«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغبار السرطانى فوق مصنع الموت في مصر
نشر في الدستور الأصلي يوم 30 - 09 - 2010

ٍٍ"الدستور" تتسلل خلف أسوار مصنع ( سيجوارت ) في القاهرة
الغبار السرطانى فوق مصنع الموت في مصر
هالة غبار مرعبة تظلل سماء مصنع مهجور يحتل ناصية شارع يحمل، لافتة من كلمتين «شارع سيجوارت»، و«سيجوارت» لمن لا يعرفه هو اسم مصنع الشركة المصرية للمواسير والمنتجات الأسمنتية، ويمتد بين أحياء حدائق حلوان والمعصرة بمحافظة حلوان، أصبح المصنع مهجوراً بعد أن كان في يوم من الأيام خلية نحل يعمل بها آلاف العمال منذ إنشائه في عشرينيات القرن الماضي لتصنيع مواسير مياه الشرب والصرف الصحي من خام الإسبستوس والتي لا تزال تستخدم حتي الآن في شبكات مياه الشرب في طول البلاد وعرضها علي الرغم من أنها ماده مسرطنة وشديدة الضرر، مما نتج عنه تزايد معدلات الإصابة بسرطان الرئة والغشاء البلوري المبطن لها بين المواطنين لتصل إلي 8 آلاف حالة جديدة سنويا حسب آخر إحصاء قومي للسرطان، أدت تلك التأثيرات الخطيرة إلي حظر استخدام الإسبستوس أو استيراده أو تصنيعه محلياً في عام 2004 نتيجة الضغوط التي مورست علي الحكومة آنذاك، بينما كان قد تم منعها في جميع دول العام المتقدم منذ منتصف الثمانينيات وبالتالي توقف المصنع عن العمل واتجه لتصنيع الفلنكات للسكك الحديدية والمواسير الفخارية، وعلي الرغم من توقف المصنع التابع لوزارة الاستثمار حتي الآن عن استخدام الإسبستوس المسرطن في منتجاته فإن خطره علي سكان المنطقة، خاصة من أطفال المدارس المتعددة التي تحيط بالمصنع، مازال قائماً وبشدة، خاصة وقد قادهم حظهم العاثر للوقوع بين شقي الرحي فإما استنشاق الإسبستوس المسرطن المتطاير في الهواء أو الموت اختناقاً بعوادم مصانع الأسمنت الخطيرة، وسعياً وراء الحقيقة خاضت «الدستور» أولي مغامرة صحفية داخل مصنع الإسبستوس بعد الاطلاع علي العديد من الأبحاث والدراسات التي أثبتت تلوث هواء تلك المنطقة بغبار خام الإسبستوس الأبيض القاتل (مادة تحتوي علي مجموعة معادن ليفية تستخدم في صناعة الأسطح العازلة بالمنازل والمواسير الخرسانية وفرامل السيارات ومواسير مياه الشرب لتحملها الضغط وعزلها الحرارة)، خاضت «الدستور» رحلة تجوال طويلة حول المصنع الشاسع المنقسم إلي جزءين شرقي وغربي يفصل بينهما شريط السكة الحديدية لقطار المترو ويحيط به أكثر من 6 مدارس حكومية وقطاع خاص، بالإضافة إلي معهد أزهري ابتدائي وآلاف المساكن الملاصقة، ثم استطاعت «الدستور» مغافلة العاملين القلائل المشغولين بالعمل في صناعة المواسير الفخارية وتكسير أحجار المادة الخام واستطعنا الدخول إلي المصنع من سور المصنع الغربي الخالية بعض أماكنه من الأسلاك الشائكة، ونظراً لخطورة استنشاق المادة المسرطنة نصح الأطباء لنا بضرورة الوقاية منها وكان من الضروري ارتداء ملابس الوقاية التي حصلنا عليها من إحدي الصيدليات قبل ذهابنا للمصنع والتي تمثلت في غطاء طبي للفم والأنف وقفازات وغطاء للأحذية لمنع تلوثها وبمجرد العبور داخل المصنع فاجأنا مشهد مثير للغاية:
فقد رصدنا تلالاً عالية من أتربة الإسبستوس البيضاء التي تشبه الأسمنت الأبيض ولكنها مليئة بالألياف وبداخل تلك التلال أطنان من مواسير المياه متعددة المقاسات أغلبها مكسور إلي قطع صغيرة منتشرة بأرجاء المصنع وكلما نشطت الرياح تأخذ في طريقها أكواماً من الغبار القاتل صوب الكتلة السكنية المحيطة بالمصنع والأخطر من تلك الأكوام غير المغطاة هو تلال القمامة ومخلفات الإسبستوس الموجودة بجوار سور المصنع والممتدة لأكثر من 2 كيلومتر بمحاذاة طريق الاتوستراد بينما يتصرف عمال المصنع بعدم اهتمام للخطر الموجود بكل ما يحيط بهم من مناضد وأسقف ومخلفات المواسير الضخمة التي يجلسون عليها للراحة!!
إلا أن المشهد المضحك المبكي لم يكن في لامبالاة العاملين بخطر مادة الإسبستوس المسرطن، وإنما في البيوت المحيطة بالمصنع التي صنعت أغلب أسقف أدوارها العليا من الإسبستوس لعزلها من حرارة الشمس!! خاصة تلك الواقعة بشارعي سيجوارت والبوسطة، وهو ما دفعنا إلي مغادرة المصنع إلي منازل السكان المحيطين به ولم تكن رحلة العودة بالسهولة ذاتها، خاصة مع ارتفاع سور المصنع عن الأرض، مما اضطرنا إلي الصعود علي مواسير الإسبستوس المكدسة حول السور والذي كان يشكل خطراً كبيراً، بالإصابة نظراً لتشقق وتصدع أغلب المواسير
شهادات مفزعة
بالخروج من «سيجوارت» إلي المناطق السكنية المحيطة بدء فصل درامي جديد خاصة مع تخوف الكثيرين من أصحاب المنازل المحيطة بالمصنع من الحديث، والذين تتفاوت درجات وعيهم وتعليمهم بشكل كبير، والذين اختلفت حكاياتهم حسب موقعهم من المصنع باختلاف موقع المصنع خاصة المحيطين بالجزء الغربي بالمعصرة والذي تحيط به مساكن أقرب للعشوائيات، بالإضافة إلي مدرستين وتلال من مخلفات الإسبستوس لا حصر لها يستنشقها الأطفال ذهابًا وإيابًا في طريقهم للمدارس اقتربنا من الأهالي وشرحنا لهم مهمتنا الصحفية بهدف تحذيرهم وحمايتهم من أخطار مصنع الإسبستوس ومخلفاته فبدأوا في الاستجابة وتوالت شهاداتهم المفزعة للثمن الغالي الذي دفعوه من صحتهم وفقدهم لأحبائهم لمجرد سكنهم بجوار مصنع الإسبستوس.
يروي عبد السلام حسين أحد ساكني شارع «سيجوارت» بحدائق حلوان قصته قائلا: سكنت بهذا الشارع أنا وأخي حامد منذ ما يقرب من 30 سنة وأسست فيما بعد بمشاركته مدرسة وحضانة أطفال بعد أن هدأت الانبعاثات التي كان يخرجها المصنع قديماً قبل إغلاق أجزاء كبيرة منه، وكان أخي الأصغر حامد مهندساً مدنياً نابغاً لدرجة أن كبري شركات المقاولات السعودية طلبته بالاسم وذهب وهو عمره 30 عاما ومكث هناك أكثر من 15 سنة وفي العام الأخير من حياته بدأ يشعر بآلام بالصدر وبدأت رحلة عذابه مع الأطباء والمستشفيات واشتبهوا في إصابته بالسل الرئوي إلا انه فور عودته إلي مصر تم تشخيصه في معهد الأورام علي أنه سرطان للغشاء البلوري إلا أنه كان في مرحلة متقدمة للغاية مما تتطلب إزالة أجزاء من الرئة ولكن المرض كان شرساً للغاية وانتشر في جميع أجزاء جسمه ولم يعش أكثر من 6 أشهر بعد اكتشاف المرض، وبصوت مختنق بالدموع قال حسين لم يمهله المرض حتي فرصة رؤية الشقة التي اشتريتها له بمدخراته التي ظل يرسلها علي مدار 15 سنة وقال حسين إن هناك العديد من الوفيات والإصابات بمرض سرطان الغشاء البللوري بالمنطقة، مما اضطر السكان إلي بيع بيوتهم ومغادرة المنطقة خاصة مع ظهور الإصابات بين صغار السن، وناشد عبد السلام المسئولين لإنقاذ أطفال المدارس المحيطين بالمصنع من خطورة غبار الإسبستوس المنتشر بالجو نتيجة انتشار مخلفات المصنع حوله، بالإضافة إلي صناعة أغلب أسطح المنازل بالمنطقة من ألواح الإسبستوس، وكذلك سطح المصنع ذاته.
أما صلاح الديروطي أحد عمال مصنع «سيجوارت» السابقين، فقال: المصنع أنشئ من 70سنة واشتراه الخواجة الإنجليزي «سيجوارت» من أحد التجار اليهود والذي غادر مصر، ووالدي هو من أحضرني للعمل بالمصنع وعملت بالمصنع لأكثر من 35 عاما كنا خلالها نطحن الإسبستوس باستخدام أرجلنا قبل ظهور الخلاطات لصناعة الألواح الخرسانية والمواسير وشاهدت الكثير من زملائي يمرضون بأمراض صدرية ولم نكن نعرف حقيقتها و«كان اللي بيتعب نقول ده جاله إسبستوس» ومع تزايد الحالات كانت عيادات التأمين الصحي تقوم بفحص المرضي وتحويلهم لأعمال إدارية خفيفة ولكني لم أتأثر بالمرض ومع تصفية الشركة بعد إغلاق خطوط إنتاج الإسبستوس خرجت من الخدمة وعملت في إحدي المدارس الخاصة، خاصة بعد تشريد أكثر من 3 آلاف عامل نتيجة خفض معدل العمالة وإغلاق خط إنتاج المواسير والبدء في تصفية المصنع، وحذر الديروطي من وجود مخزون كبير من المواسير والمواد الخام بداخل المصنع غير مستغل، لافتا إلي أنه في حال تصفية المصنع نهائياً سيتم تفكيكه وبيعه خردة ولن يتم دفنه أو التخلص منه بشكل آمن لتحقيق أقصي عائد من تصفيته وهو ما يعني انتشار الأمراض السرطانية بين المواطنين لقيام تجار الخردة بغسل ألواح الإسبستوس وتنظيفها وإعادة بيعها للمواطنين!!
دراسات وإحصائيات :
الدكتورة نيللي حسن أستاذ ورئيس قسم الإحصاء الطبي ووبائيات الأورام بالمعهد القومي للأورام التابع لجامعة القاهرة أحد أكثر العلماء خبرة بإخطار الإسبستوس في مصر والشرق الأوسط استطاعت بين عامي 2004 و2008 إجراء دراسات تعد الأولي من نوعها حول أخطار زيادة تركيزات ألياف الإسبستوس في الهواء علي الإنسان في مختلف المناطق الصناعية.
وقد أثبتت الدراسات التي اعتمدت علي تحليل عينات من الهواء والتربة وجود نسب عالية من ألياف الإسبستوس في هواء مناطق كل من حدائق حلوان والمعصرة بحلوان خاصة المنطقة المحيطة بمصنع «سيجوارت» ومدينة العاشر من رمضان أمام أحد مصانع تيل الفرامل، بالإضافة إلي مصانع المواسير الموجودة بعزبة عثمان بشبرا وبرج العرب، من جانبها تؤكد الدكتورة نيللي حسن وجود تركيزات لألياف الإسبستوس في المناطق المذكورة تفوق الحدود الآمنة والمسموح بها محليا وعالميا بشكل كبير( الحدود الآمنة بحسب وكالة حماية البيئة الأمريكية حدود تركيزات الإسبستوس وهي 7 ملايين من الألياف لكل لتر من الماء في حالة الألياف الطويلة (طوال أكبر من أو تساوي 5 ميكرون( بينما وضعت إدارة الصحة والسلامة المهنية الأمريكية « oshaحدودها ب 100000 من الألياف بأطوال أكثر من أو يساوي 5 ميكرومتر « f/cc lلكل متر مكعب في الهواء الموجود في العمل لكل 8 ساعات و40 ساعة أسبوعياً».
وقالت حسن إنه مع عمل تلك المصانع كان تظهر العديد من حالات الإصابة بسرطان الغشاء البللوري بين العمال والذين كانوا يترددون بكثافة علي المعهد ومع توقف بعض المصانع عن العمل مثل مصنع «سيجوارت» بدا سكان المناطق المحيطة يعانون من الإصابة بالتليف الرئوي وسرطان الغشاء البللوري خاصة مع ترك مخلفات المصنع التي نحتوي علي خام الإسبستوس الأبيض في الهواء ومعرضة لنشاط الرياح المستمر والتي ينشرها بين السكان من الجنسين مما أدي إلي ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان بين النساء أيضا بينما كان في السابق ملحوظا بصورة مرتفعه بين الرجال بالإضافة إلي وجود مدارس للأطفال بجوار تلك المخلفات الخطرة والتي تهدد بانخفاض معدل أعمار الإصابة بالسرطان الرئوي وذلك للتعرض لغبار الإسبستوس في سن مبكرة وهو ما يشكل كارثة بيئية وإنسانية علي سكان تلك المنطقة والمناطق المشابهة والتي يوجد بها كثافة سكانية عالية.
وأشارت الدكتور نيللي إلي أنه باستمرار تتآكل بقايا مواسير الإسبستوس الموجود داخل وحول المصنع نتيجة العوامل الجوية فإنها تنشر أليافها أو ما يطلق عليه الفايبر fiber، الذي لا يمكن رؤيته بالعين المجردة والذي يستقر في أعماق الرئة لسنوات طويلة تتراوح مابين 15 إلي 30 عاما قبل أن يتسبب مع التعرض المستمر إلي الإصابة بسرطان الغشاء البلوري بشرط وجود الاستعداد الوراثي وهو من أنواع السرطانات العنيفة سريعة الانتشار والتي تظهر أعراضه في مراحله المتقدمة وبمجرد بدء المريض الشكوي منه فإن ذلك يعني أن عمره المتبقي في الحياة أصبح قصيرا للغاية، حيث إن الخلايا السرطانية تكون قد انتشرت في مختلف أجزاء الجسم بعد أن تكون قد دمرت الرئة ويتبقي أمام المريض فترة حياة تتراوح مابين 4 إلي 6 أشهر فقط، وعن استخدام الإسبستوس عالميا تقول الدكتورة نيللي إنه في الوقت الذي تترك مصر فيه المواد الخام ومواسير الإسبستوس في الهواء لتنشر سمومها في الجو تم حظر استخدام تلك المادة عالميا بجميع الدول المتقدمة وحتي النامية بينما تقوم الدول القليلة التي تريد استخدامه بالتعامل معه في محيط معزول تماما عن الهواء الخارجي وبحذر شديد باستخدام الروبوت أو الإنسان الآلي مثل المواد المشعة لتفادي خطورته علي الإنسان، لافتة إلي أن آخر رصد للمصانع العاملة بالإسبستوس في 2004 أثبت وجود ما يقرب من14 مصنعا مازالت تتعامل بالإسبستوس.
فيما تؤكد الدكتورة داليا بلال أستاذ الأورام بقسم الإحصاء الطبي ووبائيات الأورام بالمعهد القومي للأورام أن خطورة ألياف الإسبستوس المتطايرة بالجو لا تقتصر علي الأماكن الملاصقة للمصانة وإنما تمتد علي مدار دائرة يصل قطرها إلي ما يتراوح مابين 5 إلي 7 كيلو مترات، وهو ما يشكل تعريض عدد أكبر من سكان تلك المناطق لسرطان الغشاء البلوري وهو ما يستوجب الدفن الآمن لتلك المخلفات تحت أعماق مناسبة من الأرض تتراوح مابين4 إلي 5 متر مع وضع كتلة من الخرسانة عليها.
فيما يؤكد الدكتور حمدي عبد العظيم أستاذ علاج الأورام بجامعة القاهرة أن تزايد معدلات الإصابة بسرطان الغشاء البلوي لتصل إلي 8 آلاف حالة جديدة سنويا يرجع في الأساس لاستخدام مادة الإسبستوس المحرمة دوليا والتي تم منع استخدامها في جميع دول العالم والتي للأسف توسعنا في صناعتها في الثمانينيات مما أدي إلي تزايد معدلات الإصابة بالسرطان، وقال عبد العظيم أصبح من غير المقبول إنسانيا التعامل بتلك المواد الخطرة للضرر الكبير الذي تهدد به الأجيال القادمة مشيراً إلي ضرورة اتخاذ قرار سيادي بوقف التعامل بالإسبستوس والتخلص الآمن من مصانعها.
تحذيرات الصحه العالمية
يبقي أخيرا الإشارة إلي الدراسات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية التي تؤكد فيها أن جميع أشكال الإسبستوس مواد مسرطنة بالنسبة للبشر، وقد تتسبّب في الإصابة بسرطان الرئة وسرطاني الحنجرة والمبيض. لافتة إلي أن التعرّض لتلك المادة تسبب أيضا الإصابة بأمراض أخري، مثل داء الإسبستوس (تليّف الرئتين) وتحجر أغشية الرئتين. ويتعرّض نحو 125 مليون نسمة في جميع أنحاء العالم، حالياً، للإسبستوس في أماكن عملهم. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلي أنّ أكثر من 107000 نسمة يقضون نحبهم كل عام بسبب سرطان الرئة وورم المتوسطة وداء مادة الإسبستوس نتيجة التعرّض لتلك المادة في أماكن عملهم. وتشير التقديرات أيضاً إلي أنّ مادة الإسبستوس تقف وراء ثلث الوفيات الناجمة عن أنواع السرطان التي تحدث جرّاء التعرّض لعوامل مسرطنة في مكان العمل. كما تشير التقديرات إلي إمكانية إرجاع آلاف من الوفيات التي تحدث كل عام إلي حالات التعرّض للإسبستوس في البيت.
يذكر أن النظام القانوني الفيدرالي في الولايات المتحدة العديد واجه العديد من الدعاوي القضائية المتعلقة باستخدام الإسبستوس، والتي في الغالب ما تتضمن العديد من المدعين مع أعراض متشابهة.
سُجل في عام 1999 نحو 200.000 قضية معلقة في المحكمة الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية ضد الشركات المصنعة للإسبستوس
وكذلك، أشارت التقديرات إلي أنه في غضون ال 40 عاماً القادمة سوف تتضخم القضايا لتصل إلي سبعمائة ألف قضية في الولايات المتحدة وحدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.