أكدت الدكتورة جيهان جمال رئيسة الجمعية العربية لحماية صغار المستثمرين أن إعادة الثقة في البورصة يتطلب تحقيق مفهوم العدالة فيها بحيث يتم حماية صغار المستثمرين من جميع أوجه التلاعب سواء من شركات السمسرة أو تلاعب أعضاء مجالس إدارة الشركات المتداولة في البورصة أو تلاعب كبار المضاربين في السوق أو التلاعب بالقوانين التي تحكم السوق لصالح فئات محددة. وقالت في تصريحات ل الأهرام المسائي إن أخطر ما أصاب البورصة هو تحول أفراد الحكومة ورجالها إلي تجار فيها, يتربحون منها بالاستثمار فيها سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق وكلاء أو سماسرة يتاجرون نيابة عنهم كما حدث في السوق في الآونة الأخيرة, وهو ما يتنافي تماما مع التشريعات والقوانين, حيث يعلمون ببواطن الأمور داخل البورصة المصرية وأهم القرارات التي تقوم باتخاذها الإدارة المسئولة, مما يمثل حالة من الفساد في السوق والارتباك وضياع حقوق المستثمرين الأفراد و تربح مجموعة قليلة تستفيد من هذه القرارات, هذا بخلاف وجود مجموعة من المتلاعبين من أصحاب شركات السمسرة يتم الاتفاق بينهم علي رفع قيمة سهم بعينه عن طريق المضاربة عليه دون أي اخبار جوهرية وذلك علي مسمع من مسئولي البورصة دون اتخاذ أي قرارات ضد هذه الشركات, وهو ما يؤكد ضعف التشريعات الرادعة وعدم الشفافية والحوكمة التي تدعو إليها البورصة المصرية. وأشارت د. جيهان إلي أن إحدي قضايا شركات السمسرة التي يتم تداول أسهمها في البورصة, وكانت من أبرز الأمثلة علي استغلال النفوذ كان يتولي منصب نائب رئيس مجلس إدارتها صهر الرئيس السابق مبارك, ورغم فداحة ما قامت به من عمليات تلاعب في أسعار أسهمها في البورصة واستغلال حسابات العملاء, بالاضافة إلي تورطها في قضايا توظيف أموال, فإنه لم يتم وقفها أو محاسبتها بشكل جدي لاعادة حقوق صغار المستثمرين من ضحايا ألاعيب تلك الشركات وهو ما جعل صهر الرئيس السابق يتقدم باستقالته من منصب نائب رئيس مجلس الإدارة في محاولة لانقاذ سمعته بعدما وصلت رائحة الفساد في تلك الشركة إلي المحاكم والهيئات الرقابية التي لم تتخذ إجراء واحدا لصالح المستثمرين حتي الآن. وأضافت أن حالة التراجع والانهيار التي شهدتها أسعار الأسهم المصرية كانت أمرا واردا وطبيعيا بعد حدوث الأزمة المالية العالمية وانهيار العديد من البورصات تأثرا بالأزمة, ولكن ما هو غير طبيعي كان عدم إدارة هذه الأزمة المتوقعة وعدم التدخل الفوري من الحكومة والمسئولين والقائمين علي سوق المال لمنع حدوث بعض السيناريوهات من التلاعب والغش والاحتيال علي صغار المستثمرين التي شهدتها البورصة المصرية طوال تلك الشهور الماضية بعد انهيار السوق. وأكدت جيهان أنه كان علي إدارة البورصة في وقت الأزمة أن تدرس أسباب الهبوط بخلاف تداعيات الأزمة العالمية, وأن تصل إلي سيناريو ملائم للتعامل مع كل سبب من أسباب الهبوط, وأن تتابع متابعة مستمرة أداء الأسهم التي تحقق ارتفاعات كبيرة خلال فترات قصيرة, والتأكد من سلامة التعاملات عليها, وأضافت أن من أهم أسباب ا لهبوط ابتعاد المستثمرين عن التحليل المالي والأساسي للشركات واندفاعهم نحو التحليل الفني والمضاربات في وقت يصعب فيه استخدام أدوات التحليل الفني بكفاءة أثناء الأزمات, هذا إلي جانب غياب صناع السوق وتراجع دور صناديق الاستثمار والمؤسسات مع غياب الافصاح والشفافية في السوق وسعي المستثمر وراء توصيات بعض شركات الاستشارات المالية. وأوضحت أن شركات السمسرة أسهمت في الأزمة التي عصفت بالبورصة بشكل كبير بسبب توسعها في منح الائتمان للعملاء, مما أضر بالبورصة مع غياب الوعي والتوعية لصغار المستثمرين, مؤكدة أن كل هذه الأسباب كان يجب علي المسئولين معالجتها وإدارتها بدلا من تجاهل الأمر بحجة ترك آليات السوق تعمل بحرية وعدم التدخل الإداري, والذي أفسح المجال لحيتان السوق وفتح بابا كبيرا للتلاعب في أسعار الأسهم, كما ساعد العديد من شركات السمسرة علي أن تجري عمليات تلاعب ومضاربة علي الأسهم بالتنسيق مع مسئولي الشركات المقيدة بالبورصة حتي يتمكنوا من الوصول بأسعارها إلي أرقام فلكية لم يحلم بها أحد منهم.