رئيس الوزراء: الرئيس السيسى أكد على ضرورة ترسيخ مبدأ عرض الرأى والرأى الآخر    جنوب السودان ينفي خططا لإعادة توطين فلسطينيين على أراضيه    انتشار حرائق الغابات بجنوب أوروبا.. وفاة رجل إطفاء وتضرر منازل ومصانع    شوبير: توقف مفاوضات تجديد تعاقد ديانج مع الأهلي    ضبط سائق توك توك اصطدم بفتاة في الإسكندرية    الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم يطرح رؤية "دبلوماسية الفتوى" في ختام المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    الصحة تستكمل المرحلة الرابعة من تدريب العاملين بمطار القاهرة على أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    وزير البترول يتابع تأمين إمدادات الغاز للكهرباء والاستهلاك مع ارتفاع درجات الحرارة    الغرف التجارية: تخفيضات الأوكازيون الصيفي تصل إلى 50%    محافظ الفيوم يبحث تطوير منظومة المتابعة والتقييم للمشروعات بالتعاون مع التنمية المحلية    انطلاق المرحلة الثانية للتقديم بمدارس تمريض قنا.. التفاصيل الكاملة    ندوة بإعلام العريش تطالب رجال الأعمال بتوفير فرص عمل للشباب    فيديو.. قافلة «زاد العزة» ال14 تواصل إدخال مساعدات غزة رغم عراقيل الاحتلال    رئيس الوزراء يؤدي صلاة الجنازة على الدكتور علي المصيلحي بمسجد الشرطة    روبيو: لا أفق للسلام في غزة مع بقاء حماس في السلطة    بن غفير: رئيس أركان الجيش يعارض احتلال غزة بشكل مهووس    رئيس الوزراء: "مصر لن تغفل حقها في مياه نهر النيل فهي مسألة حياة للمصريين"    موراتا: متحمس لبدء مشواري مع كومو    نور اسلام وغزل محمود تحرزان ذهبية تتابع السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث    بالمواعيد.. تعرف على مباريات ربع نهائي بطولة العالم لليد تحت 19 عامًا    طارق السعيد يكشف سبب غياب إسماعيل مسعود عن الأفروباسكت    مدبولي: من الممكن أن يحدث خفض إضافي بالأسعار خلال الفترة المُقبلة    وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعاتها للطلب على النفط الخام    «شرم الشيخ للمسرح» يعلن تفاصيل مسابقة عصام السيد في دورته العاشرة    أحمد حاتم يعيش قصة حب مع مرام علي في «العند»    كنوز| طفولة «المازنى» مع العفاريت وأمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة !    هذه الأبراج دائما مشغولة ولا تنجز شيئا ..هل أنت واحد منهم؟    تفاصيل توقيع بنك القاهرة وجهاز تنمية المشروعات عقدين ب 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر.. صور    استجابة سريعة.. محافظ أسيوط يوجه بعلاج رضيعة تعاني من مشكلة بالشريان    الأكبر في صعيد مصر.. افتتاح وحدة العلاج الإشعاعي الجديدة بمستشفى أورام المنيا الجامعي    محافظ المنوفية يفاجئ مكتب صحة الباجور للتأكد من انتظام سير العمل    "تراجع المستعمل لا يتوقف".. بيجو 301 موديل 2020 ب570 ألف جنيه    مفتي القدس: مصر تسعى جاهدة لتوحيد الصفوف وخدمة القضية الفلسطينية والوصول بها إلى برِّ الأمان    "المتحدة" تطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    القائمة بأعمال وزيرة البيئة تتابع آخر مستجدات العمل بمصرف المحيط بالمنيا    شروط تقليل الاغتراب لأبناء مطروح الناجحين فى الثانوية العامة    وزارة الرياضة: نسعى لمنظومة خالية من المنشطات.. ونراقب عقوبات الجماهير وعقود اللاعبين    عارضة أزياء عن أسطورة ريال مدريد السابق: «لا يستحم».. ونجم كرة القدم: انتهازية (تفاصيل)    حقق إجمالي 141 مليون جنيه.. تراجع إيرادات فيلم المشروع X بعد 84 يومًا    «مصر وطني الثاني».. راغب علامة ينهي أزمته مع نقابة الموسيقيين بعد لقاء مصطفى كامل    "خايف عليك من جهنم".. مسن يوجه رسالة مؤثرة لشقيقه من أمام الكعبة (فيديو)    كيف نخرج الدنيا من قلوبنا؟.. علي جمعة يضع روشتة ربانية للنجاة والثبات على الحق    بشروط صارمة.. «الإدارة الروحية الإسلامية» بروسيا يُجيز استخدام حقن «البوتوكس»    أوقاف سوهاج تختتم فعاليات الأسبوع الثقافى بمسجد الحق    «غربلة وتغييرات».. إعلامي يكشف قرار ريبيرو المفاجئ تجاه هؤلاء في الأهلي    مجلس الوزراء يوافق على إعفاء سيارات ذوى الإعاقة من الضريبة الجمركية    وزير الصحة يشكر النائب العام على سرعة الاستجابة في واقعة "مستشفى دكرنس"    3 أيام من البحث.. انتشال جثة مندوب أدوية غرق بعد انقلاب سيارته في ترعة بسوهاج    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يتفقد اختبارات الدارسين الخاتمين برواق القرآن    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    «الترويكا الأوروبية» تهدد بإعادة فرض عقوبات على إيران في هذه الحالة    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    الحماية المدنية تنقذ أهالي عقار قديم بعد سقوط أجزاء منه بالجمرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغبار السرطانى فوق مصنع الموت في مصر
نشر في الدستور الأصلي يوم 30 - 09 - 2010

ٍٍ"الدستور" تتسلل خلف أسوار مصنع ( سيجوارت ) في القاهرة
الغبار السرطانى فوق مصنع الموت في مصر
هالة غبار مرعبة تظلل سماء مصنع مهجور يحتل ناصية شارع يحمل، لافتة من كلمتين «شارع سيجوارت»، و«سيجوارت» لمن لا يعرفه هو اسم مصنع الشركة المصرية للمواسير والمنتجات الأسمنتية، ويمتد بين أحياء حدائق حلوان والمعصرة بمحافظة حلوان، أصبح المصنع مهجوراً بعد أن كان في يوم من الأيام خلية نحل يعمل بها آلاف العمال منذ إنشائه في عشرينيات القرن الماضي لتصنيع مواسير مياه الشرب والصرف الصحي من خام الإسبستوس والتي لا تزال تستخدم حتي الآن في شبكات مياه الشرب في طول البلاد وعرضها علي الرغم من أنها ماده مسرطنة وشديدة الضرر، مما نتج عنه تزايد معدلات الإصابة بسرطان الرئة والغشاء البلوري المبطن لها بين المواطنين لتصل إلي 8 آلاف حالة جديدة سنويا حسب آخر إحصاء قومي للسرطان، أدت تلك التأثيرات الخطيرة إلي حظر استخدام الإسبستوس أو استيراده أو تصنيعه محلياً في عام 2004 نتيجة الضغوط التي مورست علي الحكومة آنذاك، بينما كان قد تم منعها في جميع دول العام المتقدم منذ منتصف الثمانينيات وبالتالي توقف المصنع عن العمل واتجه لتصنيع الفلنكات للسكك الحديدية والمواسير الفخارية، وعلي الرغم من توقف المصنع التابع لوزارة الاستثمار حتي الآن عن استخدام الإسبستوس المسرطن في منتجاته فإن خطره علي سكان المنطقة، خاصة من أطفال المدارس المتعددة التي تحيط بالمصنع، مازال قائماً وبشدة، خاصة وقد قادهم حظهم العاثر للوقوع بين شقي الرحي فإما استنشاق الإسبستوس المسرطن المتطاير في الهواء أو الموت اختناقاً بعوادم مصانع الأسمنت الخطيرة، وسعياً وراء الحقيقة خاضت «الدستور» أولي مغامرة صحفية داخل مصنع الإسبستوس بعد الاطلاع علي العديد من الأبحاث والدراسات التي أثبتت تلوث هواء تلك المنطقة بغبار خام الإسبستوس الأبيض القاتل (مادة تحتوي علي مجموعة معادن ليفية تستخدم في صناعة الأسطح العازلة بالمنازل والمواسير الخرسانية وفرامل السيارات ومواسير مياه الشرب لتحملها الضغط وعزلها الحرارة)، خاضت «الدستور» رحلة تجوال طويلة حول المصنع الشاسع المنقسم إلي جزءين شرقي وغربي يفصل بينهما شريط السكة الحديدية لقطار المترو ويحيط به أكثر من 6 مدارس حكومية وقطاع خاص، بالإضافة إلي معهد أزهري ابتدائي وآلاف المساكن الملاصقة، ثم استطاعت «الدستور» مغافلة العاملين القلائل المشغولين بالعمل في صناعة المواسير الفخارية وتكسير أحجار المادة الخام واستطعنا الدخول إلي المصنع من سور المصنع الغربي الخالية بعض أماكنه من الأسلاك الشائكة، ونظراً لخطورة استنشاق المادة المسرطنة نصح الأطباء لنا بضرورة الوقاية منها وكان من الضروري ارتداء ملابس الوقاية التي حصلنا عليها من إحدي الصيدليات قبل ذهابنا للمصنع والتي تمثلت في غطاء طبي للفم والأنف وقفازات وغطاء للأحذية لمنع تلوثها وبمجرد العبور داخل المصنع فاجأنا مشهد مثير للغاية:
فقد رصدنا تلالاً عالية من أتربة الإسبستوس البيضاء التي تشبه الأسمنت الأبيض ولكنها مليئة بالألياف وبداخل تلك التلال أطنان من مواسير المياه متعددة المقاسات أغلبها مكسور إلي قطع صغيرة منتشرة بأرجاء المصنع وكلما نشطت الرياح تأخذ في طريقها أكواماً من الغبار القاتل صوب الكتلة السكنية المحيطة بالمصنع والأخطر من تلك الأكوام غير المغطاة هو تلال القمامة ومخلفات الإسبستوس الموجودة بجوار سور المصنع والممتدة لأكثر من 2 كيلومتر بمحاذاة طريق الاتوستراد بينما يتصرف عمال المصنع بعدم اهتمام للخطر الموجود بكل ما يحيط بهم من مناضد وأسقف ومخلفات المواسير الضخمة التي يجلسون عليها للراحة!!
إلا أن المشهد المضحك المبكي لم يكن في لامبالاة العاملين بخطر مادة الإسبستوس المسرطن، وإنما في البيوت المحيطة بالمصنع التي صنعت أغلب أسقف أدوارها العليا من الإسبستوس لعزلها من حرارة الشمس!! خاصة تلك الواقعة بشارعي سيجوارت والبوسطة، وهو ما دفعنا إلي مغادرة المصنع إلي منازل السكان المحيطين به ولم تكن رحلة العودة بالسهولة ذاتها، خاصة مع ارتفاع سور المصنع عن الأرض، مما اضطرنا إلي الصعود علي مواسير الإسبستوس المكدسة حول السور والذي كان يشكل خطراً كبيراً، بالإصابة نظراً لتشقق وتصدع أغلب المواسير
شهادات مفزعة
بالخروج من «سيجوارت» إلي المناطق السكنية المحيطة بدء فصل درامي جديد خاصة مع تخوف الكثيرين من أصحاب المنازل المحيطة بالمصنع من الحديث، والذين تتفاوت درجات وعيهم وتعليمهم بشكل كبير، والذين اختلفت حكاياتهم حسب موقعهم من المصنع باختلاف موقع المصنع خاصة المحيطين بالجزء الغربي بالمعصرة والذي تحيط به مساكن أقرب للعشوائيات، بالإضافة إلي مدرستين وتلال من مخلفات الإسبستوس لا حصر لها يستنشقها الأطفال ذهابًا وإيابًا في طريقهم للمدارس اقتربنا من الأهالي وشرحنا لهم مهمتنا الصحفية بهدف تحذيرهم وحمايتهم من أخطار مصنع الإسبستوس ومخلفاته فبدأوا في الاستجابة وتوالت شهاداتهم المفزعة للثمن الغالي الذي دفعوه من صحتهم وفقدهم لأحبائهم لمجرد سكنهم بجوار مصنع الإسبستوس.
يروي عبد السلام حسين أحد ساكني شارع «سيجوارت» بحدائق حلوان قصته قائلا: سكنت بهذا الشارع أنا وأخي حامد منذ ما يقرب من 30 سنة وأسست فيما بعد بمشاركته مدرسة وحضانة أطفال بعد أن هدأت الانبعاثات التي كان يخرجها المصنع قديماً قبل إغلاق أجزاء كبيرة منه، وكان أخي الأصغر حامد مهندساً مدنياً نابغاً لدرجة أن كبري شركات المقاولات السعودية طلبته بالاسم وذهب وهو عمره 30 عاما ومكث هناك أكثر من 15 سنة وفي العام الأخير من حياته بدأ يشعر بآلام بالصدر وبدأت رحلة عذابه مع الأطباء والمستشفيات واشتبهوا في إصابته بالسل الرئوي إلا انه فور عودته إلي مصر تم تشخيصه في معهد الأورام علي أنه سرطان للغشاء البلوري إلا أنه كان في مرحلة متقدمة للغاية مما تتطلب إزالة أجزاء من الرئة ولكن المرض كان شرساً للغاية وانتشر في جميع أجزاء جسمه ولم يعش أكثر من 6 أشهر بعد اكتشاف المرض، وبصوت مختنق بالدموع قال حسين لم يمهله المرض حتي فرصة رؤية الشقة التي اشتريتها له بمدخراته التي ظل يرسلها علي مدار 15 سنة وقال حسين إن هناك العديد من الوفيات والإصابات بمرض سرطان الغشاء البللوري بالمنطقة، مما اضطر السكان إلي بيع بيوتهم ومغادرة المنطقة خاصة مع ظهور الإصابات بين صغار السن، وناشد عبد السلام المسئولين لإنقاذ أطفال المدارس المحيطين بالمصنع من خطورة غبار الإسبستوس المنتشر بالجو نتيجة انتشار مخلفات المصنع حوله، بالإضافة إلي صناعة أغلب أسطح المنازل بالمنطقة من ألواح الإسبستوس، وكذلك سطح المصنع ذاته.
أما صلاح الديروطي أحد عمال مصنع «سيجوارت» السابقين، فقال: المصنع أنشئ من 70سنة واشتراه الخواجة الإنجليزي «سيجوارت» من أحد التجار اليهود والذي غادر مصر، ووالدي هو من أحضرني للعمل بالمصنع وعملت بالمصنع لأكثر من 35 عاما كنا خلالها نطحن الإسبستوس باستخدام أرجلنا قبل ظهور الخلاطات لصناعة الألواح الخرسانية والمواسير وشاهدت الكثير من زملائي يمرضون بأمراض صدرية ولم نكن نعرف حقيقتها و«كان اللي بيتعب نقول ده جاله إسبستوس» ومع تزايد الحالات كانت عيادات التأمين الصحي تقوم بفحص المرضي وتحويلهم لأعمال إدارية خفيفة ولكني لم أتأثر بالمرض ومع تصفية الشركة بعد إغلاق خطوط إنتاج الإسبستوس خرجت من الخدمة وعملت في إحدي المدارس الخاصة، خاصة بعد تشريد أكثر من 3 آلاف عامل نتيجة خفض معدل العمالة وإغلاق خط إنتاج المواسير والبدء في تصفية المصنع، وحذر الديروطي من وجود مخزون كبير من المواسير والمواد الخام بداخل المصنع غير مستغل، لافتا إلي أنه في حال تصفية المصنع نهائياً سيتم تفكيكه وبيعه خردة ولن يتم دفنه أو التخلص منه بشكل آمن لتحقيق أقصي عائد من تصفيته وهو ما يعني انتشار الأمراض السرطانية بين المواطنين لقيام تجار الخردة بغسل ألواح الإسبستوس وتنظيفها وإعادة بيعها للمواطنين!!
دراسات وإحصائيات :
الدكتورة نيللي حسن أستاذ ورئيس قسم الإحصاء الطبي ووبائيات الأورام بالمعهد القومي للأورام التابع لجامعة القاهرة أحد أكثر العلماء خبرة بإخطار الإسبستوس في مصر والشرق الأوسط استطاعت بين عامي 2004 و2008 إجراء دراسات تعد الأولي من نوعها حول أخطار زيادة تركيزات ألياف الإسبستوس في الهواء علي الإنسان في مختلف المناطق الصناعية.
وقد أثبتت الدراسات التي اعتمدت علي تحليل عينات من الهواء والتربة وجود نسب عالية من ألياف الإسبستوس في هواء مناطق كل من حدائق حلوان والمعصرة بحلوان خاصة المنطقة المحيطة بمصنع «سيجوارت» ومدينة العاشر من رمضان أمام أحد مصانع تيل الفرامل، بالإضافة إلي مصانع المواسير الموجودة بعزبة عثمان بشبرا وبرج العرب، من جانبها تؤكد الدكتورة نيللي حسن وجود تركيزات لألياف الإسبستوس في المناطق المذكورة تفوق الحدود الآمنة والمسموح بها محليا وعالميا بشكل كبير( الحدود الآمنة بحسب وكالة حماية البيئة الأمريكية حدود تركيزات الإسبستوس وهي 7 ملايين من الألياف لكل لتر من الماء في حالة الألياف الطويلة (طوال أكبر من أو تساوي 5 ميكرون( بينما وضعت إدارة الصحة والسلامة المهنية الأمريكية « oshaحدودها ب 100000 من الألياف بأطوال أكثر من أو يساوي 5 ميكرومتر « f/cc lلكل متر مكعب في الهواء الموجود في العمل لكل 8 ساعات و40 ساعة أسبوعياً».
وقالت حسن إنه مع عمل تلك المصانع كان تظهر العديد من حالات الإصابة بسرطان الغشاء البللوري بين العمال والذين كانوا يترددون بكثافة علي المعهد ومع توقف بعض المصانع عن العمل مثل مصنع «سيجوارت» بدا سكان المناطق المحيطة يعانون من الإصابة بالتليف الرئوي وسرطان الغشاء البللوري خاصة مع ترك مخلفات المصنع التي نحتوي علي خام الإسبستوس الأبيض في الهواء ومعرضة لنشاط الرياح المستمر والتي ينشرها بين السكان من الجنسين مما أدي إلي ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان بين النساء أيضا بينما كان في السابق ملحوظا بصورة مرتفعه بين الرجال بالإضافة إلي وجود مدارس للأطفال بجوار تلك المخلفات الخطرة والتي تهدد بانخفاض معدل أعمار الإصابة بالسرطان الرئوي وذلك للتعرض لغبار الإسبستوس في سن مبكرة وهو ما يشكل كارثة بيئية وإنسانية علي سكان تلك المنطقة والمناطق المشابهة والتي يوجد بها كثافة سكانية عالية.
وأشارت الدكتور نيللي إلي أنه باستمرار تتآكل بقايا مواسير الإسبستوس الموجود داخل وحول المصنع نتيجة العوامل الجوية فإنها تنشر أليافها أو ما يطلق عليه الفايبر fiber، الذي لا يمكن رؤيته بالعين المجردة والذي يستقر في أعماق الرئة لسنوات طويلة تتراوح مابين 15 إلي 30 عاما قبل أن يتسبب مع التعرض المستمر إلي الإصابة بسرطان الغشاء البلوري بشرط وجود الاستعداد الوراثي وهو من أنواع السرطانات العنيفة سريعة الانتشار والتي تظهر أعراضه في مراحله المتقدمة وبمجرد بدء المريض الشكوي منه فإن ذلك يعني أن عمره المتبقي في الحياة أصبح قصيرا للغاية، حيث إن الخلايا السرطانية تكون قد انتشرت في مختلف أجزاء الجسم بعد أن تكون قد دمرت الرئة ويتبقي أمام المريض فترة حياة تتراوح مابين 4 إلي 6 أشهر فقط، وعن استخدام الإسبستوس عالميا تقول الدكتورة نيللي إنه في الوقت الذي تترك مصر فيه المواد الخام ومواسير الإسبستوس في الهواء لتنشر سمومها في الجو تم حظر استخدام تلك المادة عالميا بجميع الدول المتقدمة وحتي النامية بينما تقوم الدول القليلة التي تريد استخدامه بالتعامل معه في محيط معزول تماما عن الهواء الخارجي وبحذر شديد باستخدام الروبوت أو الإنسان الآلي مثل المواد المشعة لتفادي خطورته علي الإنسان، لافتة إلي أن آخر رصد للمصانع العاملة بالإسبستوس في 2004 أثبت وجود ما يقرب من14 مصنعا مازالت تتعامل بالإسبستوس.
فيما تؤكد الدكتورة داليا بلال أستاذ الأورام بقسم الإحصاء الطبي ووبائيات الأورام بالمعهد القومي للأورام أن خطورة ألياف الإسبستوس المتطايرة بالجو لا تقتصر علي الأماكن الملاصقة للمصانة وإنما تمتد علي مدار دائرة يصل قطرها إلي ما يتراوح مابين 5 إلي 7 كيلو مترات، وهو ما يشكل تعريض عدد أكبر من سكان تلك المناطق لسرطان الغشاء البلوري وهو ما يستوجب الدفن الآمن لتلك المخلفات تحت أعماق مناسبة من الأرض تتراوح مابين4 إلي 5 متر مع وضع كتلة من الخرسانة عليها.
فيما يؤكد الدكتور حمدي عبد العظيم أستاذ علاج الأورام بجامعة القاهرة أن تزايد معدلات الإصابة بسرطان الغشاء البلوي لتصل إلي 8 آلاف حالة جديدة سنويا يرجع في الأساس لاستخدام مادة الإسبستوس المحرمة دوليا والتي تم منع استخدامها في جميع دول العالم والتي للأسف توسعنا في صناعتها في الثمانينيات مما أدي إلي تزايد معدلات الإصابة بالسرطان، وقال عبد العظيم أصبح من غير المقبول إنسانيا التعامل بتلك المواد الخطرة للضرر الكبير الذي تهدد به الأجيال القادمة مشيراً إلي ضرورة اتخاذ قرار سيادي بوقف التعامل بالإسبستوس والتخلص الآمن من مصانعها.
تحذيرات الصحه العالمية
يبقي أخيرا الإشارة إلي الدراسات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية التي تؤكد فيها أن جميع أشكال الإسبستوس مواد مسرطنة بالنسبة للبشر، وقد تتسبّب في الإصابة بسرطان الرئة وسرطاني الحنجرة والمبيض. لافتة إلي أن التعرّض لتلك المادة تسبب أيضا الإصابة بأمراض أخري، مثل داء الإسبستوس (تليّف الرئتين) وتحجر أغشية الرئتين. ويتعرّض نحو 125 مليون نسمة في جميع أنحاء العالم، حالياً، للإسبستوس في أماكن عملهم. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلي أنّ أكثر من 107000 نسمة يقضون نحبهم كل عام بسبب سرطان الرئة وورم المتوسطة وداء مادة الإسبستوس نتيجة التعرّض لتلك المادة في أماكن عملهم. وتشير التقديرات أيضاً إلي أنّ مادة الإسبستوس تقف وراء ثلث الوفيات الناجمة عن أنواع السرطان التي تحدث جرّاء التعرّض لعوامل مسرطنة في مكان العمل. كما تشير التقديرات إلي إمكانية إرجاع آلاف من الوفيات التي تحدث كل عام إلي حالات التعرّض للإسبستوس في البيت.
يذكر أن النظام القانوني الفيدرالي في الولايات المتحدة العديد واجه العديد من الدعاوي القضائية المتعلقة باستخدام الإسبستوس، والتي في الغالب ما تتضمن العديد من المدعين مع أعراض متشابهة.
سُجل في عام 1999 نحو 200.000 قضية معلقة في المحكمة الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية ضد الشركات المصنعة للإسبستوس
وكذلك، أشارت التقديرات إلي أنه في غضون ال 40 عاماً القادمة سوف تتضخم القضايا لتصل إلي سبعمائة ألف قضية في الولايات المتحدة وحدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.