توصف العلاقات الأمريكية الإسرئيلية بأنها علاقات تحالف استراتيجي, ويتخذ بعض دارسي الأحلاف الدولية من هذه العلاقات مثالا علي التحالف الواقعي دون اتفاق مكتوب,. فهناك تعهد أمريكي بأمن إسرائيل وتفوقها النوعي علي كل جيرانها, ووفق هذه العلاقة يسمح لإسرائيل بالاقتراب من مراكز معلومات والحصول علي أسلحة أمريكية بتجهيزاتها التكنولوجية علي نحو لايسمح لغيرها من الدول من خارج إطار التحالف الأطلسي حلف الناتو ولاتعني هذه العلاقات أن الرؤي متطابقة في كل القضايا أو أن الاختلاف وأيضا الخلاف غير وارد, علي العكس تماما, فالخلاف وارد تماما وقد حدث أكثر من مرة, حيث تصرفت إسرائيل أكثر من مرة بعيدا عن واشنطن وخارج إطار الحدود التي رسمتها السياسة الأمريكية, والدليل علي ذلك ضرب تل أبيب للسفينة الأمريكية ليبرتي حتي لاتحصل علي معلومات لاتريد لها إسرائيل الحصول عليها, أيضال مررت تل أبيب تكنولوجيا عسكرية أمريكية متطورة إلي الصين الشعبية عكس رغبة وإرادة واشنطن, بل إن تل أبيب سبق وتجسست علي واشنطن أكثر من مرة, وما قصة الجاسوس جونالثان بولاريد إلا مثال واحد علي ذلك, فقد. كان يعمل ضابطا بسلاح البحرية الأمريكية واستخدام موقعه في نقل معلومات حساسة وصور أقمار اصطناعية إلي تل أبيب فكان جزاء, التجسس وخيانة البلد الذي يحمل جنسيته السجن مدي الحياة وقد فشل كل رؤساء الحكومات الاسرائيلية في إقناع واشنطن بالإفراج عنه نيتياهو, باراك, شارون, أولمرت, ثم نتنياهو مرة أخري وكل مافعلته له حكومة نتنياهو الأولي أن منحته الجنسية الاسرائيلية وهو قابع خلف الأسوار, وعندما حاول باراك إبشرام صفقة تؤمن له الخروج من السجن والتوجه إلي اسرائيل إبان مفاوضات كامب ديفيد الثانية في يوليو من عام2000, جاء رد الأجهزة الأمريكية المعنية علي طلب الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بالسلب, فهذا الشخص خان وطنه ولايمكن أن يفرج عنه في ظل أي صفقة, أيضا حدث الخلاف بين إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الأب, وحكومة إسحاق شامير علي خلفية الموقف من مؤتمر مدريد للسلام في أكتوبر من عام1991, وكانت النتيجة تجميد إدارة بوش الأب لضمانات قروض بقيمة عشرة مليارات دولار, والتدخل في انتخابات البرلمان, الإسرائيلي الكنيست عام1992 فجري إسقاط شامير لحساب رابين. إذن العلاقات الأمريكية الاسرائيلية شهدت وتشهد خلافات المهم هنا هو أن هذه الخلافات تتم إدارتها علي قاعدة التحالف والتوافق, وعادة ماتتعلق بسياسات وأشخاص بأكثر من كونها تتعلق بأسس للعلاقات, ووفق هذه الرؤية نقول نعم تشهد العلاقات الأمريكية الاسرائيلية حاليا أزمة حادة وصفها السفير الإسرائيلي لدي واشنطن بأنها غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود ونصف العقد, أي منذ منتصف السبعينيات, هذه الخلافات بدأت من جانب حكومة نتنياهو, ولاتتعلق بموقف طاريء يتمثل في بدء المفاوضات غير المباشرة, بل تعود في الأصل إلي رؤية حكومة نتنياهو لإدارة أوباما, ولمحتوي الخطاب الذي ألقاه أوباما في جامعة القاهرة, ولحديث أوباما العلني عن ضرورة وقف الاستيطان تماما, فهذا المطلب تراه حكومة نتنياهو, غير مسبوق, فلم يسبق أن كان وقف الاستيطان شرطا مسبقا لبدء مفاوضات, وتقول إن كل المفاوضات التي جرت بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي تمت في ظل مواصلة الاستيطان, ومن ثم فإن مطالبة أوباما علنا بوقف الاستيطان, قد رفع من سقف موقف السلطة الوطنية الفلسطينية التي لايمكن أن تبدو, أقل فلسطينية من أوباما حسب وصف الإعلام اليمني في اسرائيل لذلك تعمدت حكومة نتنياهو أن تتحدي مطلب أوباما وتعلن عن بناء ألف وستمائة وحدة سكنية في مستوطنات القدسالشرقية إبان وجود نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن في المنطقة, وهو ما أدركت واشنطن أنه يمثل إهانة لنائب الرئيس موجهة بالأساس إلي رئيسة باراك أوباما, وقد عبرت عن ذلك بوضوح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في محادثتها الهاتفية التي دامت ثلاثة وأربعين دقيقة مع نتنياهو. ووسط هذه الأجواء تتجه أغلب التحليلات في وسائل الإعلام العربية إلي الحديث عن مسرحية الاختلاف بين واشنطن وتل أبيب, وأن الخلاف لايمكن أن يكون حقيقيا, وأن أوباما ماهو إلا بوش بوجه أسمر, وهو أمر غذته بعض الحكومات أيضا مع حديث عن هل يمكن أن تختلف واشنطن مع تل أبيب, وحتي لوكان الخلاف حقيقيا فماذا سوف يفيد العرب من ذلك؟ يبدو واضحا من الاتجاه العام في الكتابات العربية أنها تنطلق من رؤية أسيرة لنظرية المؤامرة, تنزع عن الذات القدرة علي الفعل, وتري الفعل في الجانب الآخر, وكأن الحقوق تقدم أو تستجلب في حين أنها في الحقيقة تنتزع, فالأتجاه العام في التحليل العربي يغلب عليه نفسية المعلق لا اللاعب, وهي فكرة فيها إعفاء للذات من الفعل, ونزوع غريب إلي البكاء علي الأطلال والشكوي من مؤامرات الآخر.