ربما لم أقف في طابور طيلة حياتي بهذا الحجم و الكثافة فبالرغم من أن حياتنا كلها طوابير لكن طابور أمس كان الأفضل و الأعظم و هو الطابور الوحيد الذي تحملت كل ما فيه من آلام و صعوبات بنفس رضية حتي أصل إلي هدفي. كنا جميعا سعداء و نحن نقف في طابور يمتد لقرابة ألفي متر أي2 كيلو متر.. و لم يمل أحد و لم يلعن أي منا الطابور كما يحدث في كل طوابير حياتنا.. وقفنا معا خمس ساعات بالتمام و الكمال من العاشرة و النصف صباحا حتي الثالثة و النصف عصرا دون كلل أو ملل.. كان هدفنا الوصول للصندوق و الحصول علي الورقة الإنتخابية كي ندلي بأصواتنا.. و ظهر في الطابور ما يسمي بصحبة الطابور و البعض اطلق عليها جيران الطابور وآخرون ظهرت علاقات صداقة بينهم من كثرة الوقوف معا و تبادلوا التليفونات و اتفقوا علي العودة في الإعادة إذا حدثت للتواصل.. كان الكل سعيدا و ملتزما لدرجة كبيرة و كانت الأولوية لكبار السن و أكثر مشهد أثر في نفسي رجل كبير في السن ساقاه الاثنتان مبتورتان و يجلس بنصفه العلوي فقط علي كرسي متحرك يدفعه أحد اقاربه و رغم ذلك كان مصرا علي الإدلاء بصوته, أناس كثر بين طاعنين في السن و مرضي و عجائز و بعضهم حضر متكئا علي زوجته و كان الكل موجودا برغبة داخلية.. الكل يتحدث عن مصر الجديدة و عن الماضي و الحاضر و المستقبل حوارات مفتوحة آراء غير محدودة شهدتها في يوم تاريخي بالنسبة لي خلال التصويت في إنتخابات المرحلة الثانية بالجيزة لقد كان الطابور طويلا لكن المتعة كانت أكبر.. متعة أنك إنسان حر و أنك واثق أن صوتك سيذهب حيث تريد.. تحيا مصر و ربنا ينعم عليها بالأمن و الاستقرار.. و معذرة للخروج عن النص الرياضي فمشهد الطابور منحني متعة لم تمنحها لي أي مباراة في كرة القدم و لا حتي مباراة برشلونة و ريال مدريد.. و يا جمال الطابور.. لقد كان أعظم من كل أهداف كريستيانو رونالدو و روعة و مهارة ميسي..