لايوجد في مصر اليوم ماهو أهم من النظر الي المستقبل والوقوف علي سيناريوهات مابعد الانتخابات البرلمانية, وبدأ عصر مابعد مبارك والذي نود أن يختلف ليس فقط في غياب مبارك ورجاله وأفكاره. ولكن الأهم أن يعيد هذا العصر للمصريين دولتهم التي تهتم بقضاياهم اليومية وأن يعيد لمصر مكانتها ووزنها لايجب لهذه التطلعات الكبري أن تصطدم بعقليات وأولويات لايجمع جميع المصريين عليها. لاشك أن طريقة تفكير الصفوة التي سوف تحكم مصر تشكل العامل الاول لدفع مصر الي الأمام فسوف يقودون الدولة في مرحلة صعبة مليئة بالتحديات بدءا من عدم الاستقرار السياسي في المنطقة ومرورا بانفجار نسبة البطالة ووصولا لأزمة اقتصادية كونية لذا لايجب أن نضيف عوائق تصادم وتناحر داخلي قد تفضي الي الانهيار الكامل للدولة ومهما كانت نتيجة الانتخابات والتسليم بنجاح التيار الاسلامي فسيناريوهات نتائج الحزب الوطني التي تعتمد حزبا واحد يفوز بالأغلبية الساحقة لن تكون ممكنه لكننا نقف أمام مشهد يقابل التيار الديني مجموعة من أشباه الاحزاب بعدد محدود من الاصوات وبالتالي يستطيع هذا التيار تشكيل قوي وكتلة سياسية ذات وزن يمكنها تغيير عجلة الحياة في مصر. هذا مايدفعنا لطرح معضلة توحيد مقاييس النجاح والانجاز عند المواطن العادي وقوي التيار الاسلامي الفائز الاكبر علي مايبدو فهذا الأخير قد وضع له معايير ومقاييس للنجاح تختلف عن تلك التي يستخدمها المواطن العادي, ونتذكر استفتاء مارس الماضي الذي أطلق عليه الشعب استفتاء الاستقرار بينما أطلق عليه بعض رموز هذا التيار غزوة الصناديق. مواقف معسكر التيار الديني واحدة في معظم التجارب فهو يجلس في برجه الايديولوجي العاجي يركز علي نجاحه هو ووجهة نظره الشرعية ولايضع الوطن مقياس نجاح الأوحد موقفان يوضحان هذا السلوك الاول عندما وقف خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس في الفضائيات ليبشرنا بأسما: اطمئنوا ياعرب فالمقاومة بخير, ولم نتعرض الا لأذي عابر! يقول مشعل ذلك متجاهلا شلالات الدماء التي أغرقت غزة يناير9002 وأكثر من0031 شهيد وآلاف الجرحي والعائلات المشردة كل ذلك الدمار الهائل والخراب الشامل ليس سوي أذي عابر. الموقف الثاني حين أطلق حزب الله الحرب الاسرائيلية علي لبنان متعمدا في2006 لمدة34 يوما حولت خلالها مناطق من لبنان الي ركام وقتها خرج علينا زعيم الحزب يتحدث بفخر كالمنتصر بقوله إن اسرائيل لم تصب البنية القيادية لحزب الله, وبأن هذه البنية بخير وان عتاد الحزب وصواريخه م تدمر الزعيم لم يهتم بالدمار الذي لحق بلبنان وخسارة7 مليارات دولار ومئات الشهداء والجرحي واكثر من نصف مليون نازح واعتبر أن النصر هو البقاء مع حزبه أحياء.. الموت والدمار للوطن لايساوي شيئا. الواضح في المثالين أن أصحاب هذا المعسكر يقيسون نجاحاتهم دائما بمعايير ايديولوجية غير قابلة للمحاكاة بل واخترع البعض معيارا جديدا للهزيمة والنصر وهو ان مجرد صمودهم أو بقاء قادتهم تحت الارض أو في المنفي هو في حد ذاته انتصارا لهم وهزيمة للعدو! فإسرائيل دمرت لبنان وقتلت وجرحت وشردت الآلاف وخرج زعيم حزب الله معلنا انتصاره الالهي دون التركيز علي هذا الوجهه القبيح لمعسكر وصل للسلطة عن طريق الانتخاب لكنه اجهز علي المواطن الذي أوصله نريد فقط التنبيه أن النجاح في تحقيق أولويات الوطن هي مقياس الناجح الاول والاخير وهو أعلي من الايديولوجيات التي يحتمي بها ففي الوقت الذي لم يبن فيه حزب الله ملاجئ للمدنيين وهو في حالة حرب شبه دائمة مع اسرائيل منذ تأسيسه فإنه استمر يعطي لكل لبنانية تتحجب مخصصا من الدولارات شهريا منذ بداية التسعينيات.. هذه الإزدواجية في التفكير لانتمني أن نراها في مصر. خسائرنا من أخطاء هذا التيار المحتملة قد تكون في اقتصاد نريد بناءه بقوة واستقرار, وفي نسيج اجتماعي في منأي من الافكار المتطرفة وفي دولة نخاف جميعا أن نختطف, لذا نريد أن تكون مقاييس نجاح التيار الديني هي تلك التي تحكم اي حزب سياسي في أي دولة متحضرة وأولوياته هي أولويات الوطن. لقد انتخبكم المواطن لأنه يريد العيش الكريم في مجتمع متحضر ومتطور في شتي الأوجه, لذا نرجو ألا يخترع لنا البعض مقاييس وهمية ويطلقون العنان لأفكارهم في أسلمه الدولة وشرعنه النظام وتطفيش المصريين واخراجهم من جلدهم قبل ديارهم.