وفقا لتقرير أعدة الخبير الأمريكي أدموند ساندرز ونشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز. فقد تورطت الولاياتالمتحدةالأمريكية مؤخرا بقرارها وقف تمويل منظمة اليونسكو, وهذا القرار وإن أضر باليونسكو. إلا أنه قطعا سيضر بمصالح واشنطن, التي هددت بقطع تمويلها لأي منظمة تحصل فلسطين علي عضويتها وفقا للتقرير!!.. إن عضوية المنظمات الدولية لها شروط والتزامات, وفي حال تراجعت الدولة العضوة عن الالتزام بها, ستتأثر مكانتها داخل المنظمة, والأعضاء الذين لا يلتزمون بدفع مساهماتهم, يفقدون حقهم في التصويت, وعلي ذلك فإن اليونسكو الآن تستطيع مطالبة واشنطن بتسديد التزاماتها, مثلما جري أوائل سبعينيات القرن الماضي عندما انتخب وزير الثقافة السنغالي الأسبق أحمد إمبو كمدير عام لليونسكو, وأوقف الاحتكار الأمريكي والغربي لها وأقر نظاما دوليا جديدا داعما لحرية الإعلام وتناقل المعلومات والهويات الثقافية والحضارية كافة, في مسعي منه لمواجهة خطر العولمة الأمريكية, هذه الأسباب دفعت واشنطن للخروج من اليونسكو عام1984 م بدعوي العداء الإيديولوجي للغرب. ثم عادت مجددا عام2003 م, في مفاجأة غير سارة لباريس التي استغلت غيابها19 سنة وجعلت الفرنسية لغة اليونسكو الرسمية. لقد ضغطت واشنطن علي مندوبي الدول في العديد من المنظمات لمنع تكرار مأساتها في اليونسكو, ومنها منظمة الملكية الفكرية العالمية التابعة للأمم المتحدة, التي تحمي حقوق الملكية وبراءات الاختراع التكنولوجية وغيرها من القرصنة الدولية, والمنظمة الدولية للطيران المدني, التي تتيح فتح المطارات وتبادل حركة الطيران بين الاعضاء. وبات الان امام الادارة الامريكية وإسرائيل وانصارهما خياران إما القبول بفلسطين عضوة في منظمات الاممالمتحدة وإما عدم القبول, وفي الحالتين فإن فلسطين حققت نصرا سياسيا وأصبحت امرا واقعا, وعلي كل الحالات, فإن واشنطن مضطرة لتسديد ما عليها من التزامات مالية, والا ستكون في موقع لاتحسد عليه, وبالتالي يتعين عليها الجلوس خارج مقاعد المنظمات الدولية نتيجة وقف تمويل تلك المنظمات, أو علي الاقل تتضاءل هيمنتها, والبائن حتي هذه اللحظة انه لن يكون ثمة اي تراجع عن القانون الامريكي الذي اقره الكونجرس في عهد الرئيس جورج بوش الاب. وكأننا نري اليوم, طائر الفينيق الفلسطيني( الإسطورة) الذي ينبعث من تحت الرماد بعد حرقه وموته, يعود محلقا للحياة, الفلسطينيون كذلك الآن, يعودون الي الحياة من جديد, صحيح انهم يركزون الان علي الطلب المقدم الي مجلس الامن رغم علمهم المسبق برد المجلس للطلب, وأود التذكير هنا بأنه لايجب ان تتوقف القيادة الفلسطينية عن مواصلة الانضمام الي المزيد من المنظمات الدولية, لأن عضوية فلسطين في اي منظمة دولية من شأنها الحد من القوة والهيمنة الامريكية علي منظمات الاممالمتحدة, وربما تتهدد مكانتها وربما اكثر, فانضمام فلسطين الي منظمة التجارة العالمية مثلا. سيهز العرش الامريكي, التي هي الان بأمس الحاجة اليه في ظل الازمة الاقتصادية العالمية, التي يعاني منها الذئب الامريكي, مع بروز قوي دولية عديدة تتحين الفرص للانقضاض علي آخر الامبراطوريات في العالم. فمغادرة واشنطن لليونسكو كما سبق, تفسح المجال لعودة الهيمنة الفرنسية الثقافية مجددا. والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيظل الذئب الامريكي يعاند الإرادة الدولية, ام سيتراجع ؟. إن التجربة مع الولاياتالمتحدةالامريكية في حساباتها وفق نظرية المصالح, تشير الي امكانية تراجعها عن قوانينها, مثلما تراجعت عن وقف صرف اعانة السلطة الفلسطينية لان وقف المساعدات سيعزز من حالة الاحباط والكراهية, ويزيد من انتشار العنف, ما يشكل خطرا علي الاستقرار في الشرق والأوسط. إن هذا التراجع الامريكي يعد دليلا آخر علي انتصار الارادة الفلسطينية علي القوة والهيمنة الامبريالية الامريكية, وكذلك بالمثل لايمكن لواشنطن البقاء علي عرش الزعامة الدولية, اذا ما واصلت قطع مساعداتها المالية عن المنظمات الدولية, لان هناك من يتربص بذلك المقعد العلوي. ان المعركة الدبلوماسية التي يخوضها الفلسطينيون استطاعت ان توقع الذئب الامريكي في الفخ, بينما اصبح طائر الفينيق الفلسطيني يحلق فوق سماء الاممالمتحدة حتي وان اكلته الذئاب من قبل, ولو تعرض للحرق فيما بعد, فإنني أراه الان يعود مجددا وسيظل ينبعث ولن يكل او يمل حتي يعيش حرا طليقا. الكاتب والباحث السياسي