وكأن مصر تعيش علي الفتات وبدون المعونة يموت شعبها شيء يدعو للسخف بالتدخل في شئون المصريين وما بينهم. ولكني اتساءل من المسئول عن هذا واين عقول العقلاء من جهل الجهلاء؟ الا يجدر بنا ان نطبق القانون دون مواربة او تزيين للجريمة لنفادي مصر من الخطر الداهم يبدأ النجاح في الحياة عموما بخطوة لإعمال الفكرة الوليدة التي ربما تتبخر لولا اقتناصها في التو واللحظة عندما تتبادر للذهن فتصبح علي ارض الواقع عملا ابداعيا يسجل لنا أو علينا حسب فهم وثقافة متلقيه وايديولوجيتهم.. فالمصريون عبر تاريخهم الطويل مسلمون ومسيحيون يعيشون معا جنبا الي جنب رغم اختلاف الاديان ولم يكن بينهم منذ القدم علي الاطلاق فروق عرقية بل عاشوا نسيجا متجانسا يرتفعون بالمصلحة العامة فوق الاختلافات الدينية وربطتهم مصر برباط مقدس حتي في الملهاة والمأساة بأنواعها ليسجلوا تاريخ مصر الوطني معا, ولم يزايد احد علي وطنيته يوما ما فالجميع علي حد سواء, خاصة من بدايات الدولة المدنية الحديثة في عهد محمد علي والتي برزت فيها حقوق المواطنة لكل المصريين بلا تميز. وعلي الرغم من ذلك فإن الخطأ والصواب قائم فنحن بشر نخطئ ونصيب ولكن بمقدار جسامة الخطأ يكون الجهل الذي يفرق الغث من الثمين.. بين الجاهل والعاقل والعقلنة هنا في هذه الاشكالية تعني القدرة علي المزج والتجانس في توحيد الصف ازاء منطق الفرقة والتشتيت والقدرة علي تنمية الإرادة العامة لمجابهة الشخصنة والعنصرية ذلك هو النموذج الحداثي لمفهوم المزج والاندماج المتجانس للعنصر البشري المصري في الدولة المدنية الحديثة اذا كنا نريد حقا دولة مدنية دون هيمنة احزاب وشخصنتها للسلطة باسم الدين, ام ان الخطوة التي كللت بالنجاح بثورة25 يناير تجاه تحقيق هذا النموذج افسدتها قلة جاهلون؟ لتحقيق مآرب خاصة في حكم المجموع والتي بدأوها ببلطجة منذ احداث موقعة الجمل في ميدان التحرير. والذين رأيتهم بعيني وهم يشاركون فيها فلول النظام الفاسد حيث كنت وقتها اتجول واقوم في بعض الايام ونحن في ميدان التحرير بجمع القمامة. ساعتها وفي تمام الساعة الثانية والنصف عصرا تقريبا افجعتني اللحظة التي يقشعر جسمي منها عندما استعيد ذكراها في تلك اللحظة وجدت نفسي بين القادمين من جامع مصطفي محمود وبين المتظاهرين في ميدان التحرير ورأيت ساعتها من يعد وينفذ في الميدان لقدوم اللحظة السوداء في تاريخ مصر والتي اجتمع فيها الجاهلون علي فداحة الخطأ وصرت اصرخ وقتها ابعدوا هؤلاء.. ستحدث مجزرة ثم نظر لي احدهم وهم يمسكون بأيدي بعضهم البعض شذرا, وقال سلمية, سلمية, ثم نظر الآخر بسرعة البرق لمن هم خلفه واشار بإصبعه واذا بمجموعة متفرقة بالقرب من المتظاهرين ليسوا من نفس النسيج ووجوههم كانت غريبة علي الميدان يقذفون بالحجارة المعدة مسبقا الي مناطق متفرقة ناحية القادمين من مصطفي محمود فما كان منهم الا ان قالوا هم الذين بدأوا وهنا كانت اشارة البدء والتكنيك لبداية المجزرة لموقعة الجمل والحصان والتي ظلت حتي صباح اليوم التالي لتعبر عن مدي الخسة والجهل والتخلف. ومن هنا وضحت رؤية الانقسام بين الجهلاء والعقلاء, ثم تكررت نفس الأحداث بكنيسة امبابة بنفس السيناريو بنفس الأدوات ثم كنيسة اطفيح ثم احداث السفارة الإسرائيلية التي هي ابعد ما تكون اليها غير انها لإرهاق الجيش المصري, ثم دار الضيافة بالماريناب او ما شابه ليخرج شيخ ليثير الفتنة بان المسيحيين بدأوا في تعلية البناية المثارة حولها المشكلة, ثم يخرج قمص ليؤججها بألفاظ لاتخرج من رجل دين تجاه محافظ اسوان أيا ما كان قراره الذي من الممكن معالجته ومعاقبته للقرار غير الصائب وكذلك اخذ القمص نفسه للاسف يهدد ويتوعد المجلس العسكري باسلوب فاضح للتلويح بالحماية الخارجية والاحتماء بغير المصريين للمصريين فانفجرت المشكلة المفتعلة لتكون احداث ماسبيرو المفجعة والتي راح ضحيتها الي الان27 شهيدا واكثر من ثلاثمائة جريح من المصريين وبنفس السيناريو للبلطجة وبنفس الادوات المستخدمة القتل والحرق وفي كل مرة تعد المصيدة للوقيعة بين الجيش والشعب ثم الابتزاز ووضعه في وضعية حرجة كمتهم يدافع عن تهمة لم يقترفها ولكن هيهات فقد احكمت الخطة الدنيئة التي حاولوا بها النيل من شرف وطنيته في هذه الفترة المفصلية الدقيقة من تاريخ مصر المعاصر ليطل علينا اخرون كوزير خارجية هولندا المعروف بمعاداته للاسلام بقطع المعونات عن مصر البالغ قدرها300 مليون دولار وحماية الاقليات بالقوات الامريكية وقطع جزء من المعونة للاقليات ويذهب اخرون بالشكوي للاتحاد الاوروبي وكأن مصر تعيش علي الفتات وبدون المعونة يموت شعبها شيء يدعو للسخف بالتدخل في شئون المصريين وما بينهم. ولكني اتساءل من المسئول عن هذا واين عقول العقلاء من جهل الجهلاء؟ الا يجدر بنا ان نطبق القانون دون مواربة او تزيين للجريمة لنفادي مصر من الخطر الداهم ام اننا نتلكأ حتي تثبت الادانة بجلوس هؤلاء علي كرسي السلطة ام ان الدولة المدنية بات حلم الوصول اليها مستحيلا بفرضهم علي الساحة السياسية بلوائح وقوانين لا تخدم الصالح العام تجعلنا نخرج من فساد حال دون التقدم اعواما طويلة الي غوغائية الاقصاء والجهل ولغة القتل والمؤامرات بدلا من حرية التعبير وتفعيل حقوق المواطنة! لقد دفع المصريون الكثير من فلذات اكبادهم في ثورة يناير مسلمين ومسيحيين ومازالوا يدفعون ثمن الحرية ولكن من الصعب ان تذهب دماؤهم هدرا دون جدوي وسيظل الاحتقان في النفوس يعتمل بداخله الصديد ان لم يحاسب فالنجاح وارد كما الخطأ في السقوط ولكن بقدر وبحسابات العقلاء لقد أخطأ الكثيرون من حكام مصر في حق الشعب ولكنه رغم ذلك احبهم وغفر لهم الخطأ وترحم عليهم فلقد ادخل محمد علي لمصر نظاما معتدلا فكان بداية لعصر النهضة الذي اهتم فيه بالتعليم وبني فيه الجيش المصري وانشئت الاساطيل حتي انه ادهش العالم ودخلت التجارة والصناعة والزراعة ازهي عصورها وتهيأ المصريون للبعثات لدراسة العلوم والفنون وحكم انفسهم بانفسهم الا انه اخذت عليه الشدة لتمحور الحكم في شخصه والذي اضر بتلك التجربة الحضارية, فغفر له المصريون شدته وقسوته احيانا كأب يريد الوصول بأبنائه لبر الامان كما أخطأ جمال عبد الناصر بوضع ثقته الكاملة في قيادة الجيش بقرار الحرب في1967 م فكانت النتيجة الانسحاب غير المدروس دون علمه علي حد قول الراحل انور السادات في خطاب له فكانت الهزيمة فغفر له الشعب واعطاه الثقة من جديد لايمانه بزعامة ناصر وانجازاته ووطنيته. كما اخطأ انور السادات بوضع مبارك نائبا له, مما جلب لنا الفساد بانواعه وحال دون تقدم الامة وبتر الشرفاء من اجل ارضاء الجهلاء الذين مازالوا يعملون حتي اليوم بعد خلعه بنفس الايديولوجية الممنهجة لاغتيال الابرياء ومع ذلك غفر الشعب للسادات ومازال في نظره بطلا للسلام يرنو في حبه الكثيرون من الشعب المصري ومازال اسمه وناصر يرفع مع رايات الوطن لاخلاصهما وتفانيهما. من هنا اطالب المجلس العسكري الذي لانشك في اخلاصه ابدا بسرعة الافصاح عن هذه الايادي الخفية وبتر المعلنة منها واعمال القانون بشدة للمصداقية التي ستضاف لتاريخهكم المشرف فليس العيب ان نخطئ ولكن العيب الا نعترف بالخطأ ليتواري المخطئون فجيمعنا مصريون جهلاء وعقلاء وهذا قدر مصر في ابنائها ولكن خير الخاطئين هم التائبون.!!