كشفت دراسات وإحصاءات صادرة عن مراكز متخصصة في البيئة عن أن كمية المخلفات الطبية في مصر تقدر بنحو75 مليون طن وهو رقم مفزع يتطلب حلا جذريا لاسيما أن هذه المخلفات تصدر الموت ليل نهار لاحتوائها علي مادة الديكستين التي تصيب الإنسان بأمراض فتاكة من بينها التخلف العقلي والسكر والسرطان وتظهر خطورتها علي الأطفال بسبب التخلص منها بطريقة غير علمية واللجوء إلي حرقها كوسيلة عاجزة لتحقيق الهدف بصرف النظر عن التداعيات الخطيرة. كل ذلك يحدث في وضح النهار وأمام أعين المسئولين.. المخلفات الطبية تسرق من المستشفيات وتباع لمصانع بير السلم ويعاد تدويرها مرة أخري في صورة حقن وشاش ورباط ضغط دون رقيب وكأن صحة المصريين سلعة تباع وتشتري, الأخطر أن النفايات الطبية تستخدم في تصنيع لعب الأطفال وحسب الدراسات فإن هذه اللعب تقتل سنويا ما يقرب من12 ألف طفل وتباع في المحلات وعلي الأرصفة بأسعار زهيدة, في الوقت الذي وصف فيه الخبراء المخلفات الطبية بالقاتلة وحملوا وزارتي الصحة والبيئة المسئولية كاملة لتقاعسهما في الحد من إعادة تدويرها. في البداية أكد أحد أطباء مستشفي قصر العيني رفض ذكر اسمه وجود عدد كبير من اصحاب المصانع التي تقوم بشراء مخلفات المستشفيات لإعادة تدويرها من جديد وبيعها في الاسواق وتحويلها إلي أكواب بلاستيكية وأطباق ومفارش ولعب أطفال, وهذه المصانع توجد في أماكن متفرقة عن بعضها أهمها في القليوبية ومنشية ناصر والمرج ومصر القديمة والبساتين وهذه المصانع هي التي تتعامل مع متعهدي القمامة والمخلفات بالمستشفيات لافتا إلي أنها باتت من أهم الكوارث التي تهدد صحة المواطنين لأن غالبيتها ملوثة وناقلة للعدوي وتوطن الامراض في المكان نفسه لأنها لا تلقي بعيدا عن المرضي وإنما تخزن في الطرقات بطريقة مكشوفة يتأثر بها الزائرون والمرضي معا. وأوضح أن الخطورة الأكثر حينما لا يتم التخلص من هذه النفايات بطريقة سليمة وآمنة فيأخذها جامعو القمامة من المستشفيات ليفرزوها في أماكن تجمع القمامة لبيعها والتربح منها. وكشف أحد أطباء مستشفي بولاق العام رفض ذكر اسمه عن طريقة التعامل في التخلص من النفايات قائلا إنه لايتم التخلص من مخلفات المستشفيات إلا في حالة وجود زيارة لمسئول من وزارة الصحة وفي الأيام الأخري يتم التخلص منها عن طريق إلقائها في شارع المستشفي في صنادق القمامة العادية مما يشكل خطورة كبيرة علي حياة المرضي والزائرين مطالبا وزارتي الصحة والبيئة بضرورة الاهتمام والمتابعة حتي لا تنتقل العدوي والحد من سرعة انتشارها مما يصعب السيطرة عليها, بالإضافة إلي منع هذه المخلفات عن متعهدي جمع القمامة لأنها قنبلة موقوتة يجب القضاء عليها. ويعلق الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء السابق قائلا إن الوضع الحالي للمحارق ليس الوضع الأمثل في ظل تعاقد الكثير من المستشفيات الخاصة أو الصغيرة أو العيادات مع مستشفي كبير لحرق هذه النفايات لافتا إلي أن هذا النظام ليس محكما حيث يتم نقلها بواسطة عربات مختلفة ولها مواصفات خاصة ويتم بطريقة معينة ويكون لها حامل خاص لمنع تسرب النفايات في الطرقات, بالإضافة إلي وجود نوعين من النفايات خطرة وعادية فالخطرة تتمثل في بقايا فضلات العمليات والبلاستيك ونقل الدم مؤكدا أن عمليات نقل الدم بها تجاوزات كثيرة تجعل هذه النفايات عرضه لتسربها إلي المتعهدين بالقمامة خاصة أنهم يقومون بدفع مبالغ لحارس النفايات باعتبارها ثروة ثمينة وهي تضم حقنا مستخدمة وشاشا وقطنا ويتم تصنيعها وبيعها في شكل أكواب وبلاستيكات. وأكد أن المحارق بوضعها الحالي ليست الطريقة المثالية للتخلص من النفايات ولكن يكون الاكتفاء بوضعها في محارق وتنتج عنها أدخنة ملوثة خاصة أن المحرقة تكون في وسط أو بجانب المستشفي وبها مواد كيماوية مثل مادة الديكستين الخطيرة جدا ولها مضاعفات شديدة وعند تصاعدها في الهواء تسبب أمراضا عديدة خاصة أن المحارق والمدافن يتم وضعها في أماكن غير مناسبة. وأضاف أن العالم بدأ يتجه إلي طريقة أخري للتخلص من النفايات وتم البدء في تطبيقها علي نطاق ضعيف يعتمد علي أن النفايات يتم فرمها في جهاز أوتوكلاف علي درجة ضغط جوي من10 إلي15 وحرارة300 درجة مئوية ويتم فرمها وإخراجها من جهاز التعقيم عبارة عن نفايات عادية مع المخلفات العادية ويتم دفنها وهي مكلفة مطالبا وزارة الصحة بضرورة التوسع في نظام الفرم علي نطاق واسع. ومن جانبه أكد الدكتور حسين خالد نائب رئيس جامعة القاهرة للدراسات العليا والبحوث وعميد معهد الأورام الأسبق أن النفايات الطبية في منتهي الخطورة لأنها تمس صحة المصريين وفي الوقت ذاته تقوم بإهدار ثروة مادية كبيرة مشيرا إلي أن الآلية التي يتم استخدامها في نقل مخلفات المستشفيات في مصر قاصرة جدا نظرا لعدم وجود محارق في كل المستشفيات والبعض الآخر لا يغطي كم المخلفات في حين أن القائمين بمسئولية المحارق غير مدربين أو مؤهلين بطريقة صحيحة لاستخدام هذه المخلفات بطريقة سليمة, بالإضافة إلي أن الأطباء والممرضات والكوادر الأخري غير مدركين لخطورة هذه الظاهرة ويتم التصرف فيها بالعشوائية. وأشار إلي وجود أشخاص ممن يسميهم عصابات خارج المستشفيات مهمتهم الأساسية الاستفادة من هذه المخلفات بالاتفاق مع ضعاف النفوس من العاملين بالمستشفيات خاصة أنهم يمتلكون جميع الحيل والقدرة علي إغرائهم مقابل شراء هذه المخلفات ويرجع ذلك إلي قلة وعي المواطنين بخطورة هذه المشكلة وتجاهلها بطريقة سطحية مؤكدا وجود محرقة في قصر العيني القديم ومعهد الأورام وكلية الطب البيطري ولكنها ليست كافية لتغطية هذا الكم الهائل من النفايات. وأوضح أنه يتم عمل نوع من المشروعات الدولية تقدم بعض المنح للحكومة للاستفادة منها وبعض المحارق تكون جزءا من معونة دولية في إنشاء محارق في بعض الأماكن ولكن يساء استخدام هذه المنح ويتم صرف جزء كبير منها علي تحديث البنية التحتية وتوفير الأجهزة اللازمة وتدريب العاملين ولكن يتم تسريب جزء كبير من هذه الميزانيات في صورة مكافآت أو حوافز لبعض العاملين في المكان ذاته. بينما أكد الدكتور حمدي عبد العظيم في دراسة حديثة له حول لعب الأطفال المغشوشة والمصنعة من المخلفات الطبية ومدي خطورتها علي حياة الأطفال ان حجم مبيعات ألعاب الأطفال يبلغ20 مليون جنيه سنويا ويعمل بها حوالي10 آلاف عامل ويبلغ حجم الاستيراد فيها15% وهذه الصناعة تلقي منافسة غير مشروعة من مصانع بير السلم التي تقوم بغش وتقليد المنتجات ذات السمعة الطيبة في السوق وبيعها بأسعار تصل إلي ربع ثمن المنتجات الأصلية. وأشار إلي أن السبب الرئيسي في زيادة حجم إنتاج مصانع بير السلم والغش في صناعة ألعاب الأطفال المصنعة من المخلفات الطبية يرجع إلي هذه الصناعة الخفية التي تحتاج إلي خامات ومعدات بسيطة ومساحات محدودة إلي جانب تهربها من ضريبة المبيعات.