وقدم لها نيكسون قلما مكتوبا عليه اسمه.. وشكرها.. وابتسم لها.. وأمضي وقت زيارته لمصر.. وسافر. ومرت السنون.. والأحداث.. وأصبح ريتشارد نيكسون النائب لجونسون.. رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية في نهاية الستينيات.. وقام بعمل زيارات لكثير من الدول.. وهو أول رئيس أمريكي يزور الصين.. وجاء في زيارة لمصر وهو رئيس أمريكا. واستعدت مصر لاستقباله. وطلب رئيس تحرير لأهرام الأستاذ هيكل مني أن أقوم بعمل تحقيق مصور عن قضية الرئيس الأمريكي مع قارئة الكف منذ سنوات.. والتي تنبأت بأنه سيكون رئيسا لأمريكا.. وأصبح رئيسا.. وسوف يحضر غدا إلي القاهرة.. ويصبح سبقا صحفيا أن يقرأ الرئيس هذه القصة بمجرد نزوله من الطائرة.. وكنت أيامها أقوم ضمن مسئولياتي الصحفية بتغطية مستمرة لموضوعات تخص الثلث الأعلي للصفحة الأخيرة.. حديث بالصور.. ومازالت الصفحة الأخيرة تقرأ بشكل مكثف هي وثلثها الأعلي!! وبدأت أصعب رحلة لمقابلة العرافة.. ذهبت إلي الفندق الذي كانت تقرأ فيه الكف.. وفوجئت بأنها تركت الفندق منذ سنوات ولا أحد يعرف عنوان إقامتها.. أو حتي اسمها.. وكل الذي يعرفونه عنها أنها تقيم في شبرا.. وبدأت أنا وزميلي المصور وعربة الأهرام وسائقها نجوب شوارع شبرا نسأل عن عرافة تقرأ الكف.. وبعد ساعات عذاب بحثا عن المجهولة.. أخبرني السائق أن السيارة في حاجة إلي بنزين.. ودخلنا إلي محطة بنزين في نهاية شارع الترعة البولاقية بشبرا.. وخرجت من السيارة وانتظرت حتي ينتهي ذلك الرجل كبير السن الذي يقوم بتموين السيارة بالبنزين.. ومن باب السؤال الدائم الذي كنت أكرره طوال رحلة البحث سألته: هل تعرف سيدة تقرأ الكف.. والفنجان.. وتقيم في شبرا.. فرد ببساطة شديدة: طبعا إنها السيدة م.ف.الشهيرة.. وهي تقيم في هذه العمارة في الدور الرابع.. وأشار إلي العمارة المقابلة لمحطة البنزين.. ولم أذكر اسمها لأنها رفضت ذكره عند اللقاء. وأسرعنا أنا وصديقي المصور.. وطرقنا الباب ونحن نلهث من صعود السلالم بسرعة.. جاء صوت السيدة من الداخل دون أن تفتح الباب.. أخبرتها بأننا صحفيان ونريد لقاءها ضروري.. فقال وهي خلف الباب: أنا لا أقابل صحفيين.. ولا أقابل أحدا.. فقلت لها أنا قادم لحكاية الرئيس الذي تنبأت له بأن يكون رئيس أمريكا.. والمسألة مهمة.. وسوف يكون موضوعا مهما لك.. ولنا.. ونتيجته مجزية جدا.. وفتحت الباب بحرص شديد.. وظهرت العرافة.. كبيرة السن.. ورسم الزمن علي وجهها شكلا غريبا.. وحتي لا أطيل أجلستنا في الصالة.. وبدأت تروي ما حدث.. وأجابت علي أسئلتي بأن أخذت كف يدي ورسمت أسباب تنبؤها برياسة نيكسون لأمريكا.. وأن وجود نجوم أعلي الكف يوحي بالعلو والمنصب الكبير.. وصور صديقي كفي وكأنه كف نيكسون.. وأحضرت القلم وعليه اسم الرئيس نيكسون.. وامتنعت عن التصوير وعدت إلي الأهرام.. ومعي الحدوتة.. وقبل أن أنصرف من عندها قالت لي وهي تصف كفي: علي فكرة أنت لن تكن مشهورا في حياتك المقبلة.. لأن كفك ليس به أي دليل يشيرإلي الشهرة أو النجاح المبهر. المهم.. نشر الموضوع.. وحقق الصدي المطلوب.. بالنسبة للجورنال.. وللرئيس.. أما بالنسبة لي فعلي الرغم من أنها تنبأت لي بعدم الشهرة.. وعدم النجاح.. فقد أصبحت بأمر الله ناجحا.. ونجما مشهورا.. ومع كل جائزة أحصل عليها.. أو وسام تمنحه الدولة لي.. أنظر إلي كاميرات التصوير التي تسجل لحظات نجاحي وشهرتي.. وأقول ياريت تكون بتشاهدني الآن وأنا في عز النجاح والشهرة.. بإذن الله.. وليس بكلام قارئة الكف أو الفنجان!!