قصة تركيا مع الزلازل فقد تعرضت منطقة انطاكية التركية في19 مايو من عام526 ميلادية لزلزال مروع اسفر عن مقتل اكثر من260 ألف شخص من سكان هذه المنطقة. وتشير الدراسات في هذا الصدد إلي ان عدد سكان مدينة انطاكية تقلص إلي300 ألف نسمة بعد وقوع هذا الزلزال وذلك بعد ان كان عدد سكانها اكثر بكثير من نصف مليون نسمة. واجمالا يقول العلماء إن الكرة الارضية تتعرض سنويا إلي نحو مليون زلزال, ولكن معظم هذه الهزات الأرضية لانشعر بها لكونها ضعيفة. ونحو80% من الزلازل العالمية الرئيسية تقع علي امتداد حزام طوق المحيط الهادي, ويعرف هذا الحزام باسم حلقة النار أو حزام النار لاحتوائه علي العديد من البراكين والزلازل ونشاطات جيولوجية اخري. ولكن في نفس الوقت تعرض العالم ومازال يتعرض لزلازل ذات قوة تدميرية مروعة تتسبب في إزالة مدن بكاملها وتحولها إلي انقاض. وقد يسفر عن الزلازل ظهور جبال أو وديان جديدة علي سطح الكرة الارضية بمرور الوقت, وقد يسفر عنها ظهور ينابيع مياه جديدة ونضوب اخري, كما انها قد تتسبب في حدوث موجات مد بحرية رهيبة أو تسونامي اذا ما وقعت في باطن البحار والمحيطات. عالم زلازل زلازل وتقاس قوة الزلازل بمقياس ريختر المؤلف من عشر درجات. ويؤثر بعد أو قرب مركز الزلزال وعمقه عن الموقع المتضرر علي القوة التدميرية لهذا الزلزال في هذا الموقع, اذ انه كلما كان هذا المركز قريبا وعمقه محدودا كلما كان تأثيره أشرس وأوسع نطاقا. وقد شهدت بداية القرن الحادي والعشرين هزات ارضية وزلازل عديدة ذات قوة تدميرية هائلة, كان اخرها الزلزال الذي ضرب شمال شرق اليابان في11 مارس الماضي. وبلغت قوة هذا الزلزال8.9 درجة علي مقياس ريختر تبعه زلزال اخر بقوة7.1 درجة ليتسببا في توليد امواج تسونامي بلغ ارتفاعها10 امتار وهي الامواج التي ضربت المدن والبلدات الساحلية الشرقيةاليابانية والحقت بها اضرارا بالغة للغاية حتي ان بعضها زال من الوجود تماما وبعضها تحول إلي اكوام من الانقاض, وبلغ حجم الخسائر البشرية بسبب هذه الكارثة الطبيعية حسب الاحصائيات الرسمية نحو5 آلاف قتيل كما تسبب الزلزال وموجات تسونامي اللاحقة له في وقوع انفجارات في محطة كهرباء فوكوشيما الذرية اليابانية مما ادي إلي تسرب إشعاعات نووية في منطقة واسعة من البلاد قد تصل إلي الدول القريبة منها علي غرار ماحدث في محطة تشرنوبل عام1986 بالاتحاد السوفيتي السابق. وتقول احصاءات الأممالمتحدة ان عدد الاشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب ظاهرة الزلازل خلال السنوات العشر الماضية يفوق عدد الضحايا الذين سقطوا بسبب اية كارثة طبيعية اخري غير الزلازل. وتقول هذه الاحصائيات ايضا ان مايقرب من60 المائة من الاشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب الكوارث الطبيعية خلال ألفترة بين عامي2000 و2009 قد قتلوا جراء زلازل ابتلي بها العالم, وذلك مقارنة مع22% بسبب العواصف والاعاصير, و11% بسبب تطرف درجات الحرارة. ونظرا لكون الزلازل تقع فجأة وخلال ثوان معدودة, فإن تأثيرها يكون فوريا علي صعيد ازهاق عدد اكبر من الارواح مقارنة بالكوارث الطبيعية الأخري الأبطأ مثل ألفيضانات والبراكين والعواصف والاعاصير وهي الكوارث التي يملك الاشخاص فيها بعض الوقت للاستعداد لها. وتعد موجات تسونامي التي انطلقت من المحيط الهندي اثر زلزال مروع وقوع تحت سطح هذا المحيط في عام2004, واودت بحياة أكثر من ربع مليون نسمة. الكارثة الطبيعية الأكثر فتكا بالبشرية خلال الألفية الجديدة حتي الآن. مدن علي كف عفريت والذي قد لايعرفه كثيرون ان ثمانية من مدن العالم العشر الأكثر اكتظاظا بالسكان تقع علي مايسميه علماء الجيولوجيا بخطوط الصدع التكتونية, اي في مناطق معرضة لوقوع زلازل قد تكون مروعة بشكل لم يسبق له مثيل. وهذه المدن هي العاصمة اليابانية طوكيو, والعاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي ومدينة نيويورك في الولاياتالمتحدة, ومدينة شنغهاي في الصين, والعاصمة الاندونيسية جاكرتا وثلاث مدن في الهند هي: مومباي وكلكتا والعاصمة نيودلهي. وافاد الموقع الالكتروني التابع للمنظمة الدولية للمخاطر الجيولوجية, جيوهازردز انترناشيونال وهي منظمة غير حكومية تعمل علي تعزيز مستويات السلامة من الكوارث ان الدول ألفقيرة هي أشد دول العالم معاناة من الخسائر التي تتسبب فيها الزلازل حيث انه منذ عام1900 حتي الآن تكبدت البلدان النامية اربعا من كل خمس وفيات ناجمة عن هذه الظاهرة الطبيعية. واضاف الموقع انه في عام1950 كان اثنان من كل ثلاثة اشخاص يسكنون مدنا مهددة بالزلازل يعيشون في البلدان النامية بينما ارتفعت هذه النسبة لتصبح تسعة من كل عشرة بحلول عام.2000 واضافت المنظمة ان الكثير من البلدان النامية لاتملك قواعد علمية ملزمة لبناء المباني أو لاتطبقها ان كانت موجودة فعلا, كما ان عدد الخبراء المتخصصين في علوم الأرض وهندسة الزلازل قليل في الدول النامية وتنقصه المعدات والتقنيات المطلوبة ومعزول عن غيره من الخبراء العالميين في هذا المجال. ولعل من الانباء المطمئنة في هذا الصدد ان الزلازل الكبيرة عادة لاتعاود ضرباتها ثانية إلا بعد مرور ما قد يصل إلي مائة سنة. زلازل الشرق الأوسط وللأسف فإن منطقة الشرق الأوسط ليست في مأمن من هذه النوعية من الكوارث فهناك علي حد قول العلماء خطوط صدع زلزالية تمتد من اثيوبيا مرورا بالبحر الأحمر ثم خليج العقبة وصولا إلي جنوب لبنان ووادي البقاع. ويصنف جنوب لبنان علي سبيل المثال ضمن المنطقة الثالثة والرابعة علي مقياس علمي مختص بتكرار وشدة الزلازل المتوقعة وهو ما يوازي هزات تصل شدتها إلي7.5 درجة علي مقياس ريختر. وكان اخر زلزال كبير قد ضرب المنطقة هو ذلك الذي وقع في عام1759 بشدة بلغت سبع درجات علي مقياس ريختر وأدي إلي مقتل أربعين ألف شخص في بيروت ودمشق, ويتوقع الخبراء حدوث زلازل كبري علي خط هذا الصدع كل250 إلي300 عام. لكن الخبراء يقولون ان هذا الكلام لايعني قطعا ان هذه المنطقة من العالم علي موعد قريب مع زلزال هائل. اكثر من ذلك فان هناك من يحذر من ان مشروع ربط البحر الأحمر بالبحر الميت يمكن ان يتسبب في زيادة احتمالات وقوع زلازل في المنطقة وهو الأمر الذي دفع كثيرين إلي المطالبة بعدم التسرع في دراسة جدوي هذا المشروع الخطير. وهذه الدعوات موجودة حتي في إسرائيل ذاتها حيث قال نيتزان هورويتز, وهو عضو في البرلمان الإسرائيلي ورئيس لجنة انقاذ البحر الميت في بيان صادر عنه: اننا ندعو حكومة إسرائيل لوقف الاعمال علي قناة الاحمر البحر الميت حتي الانتهاء من دراسة الجدوي وبحث الآثار المحتملة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.. كما ندعو إلي المزيد من البحث عن حلول بديلة لانقاذ البحر الميت. ويهدف مشروع البحر الاحمر/ البحر الميت إلي مد180 كلم من الانابيب من البحر الأحمر نحو البحر الميت. وستمكن هذه القنوات من ضخ نحو1.8 مليار متر مكعب من المياه سنويا من البحر الأحمر في البحر الميت المهدد بالنضوب, وستتم تحلية800 مليون متر مكعب منها لتوفير مياه الشرب لإسرائيل والاردن والسلطة ألفلسطينية في حين سيتم ضخ مليار متر مكعب في السنة في البحر الميت الذي بدأت مياهه تجف بسرعة في العقود الأخيرة. وتشمل دراسة الجدوي الخاصة بمشروع البحر الاحمر البحر الميت كلا من الاردن وإسرائيل والسلطة ألفلسطينية ويشرف عليها البنك الدولي, غير ان بعض العلماء يرون ان الضخ الهائل من حافة خليج العقبة الضيقة قد يغير النظام البيئي بالاضافة إلي ان مسار خط الانابيب يمر عبر منطقة نشاط المياه الجوفية عن طريق تسرب مياه البحر إليها. زلزال في إسرائيل يأتي ذلك في الوقت الذي تخشي فيه إسرائيل اصلا من حدوث زلزال كبير فيها, وقال يافيم جيترمان من دائرة رصد الزلازل في معهد اللد الجيوفيزيائي الإسرائيلي ان هذا الزلزال قد يقع غدا أو بعد اعوام مشيرا إلي انه استنادا إلي الاحصاءات فإن زلزالا بقوة ست درجات قد يقع في المنطقة كل80 عاما. ويعود اخر زلزال قوي وقع في هذه المنطقة إلي11 يوليو من1927 وبلغت قوته6.2 درجة. كيف تحدث الزلازل تحدث الزلازل عندما تنكسر الصخور المكونة للقشرة الأرضية وتتزحزح مطلقة كمية من الطاقة في شكل ذبذبات تسمي الموجات الزلزالية, وتسمي النقطة الواقعة داخل القشرة الارضية التي تنكسر فيها الصخور اولا, ببؤرة الزلزال, وتسمي النقطة المقابلة من سطح الأرض التي تقع مباشرة فوق بؤرة الزلزال ببؤرة الزلزال السطحية أو مركز الزلزال, تقع معظم الزلازل علي طول امتداد الصدوع الزلزالية الشهرية, والصدع الزلزالي عبارة عن كسر يحدث في صخور قشرة الأرض, وتحدث معظم الصدوع تحت سطح الأرض, لكن بعض الصدوع مثل صدسان اندرياس في ولاية كاليفورنيا بالولاياتالمتحدة يشاهد فوق سطح الأرض, وتقع بؤرة معظم الزلازل علي عمق اقل من70 كم تحت سطح التربة, إلا ان اعمق البؤرات المعروفة تكون عند عمق700 كم تحت سطح الأرض. وحسب مقياس ريختر يمكن تصنيف قوة الزلازل علي النحو التالي: من1 إلي4 زلازل قد لاتحدث اية اضرار اي يمكن الاحساس بها فقط. من4 إلي6 زلازل متوسطة الاضرار قد تحدث ضررا للمنازل والمنشآت اما الدرجة القصوي اي من7 10 فيستطيع الزلزال فيها تدمير مدن بأكملها. ورغم انه من الصعوبة بمكان ان لم يكن من المستحيل التنبؤ بالهزات الأرضية, لكن هناك حلولا مبدئية لهذه المشكلة تتمثل في المباني المجهزة للحد من خسائر الزلازل, وهي مبان يقول خبراء ان كلفتها قد لاتزيد إلا بنسبة واحد في المائة من كلفة المباني العادية.