في وقت تمتلئ في الساحة المصرية بالسياسيين من مختلف الاتجاهات والتيارات, فاننا أحوج ما نكون للفارس الاقتصادي الذي يمتلك الرؤية الشاملة, ويطرح الحلول الجريئة ليس فقط لمواجهة التحديات والصعوبات القائمة, وإنما للانتقال بمصر إلي مرحلة جديدة بأدواتها ومناهجها ووسائل التطبيق علي أرض الواقع. وبصراحة كاملة نقول ان الملفات الاقتصادية ذات الصلة بحياة المواطن المعيشية, والخدمات الضرورية الغائبة فضلا عن تحديد ملامح البرنامج الاقتصادي الهادف لإعادة صياغة حاضر الوطن, ومستقبله يجري التعامل مع هذه الملفات بعقلية الموظف الكبير والبعيدة كل البعد عن الأخذ بزمام المبادرة والحسم المطلوب للبدء في تنفيذ الخطوات الفعلية. كل ما يطالعنا حول الموقف الاقتصادي علي لسان كبار المسئولين لايخرج عن نطاق الامنيات والتوقعات والنفي لبعض ما يثار من أنباء تستوجب النظر في مصادرها وكيفية نشرها لما يترتب عليها من قلق وحيرة لدي الرأي العام. ونستطيع ان نضيف لهذه الحالة من الارتباك والتضارب ظاهرة اخري تتمثل في تفتيت الخريطة الاقتصادية إلي الدرجة التي يصعب معها الحكم عليها, والمثال البسيط علي ما نقول مايتحدث عنه وزير الاسكان مثلا عن خطته لحل مشاكل واحد من أهم القطاعات في النهضة المنشودة, وهي الخطة التي لاتخرج في تفاصيلها عما كان مقررا منذ وزارة أحمد نظيف في النظام السابق, وهكذا أيضا يتكرر الحديث عن المدن المليونية بنفس الاماكن المقررة سابقا وبدون إعادة دراسة الجدوي بعدما اثبتت الاحداث والتحقيقات الجارية ان تلك المشروعات لاتخلو من شبهة الفساد, ونحن لانطالب بإلغائها ولكن بطرحها للمناقشة مع الخبراء والمتخصصين وان تخضع للنقاش العام وصولا للمصلحة المنشودة خاصة, وانها تتكلف المليارات من الجنيهات. هكذا الحال ايضا مع ما يطرحه كل وزير علي حدة, الزراعة, التضامن, الصناعة, المالية وغيرها من الوزارات التي تشكل المحاور الرئيسية للاقتصاد المصري وكلها تصريحات لايوجد رابط بينها بحيث تعرف ما سيتم انفاقه اجمالا علي التنمية في سيناء, أو في الصعيد, أو في المناطق العشوائية. والمعني ان الفارس صاحب المبادرة والجرأة الضرورية للتعامل مع هذه الملفات يبدو غائبا, ولهذا يحدث الالتباس وتضطرب الاسواق, وتؤجل الاستثمارات لحين الاعلان عن البرنامج المتكامل للنهوض الاقتصادي بجميع جوانبه وأدواته المختلفة عن السابق.