عشر سنوات مرت بالأمس القريب علي إنشاء المجلس القومي للمرأة تحقق خلالها العديد من الإنجازات التي أعادت للمرأة المصرية الكثير من حقوقها الدستورية والاجتماعية المهدرة.لكن سقف الطموحات مازال عاليا وكبير جدا, وساحة المعركة مازالت مفتوحة علي مصراعيها ولا مجال لأي تراجع واستسلام مهما كانت الأسباب. هذا ما تؤكده الدكتورة فرخندة حسن الأمينة العامة للمجلس القومي للمرأة, ومعها كان الحوار التالي:
* بداية ما هو دور المجلس القومي للمرأة ؟ دوره هو النهوض بالمرأة وتفعيل دورها في المجتمع المصري وإعادة حقوق المرأة التي نصت عليها الشريعة الإسلامية والدستور والقانون, ورفع الظلم عنها ووقف التمييز ضدها, بالإضافة إلي إقامة مشروعات صغيرة للمرأة المعيلة, وتغيير بعض مواد القانون التي تميز بين المرأة والرجل في الحقوق.
*10 سنوات مرت علي إنشاء المجلس القومي فما تقييمك لهذه الفترة؟ لقد حقق المجلس طفرة نوعية في النهوض بالمرأة في جميع مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, لكننا لا ننكر أنه لا يزال المشوار طويلا للوصول إلي الأهداف المرجوة, فمنذ صدور القرار الجمهوري رقم90 لسنة2000 بإنشاء المجلس القومي للمرأة والعمل جاري لوضع مشروع خطة قومية للنهوض بالمرأة المصرية وحل مشكلاتها, وقد قدم المجلس من قبل العديد من المشروعات للمرأة في مختلف المحافظات, مثل مشروع المرأة المعيلة ومشروع محو الأمية ومشروع المشاركة السياسية ومشروع مناهضة التمييز والعنف ضد المرأة وغيرها من الأهداف التي تحققت.
* ماذا قدم المجلس للمرأة المعيلة؟ المجلس يولي اهتماما كبيرا للمرأة المعيلة باعتبار أنها تمثل نسبة كبيرة وتعتبر من أكثر شرائح المجتمع احتياجا للرعاية والمساندة حتي تتمكن من أداء دورها تجاه أسرتها ومجتمعها فقد قام المجلس بتدريب الجمعيات الأهلية في مختلف المحافظات للارتقاء بقدراتها وتأهيلها للتعامل مع السيدات المعيلات, حيث قدم المجلس قروضا مالية بدون فوائد للمرأة المعيلة في20 محافظة بعدد41 قرية, وقد غطي المشروع بعض محافظات الوجهين البحري والقبلي ومحافظات الحدود...تم بحث6593 حالة, نفذت منها5844 وجار تنفيذ749 حالة, وجدير بالذكر أن هناك عددا من الحالات تأثرت بمرض إنفلونزا الطيور وتقرر إعفاء هؤلاء السيدات من السداد وتعويضهن بمشروعات أخري.
* ما أهم إنجازات المجلس التي تحققت حتي الآن ؟ علي مدار السنوات العشر الماضية تحققت إنجازات ولا يمكن حصرها ولكني سوف اعرض نماذج فقط لها فمثلا تبني المجلس القومي للمرأة مشروعا جديدا لمحكمة الأسرة أسهم مع وزارة العدل في إعداد ومراجعة الصياغات القانونية الملائمة للقانون المنظم لإنشاء هذه المحاكم من خلال لجنته التشريعية, وقد صدر القانون رقم10 لسنة2004 بإنشاء محاكم الأسرة بما يكفل حل المنازعات الأسرية من خلال مكاتب تسوية المنازعات الأسرية وديا عن طريق التوفيق قبل اللجوء إلي القضاء, وقد الغي هذا القانون ولأول مرة طريق الطعن بالنقض في كل النزاعات الأسرية ليصبح التقاضي في مجال الأحوال الشخصية علي درجتين فقط, كما ان المجلس عمل جاهدا لاصدار القانون رقم11 لسنة2004 بإنشاء صندوق تامين الأسرة والذي يتبع بنك ناصر الاجتماعي ليكفل سداد ما يحكم به للزوجة أو المطلقة والأبناء من نفقات وأجور وما في حكمها كما ان المجلس نجح في وضع حل لمشكلة التمييز بين الأم والأب المصريين في نقل الجنسية إلي الأبناء, وشارك ضمن اللجنة المشكلة بوزارة العدل لتعديل قانون الجنسية المصرية لتحقيق المساواة الدستورية بين الأم المصرية والأب المصري في منح الجنسية لأبنائهما في حالة زواج الأم المصرية من أجنبي, وقد صدر تعديل قانون الجنسية بموجب القانون رقم154 لسنة2004 لتحقيق المساواة بين الأب والأم المصرية في حق منح الجنسية لأبنائهم, مع سريان أحكام هذا القانون بأثر رجعي, كما نجح المجلس القومي في رفع سن الحضانة لخمسة عشر عاما بالنسبة للذكور والإناث وقد وافق مجلس الشعب علي التعديل و صدر القانون رقم4 لسنة2005 بعد موافقة مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ونجح أيضا في رفع سن توثيق الزواج للفتاة إلي ثمانية عشر عاما وألزم الراغبين في الزواج بالفحص الطبي كشرط لتوثيق الزواج هذه فقط نماذج لنجاحات المجلس القومي للمرأة.
* وهل حصلت المرأة بذلك علي كل حقوقها الاجتماعية والسياسية ؟ لا بالطبع, فالمشوار طويل ولكن ما تحقق من إنجازات للمرأة ليس بالقليل حيث حصلت المرأة علي العديد من حقوقها السياسية مثل مشروع الكوتة وهو تخصيص64 مقعدا للمرأة في مجلس الشعب ابتداء من الدورة البرلمانية القادمة, كما تم تعيين المرأة في مختلف المجالات والمناصب القيادية واثبتت نجاحها.
* ماذا فعل المجلس القومي للمرأة في الحد من أمية الإناث ؟ بالفعل المشكلة كبيرة خاصة في المناطق العشوائية والأرياف ومحافظات الصعيد وهناك تمييز ضد الإناث في التعليم فمثلا قام المجلس بعمل مسح في محافظة الفيوم فكانت النتيجة ان41% من البنات غير متعلمات بينما النسبة للذكور10% بين الاطفال لمن هم في سن10 سنوات, لذلك قام المجلس بعمل خطة لمحو أمية100 ألف مواطن بالمحافظة خلال عام2009 بالتعاون مع جامعة الفيوم والهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار وجميع الجهات المعنية, وذلك من خلال مشروع' برنامج الفيوم تتغير' بعد ذلك تم تطبيق تجربة الفيوم علي محافظة القليوبية حيث تم حصر للأميين في مركز القناطر الخيرية وتحديد أعدادهم وأسمائهم ووصل عدد الأميين طبقا للحصر الذي أجراه المجلس الي56858, والمجلس يعطي اهمية كبري لمشروع محو الأمية لأنها تمنع المرأة من المشاركة السياسية.
* وماذا عن التمييز ضد المرأة, خاصة في بعض محافظات الصعيد والدلتا؟ إن المجلس بصدد مناقشة مشروع قانون يجرم حرمان الإناث من حقهن في الميراث, مؤكدة أن هذه الظاهرة التي وصفتها ب'غير العادلة' منتشرة ومستمرة بشكل واضح في قري ومدن الصعيد والوجه البحري وهناك اتفاق شفهي بين المجلس القومي للمرأة ووزارة الأوقاف علي التصدي لظاهرة حرمان الإناث من حقوقهن في الميراث, عن طريق الأئمة والدعاة داخل المساجد وفي خطب الجمعة, ورغم البدء في حملات التوعية الخاصة بهذا الشأن من الجانبين الديني والقانوني, فإن الظاهرة السلبية لا تزال مستمرة ومنتشرة'.
* من واقع مكتب شكاوي المرأة بالمجلس ما هي أكثر أنواع الشكاوي المقدمة؟ تلقي المجلس من خلال27 مكتبا لشكاوي المرأة في جميع محافظات الجمهورية منذ أول سبتمبر-2007 نحو(35097) شكوي تقريبا وقد تنوعت ما بين شكاوي الأحوال الشخصية والعمل وتنفيذ الأحكام ومعاشات الضمان الاجتماعي والتأمينات والعنف والجنسية والمشاركة السياسية وقد تركزت معظم الشكاوي في مجالين أساسيين هما: الشكاوي الخاصة بالمرأة العاملة والشكاوي الخاصة بالأحوال الشخصية.
* جرائم الخطف والاغتصاب ماذا فعل المجلس للتصدي لها؟ تقدم المجلس باقتراح لتعديل قانون العقوبات( المادة17) الخاصة بجرائم الاغتصاب والخطف وطالب بالغاء سلطة القاضي في تخفيف العقوبة حيث ينص قانون العقوبات علي عقوبة الاعدام ولكن تطبيق المادة17 من القانون يعطي للقاضي الحق في أن ينزل بالعقوبة درجة, ودرجتين, ويعطي أقل عقوبة بشكل جعلها غير رادعة.
* ما هي المشاكل والمعوقات التي تواجه المجلس؟ المشاكل التي تعوق عمل المجلس تتلخص في النظرة الذكورية ضدها والمفهوم الثقافي والعادات والتقاليد المتوارثة منذ الاجداد, ولكن المجلس يعمل جاهدا علي تجاوز تلك المعوقات وان الشريعة الاسلامية والدستور والقانون المصري تكفل حقوق المرأة ودور المجلس هو اعادة تغيير الثقافة المجتمعية ووقف التمييز ضد المرأة.
* وماذا عن قرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة برفض تعيين قاضيات في المجلس ؟ لقد مثل لنا صدمة كبيرة والمجلس أصدر بيانا يدين فيه قرار الجمعية العمومية لانه غير دستوري وحق غير مكتسب حيث إن من له الحق في التعيين هو المجلس الخاص, وان المجلس القومي للمرأة كان يساند الوقفات الاحتجاجية التي نظمتها المنظمات الحقوقية الأهلية امام مجلس الدولة, مشيرة إلي إن توصية المحكمة الدستورية أزالت اللبس حول من يملك القرار النهائي في التعيين, مؤكدة أن المرأة المصرية اثبتت نجاحها في العديد من المناصب المهمة وان المجلس الأعلي للهيئات القضائية وافق علي تعيين المرأة في القضاء ويوجد حاليا42 قاضية في مختلف المحاكم المصرية ووصلت المرأة إلي درجة نائب رئيس المحكمة الدستورية, وأكدت أن أزمة رفض تعيين المرأة سوف تحل قريبا لأن مستشاري مجلس الدولة يعلمون جيدا اهمية ومكانة المرأة وان القرار كان نتيجة للخلافات الداخلية في مجلس الدولة. * توقيع مصر علي اتفاقية السيداو أثار العديد من الانتقادات للمجلس القومي للمرأة ومنها أن الاتفاقية تخالف تعاليم الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد للمجتمع المصري؟ ما تعليقك؟ بداية لا وجود لأي بند في الاتفاقية يتنافي والشريعة الإسلامية والدستور أو التقاليد والقيم التي تميز المجتمع المصري إلا أن المادة16 من الاتفاقية تلمس جانبا من موضوع الأحوال الشخصية وتنتقص من الحقوق التي أعطتها لها الشريعة والقانون للمرأة, واكدت ان مصر لن ترفع تحفظها علي هذه المادة حيث أبدت منذ تصديقها علي الاتفاقية في عام1981 عدم موافقتها علي ما جاء فيها.. موضحة أن مصر تحفظت علي مجمل هذه المادة المتعلقة بالأحوال الشخصية والقضاء علي التمييز في الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية, كما تحفظت من قبل علي ثلاث من مواد الاتفاقية البالغ عددها30 مادة وهي المواد16,9,2 إلا أن مصر أزالت التحفظ علي المادة2 من الاتفاقية لعدم مخالفتها للدستور حيث تقر أن الجميع أمام القانون سواء بالإضافة إلي أنها أزالت تحفظها عن المادة9 المتعلقة بالجنسية, حيث انتفي التحفظ بصدور قانون الجنسية رقم154 لسنة2004 الذي يكفل حصول أبناء الأم المصرية المتزوجة من أجنبي علي الجنسية.
* في السنوات الماضية انتشرت ظاهرة الزواج العرفي بين الشباب في الجامعات ؟ كيف تصدي المجلس لتلك الظاهرة ؟ المجلس بذل العديد من الجهود لمواجهة الزواج العرفي الذي يعد احد اهم القضايا الشائكة التي يتعرض لها المجتمع لما له من آثار بالغة السوء علي أمنه واستقراره, والمرأة والابناء هم الأكثر تضررا منه, مشيرة الي ان المجلس القومي للمرأة وثق2730 عقد زواج عرفي خلال عام2009 من إجمالي3714 عقدا. * التحرش الجنسي... تحول الي مرض انتشر بين الشباب في مصر ؟ كيف نتصدي لهذه المشكلة ؟ وهل الحل في وضع قانون جديد به عقوبات مشددة ؟ أن سبب انتشار هذه الظاهرة الخطيرة في كل مكان وزمان بين جميع شرائح المجتمع هو ضعف الوازع الديني والأخلاقي.. و المجلس القومي للمرأة تقدم بمقترحات لإجراء تعديلات علي قانون العقوبات, والمطالبة باضافة مادة جديدة له تقضي بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنة او بغرامة لا تجاوز الف جنيه او باحدي هاتين العقوبتين كل من تحرش جنسيا بواسطة المغازلة الكلامية او اللمس المقصود او عبر الهاتف او الرسائل العاطفية, مشيرة إلي ان هناك قصورا أمنيا ملحوظا في الشارع مما يتطلب توفير مناخ أمن للفتيات والنساء وتنفيذ عقوبات رادعة علي مرتكبي جرائم التحرش الجنسي, وتضيف ان التعديلات التي قدمتها جورجيت قليني عضوة مجلس الشعب لتغليظ عقوبات التحرش الجنسي سوف تسهم في القضاء علي ظاهرة التحرش.
* وأخيرا.. ماذا تتمني الدكتورة فرخندة حسن للمرأة في العشر سنوات القادمة ؟ أتمني ان تحصل المرأة علي جميع حقوقها السياسية والاجتماعية وان تتغير النظرة الذكورية تجاه المرأة وان ترتقي مصر بالرجل والمرأة معا, و أن تكون انتخابات مجلس الشعب القادمة هي انتخابات المرأة المصرية, وان تنتهي كل الممارسات السيئة ضد المرأة مثل التحرش والعنف.