ليست خافية مشاعر القلق التي تراها في عيون الناس, والتي تتحول إلي شيء من الخوف الحقيقي علي حاضر الوطن ومستقبله, كلما تصاعدت سخونة المظاهرات والاعتصامات. وانتشرت ظاهرة الاعتداءات علي الممتلكات العامة والخاصة بقصد واضح, هو نشر إحساس كاذب بغياب الدولة والقانون. وما نتحدث عنه لا يتعلق بالمطالب السياسية التي خفت صوتها في الآونة الأخيرة, في إشارة إيجابية تشير لإدراك متزايد بأن مصر لا تتحمل المزيد من الضغوط الآن, ولكن ما يثير الحيرة والتساؤل ذلك التزامن المقصود لتعطيل المصالح, علي الرغم من التجاوب الحكومي لبحث تلبية المطالب لكل الفئات خلال فترة زمنية معقولة وليس الآن وفورا, كما ترتفع الصرخات والاحتجاجات. وأيا كانت صحة التقارير التي تؤكد وجود من يقوم بالتحريض والتمويل لهذه الاحتجاجات, إلا أن الأمر المفهوم والواضح هو وجود الفريق الثالث الحريص علي عرقلة المسيرة, بل وإشعال النار في الوطن, حتي لا تفتح ملفاته وتأتيه لحظة الحساب الحتمية المقبلة. هذا الفريق الثالث يمتلك إمكانات هائلة تستطيع افتعال الأزمات والمشكلات التي تشغل الجميع وتثير الغبار حتي تصعب رؤية الطريق نحو الأهداف الحقيقية التي ينبغي العمل من أجلها. الملايين من المصريين الذين خرجوا إلي الشوارع والميادين في ثورة يناير كانوا يستهدفون النظام وليس الدولة ولا يخطر ببال مصري واحد أن يهدم بلده مهما تكن أسباب ومبررات الغضب والاحتجاج. ولكن الفريق الثالث الذي استطاع جمع الأموال الطائلة لن يضيره تخصيص الجزء الأكبر منها لإغراق القارب بما فيه سعيا لطمس مسرح جرائمهم التي ارتكبوها. ولكن تغيب عن هؤلاء حقائق أكدتها أحداث ماسبيرو الأخيرة والتي أوجعت قلوب المصريين جميعا دون استثناء, إلا أنها أثبتت مدي الوعي الشعبي حينما خلت الشوارع امتثالا للقرار الصائب بفرض حظر التجوال, فأجهضت الفتنة وخاب أملهم في حرب أهلية خططوا لها لإحداث وقيعة بين الشعب والجيش. وكم كانت الكلمات معبرة ورائعة علي لسان وفد الأزهر الذي قام بزيارة الكنيسة, مؤكدا أن تلك الأحزان ستكون الأخيرة للوطن. والأمنيات صادقة والعزيمة موجودة, وتبقي اليقظة واجبة وفي أعلي درجات الانتباه والاستعداد. [email protected]