رغم كل الاختلافات التي يشهدها الشارع المصري بين جميع أطيافه فإن الجميع يتفق علي أن مصر تعاني الآن من مشكلة اقتصادية كبيرة يراها البعض أنها أزمة مؤقتة تفاؤلا بالمستقبل السياسي الذي لم يخرج من عنق الزجاجة بعد. بينما يراها البعض الآخر أزمة كبيرة علي وشك الانفجار خاصة بعدما اتجهت المؤسسات المالية العالمية الكبري الي خفض التصنيف الائتماني لمصر وكان أهمها وكالة ستاندرد أند بورز الأخير التي خفضت تصنيف مصر الائتماني درجتين خلال خمسة أسابيع ووضعت نظرة مستقبلية سلبية للاقتصاد المصري, وقالت إن أهم أسباب ذلك يتمثل في ضعف النمو الاقتصادي والتدهور الكبير في القطاعات المالية وتراجع الاحتياطي النقدي وعدم الاستقرار السياسي وارتفاع قيمة عجز الموازنة. وأكد الخبراء أن خفض التصنيف الائتماني لمصر لا يمثل أزمة كبيرة حيث إن تأثيراته السلبية لاتتعدي رفع تكلفة الاقتراض من الخارج نتيجة التشكيك في قدرة مصر المستقبلية علي سداد تلك الديون ووصفوا الاقتصاد المصري بالاقتصاد التائه في نفق مظلم ولابد له أن يبحث عن مخرج في أسرع وقت ممكن مؤكدين أن المخرج الوحيد في الفترة الحالية هو الاستقرار السياسي. في البداية قال حافظ الغندور, الخبير المصرفي ونائب رئيس البنك الأهلي السابق, إن خفض التصنيف الائتماني لمصر كان متوقعا وليس له تداعيات كبيرة علي الاقتصاد المحلي فهو ليس تقييما ثابتا علي مدي سنوات ولكنه يتغير كل فترة قصيرة كاشفا أن مصر لديها الحق في مراجعة هذا التقييم وإبداء ملاحظتها عليه وبالتالي اذا استقرت الأوضاع السياسية والاقتصادية بعد الانتخابات فيمكن رفع التقييم مرة أخري, مشيرا الي أن الخطر الأكبر يكمن في استمرار الوضع كما هو عليه خاصة أن مصر دولة نامية ولا تتحمل10 أشهر أخري من التوتر وعدم الاستقرار الاقتصادي. وأضاف الغندور أن الحكومات التي تتوالي منذ أحداث25 يناير ليست إلا حكومات مؤقتة لا يتعدي دورها حل الازمات الراهنة وتوفير احتياجات المواطنين وليس من حقها وضع السياسات الاقتصادية المستقبلية في مصر مؤكدا أن الاقتصاد المصري يقف الآن تائها في نفق مظلم يبحث عن مخرج آمن فمصر حاليا أمام سيناريوهان لا ثالث لهما الأول هو الانتهاء من الانتخابات التشريعية والرئاسية في سلام واستقرار للأوضاع السياسية والثاني ونتمني جميعا ألا يحدث وهو تجدد الاشتباكات بين الأمن والمواطنين وعرقلة الانتخابات مما ينذر بكارثة حقيقية علي وضع مصر السياسي والاقتصادي معا. وشاركه في الرأي السفير جمال بيومي, أمين عام اتحاد المستثمرين العرب السابق, مؤكدا أن خفض التصنيف الائتماني لمصر لا يمثل أزمة كبيرة حيث إن تأثر الاقتصاد المحلي به لن يتعدي رفع تكلفة الاقتراض من الخارج, ولكن هذا لا يمنع أن مصر تعاني من مشكلات اقتصادية أخري أكثر خطورة خاصة ارتفاع المديونية الداخلية وزيادة عجز الموازنة وارتفاع البطالة. أما عنايات النجار, الخبيرة المصرفية, فكانت لها نظرة تشاؤمية أخري لتري الوضع الاقتصادي المصري يسير من سيئ الي اسوأ حيث أن خفض التصنيف الائتماني لمصر ليس بالشيئ الهين الذي يمكن أن نقلل من تأثيراته علي الوضع المحلي مؤكدة أن الحكومة ليست لديها موارد كافية وستضطر للاقتراض من الخارج ومع خفض التصنيف الائتماني سترتفع تكلفة الاقتراض من الخارج مما سيضاعف من ديون الحكومة وعجز الموازنة هذا الي جانب احتمال رفض الجهات الدولية إقراض مصر لعدة أسباب أهمهم ارتفاع معدل المخاطرة في إقراضها نتيجة التشكيك في قدرتها علي سداد ديونها المستقبلية في الوقت الذي يعاني فيه العالم كله من أزمة اقتصادية طاحنة نتيجة انخفاض معدل السيولة العالمي.