من خلال رصد أهم مشكلات الإدارة المصرية وتحدياتها والتي ساعد علي تفاقمها المناخ السياسي والاقتصادي والثقافي الذي أفرزته سياسات النظام البائد وممارساته. نعرض اليوم لقضية التدريب والتنمية من خلال رصد لواقع الممارسات التدريبية وتحديد أهم المثالب علي المستوي العام والمستوي المؤسسي, كما نرصد أهم الممارسات غير المهنية في سوق التدريب المصرية, وتشخيص أهم أسباب المشكلة محل الطرح, ونختم ببعض المقترحات التي قد تسهم في تحسين الممارسات التدريبية بما يؤدي إلي الارتقاء بأداء الإدارة في مصر. ويمكن صياغة مشكلة التدريب والتنمية في مصر بأن الممارسات التدريبية في الواقع المصري في مجملها لا تتوافق مع الممارسات التدريبية العلمية والمهنية. أي أن هناك فجوة بين الممارسات التدريبية الكائنة علي المستوي الكلي ءو الجزئي, وبين ما يجب أن يكون انطلاقا من أدبيات تنمية الموارد البشرية العصرية, والممارسات الرائدة في التجارب الدولية والمؤسسية. وهناك مجموعة من الأسباب التي تفسر وجود فجوة بين الممارسات الفعلية للتدريب في مصر وبين الممارسات العلمية الاخلاقية, ومن هذه الأسباب: 1 انخفاض قدرات المدربين, حيث أن الغالبية العظمي منهم غير مؤهلين علميا وتربويا ويعتمدون علي الخبرة فقط2 تنفيذ البرامج والدورات التدريبية بطريقة عفوية دون إجراء تحديد احتياجات تدريبية 3 رداءة المواد التدريبية غير المعدة علي معايير جودة تصميم وإخراج المواد التدريبية 4 انتشار الممارسات التدريبية غير المهنية, مثل سرقة المواد التدريبية والتغرير بالمتدربين, وادعاء ان المركز أو المدربين معتمدون.5 غياب استراتيجية قومية للتدريب تتوزع فيها الأدوار بين المراكز الحكومية والخاصة 6 التركيز علي استخدام الاساليب التدريبية التقليدية وأهمها المحاضرات مع قلة تطبيق الأساليب التفاعلية 7 نقص مخصصات التدريب مع سوء استخدامها وتنفيذ أنشطة اخري علي حساب موازنات التدريب 8 عدم الاهتمام بتقويم البرامج التدريبية وأن تم ففي كثير من الحالات يكون شكليا 9 تحول التدريب في مراكز الدولة خصوصا إلي عملية روتينية قليلة الجدوي لا تبرر النفقات 10 افتقار مجال التدريب والتنمية الإدارية إلي التقنين العلمي الموضوعي لمعايير النجاح والفعالية, ويعني ذلك غياب الأدوات اللازمة لتقويم فعالية أي مركز أو مؤسسة تدريبية في ضوء مجموعة من المعايير العلمية المحددة. وفي دراسة لي عن واقع التدريب في مصر في ظل تحرير تجارة الخدمات, تبين أن أكثر من90% من مراكز ومؤسسات التدريب المصرية ليس لديها القدرات المؤسسية التي تؤهلها للمنافسة مع مؤسسات ومراكز التدريب العالمية. وتفرز مشكلة التدريب والتنمية في مصر عددا من الآثار السلبية لعل من أهمها: قلة العائد علي الاستثمارات التدريبية, فقدان الثقة في مراكز ومؤسسات التدريب وزيادة عدم اقتناع الإدارة العليا بجدوي التدريب, طغيان الممارسات السلبية التي تطرد العملة الجيدة من التداول, وجعل المتدربين يركزون أكثر علي الشهادات بدلا من المهارات. ولمعالجة هذه المشكلة نقترح وضع استراتيجية للتدريب والتنمية تكون مرتبطة بخطط التنمية, علي أن تتولي الحكومة مراقبة تنفيذ هذه الاستراتيجية دون أن تقوم الحكومة بدور موفر الخدمة, ولكن تنظيم ومتابعة سوق التدريب بما يتيح شراكة بين القطاع الحكومي والقطاعين الخاص والأهلي, مع وجود جهة مسئولة عن مهنة التدريب تتولي وضع ميثاق للمهنة واصدار التراخيص, ومن النماذج المضيئة في السنوات الأخيرة والذي يعتبر تجربة رائدة ونموذجا للقياس المرجعي المركز القومي لتنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والقيادات التابع للمجلس الأعلي للجامعات. أستاذ إدارة الموارد البشرية بجامعة حلوان [email protected]