علي الرغم من تناقص عدد الأعمال الدرامية علي شاشة رمضان هذا العام إلي النصف تقريبا... فإلا النقاد وكتاب الدراما اتفقوا علي أن العدد مازال أكبر من احتمال الشهر الكريم فالغزارة حاضرة ولكن الملفت للنظر أن الثورة غائبة, وأنه من الصعب متابعة الأعمال الجيدة التي كان عددها معقولا هذا العام كما أدلوا بآرائهم وانطباعاتهم حول هذه الأعمال يقول الناقد طارق الشناوي: تابعت بحكم المهنة معظم الأعمال الدرامية التي قدمت في رمضان إن لم يكن كلها لكنني استمتعت جدا ب دوران شبرا والمواطن إكس لأنهما قدما بطولة جماعية حملت نبضا جديدا لوجوه جديدة كما أن مخرجيها خالد الحجر وعثمان ابو لبن استطاعا تقديم حالة إبداعية في استخدام الصورة والصوت وتقنيات الاخراج.. نفس الكلام يسري علي مسلسل الشوارع الخلفية الذي استطاع مخرجه جمال عبدالحميد أن يلتقط اللحظة التاريخية واستطاع ان يمسك بتفاصيل تلك الحقبة الزمنية فشعرنا وكأننا نعيش في زمن المسلسل وهذا عكس ما حدث في مسلسل سمارة الذي فشل مخرجه تماما في الحفاظ علي روح زمن أحداث روايته بالاضافة إلي اخراجه بطريقة تقليدية جدا ومن الأعمال التي اعجبتني ايضا خاتم سليمان الذي أبدع فيه كالعادة خالد الصاوي ولذلك امنحه أفضل ممثل لهذا العام عن أدائه الطبيعي والتلقائي الذي لم ينافسه فيه أحد.. أما المطرب تامر حسني فقد حاول أن يبرئ ساحته من اتهامه بالتحول فقدم مسلسل أدم الذي أشعرنا طوال الوقت بأن تامر يلعب علي أي حبل حتي ينفي الاتهام عن نفسه حتي الكوفية الفلسطينية كانت جزءا من اللعبة التي انقلبت عليه فحدث العكس والتف الاتهام حول عنقه أكثر فالعمل الدرامي كله متواضع واعتمد فيه تامر علي حضوره وجمهوره وليس علي قوته كممثل لأنه بعيد عن التمثيل ويحتاج لتعلم الكثير فليس معني نجاح أفلامه انه ممثل جيد لكن معناه أن لديه حضورا وفقط.. أما مسلسل الريان فقد اعتمد علي جماهيرية القصة نفسها واهتمام الناس بها كما اعتمد علي تجاوب الجمهور مع خالد صالح لكننا في هذا العمل رأينا شخصية خالد اكثر مما رأينا الشخصية التي يقدمها وهذا الشئ أصبح ملحوظا في اعماله الأخيرة.. وبالنسبة لمسلسل الشحرورة فقد كان مليئا بالمبالغات الدرامية ومنها أن كل الرجال الذين قابلوها أحبوها وأرادوا الزواج منها وأعتقد أن تلك المبالغة تعود إلي صباح نفسها لانها هي التي روت الأحداث وربما تكون تلك المبالغات غير مقصودة لكنها ترجع لكبر سنها أما كارول سماحة فقد كانت أبعد ما تكون عن صباح سواء شكليا أو نفسيا ولم تستطع إقناعنا بأنها هي وساهم في ذلك المخرج الذي أساء اختيار الممثلين فجاءت بعيدة عن الشخصيات الحقيقية ولما حاولت تقليدها جاء التقليد ساذجا! وبالنسبة للكوميديا فاحتل سامح حسين مركز الاسوأ بأدائه الخشن في مسلسل الزناتي مجاهد أما المسلسل الوحيد الذي تماس مع الثورة بشكل غير مباشر فقد كان المواطن إكس. نجونا من الأعمال التافهة وقالت الناقدة الفنية ماجدة موريس أعتقد ان هبوط عدد الأعمال الدرامية في رمضان هذا العام إلي النصف قد أفاد الدراما وأفادنا كمشاهدين لاننا بالتأكيد قد نجونا من مشاهدة الكثير من الأعمال التافهة التي تراجع صانعوها عن تقديمها بعد الثورة!.. ومع ذلك لم ينقص عدد الأعمال الجيدة عن السنوات السابقة بل ربما زاد مثل دوران شبرا والمواطن إكس وشارع عبدالعزيز وحضرة الغياب والشوارع الخلفية ومشرفة.. ومن أهم حسنات تلك الأعمال هي إعادة تقديم واكتشاف عدد من الشباب مثل هيثم أحمد زكي وحورية فرغلي ومحمد رمضان ومريم حسن التي نازعت جمال سليمان بطولة الشوارع الخلفية! أما مسلسل الريان ففيه عدد من علامات الاستفهام التي أفسدت استمتاعي به مثل تقديم تلك الشخصية وكأنه بطل خارق يعلم كل شئ واستطاع الضحك علي شعب بأكمله.. دون تقديم الجانب الآخر من الحكاية وهو دور الثغرات القانونية فيما حدث لذلك أعتبر أن المسلسل لم يقدم كل وجهات النظر بل قدم سطرا وترك سطرا.. مسلسل نونة المأذونة فقد كنت من أكثر الناس انتظارا لرؤيته بعد أن قرأت كثيرا عن بطلته الحقيقية التي عانت كثيرا حتي تصبح مأذونة وما إن بدأ العرض حتي فوجئت ب تهريج ليس له معني علي حد وصفها وأداء ساذج من جميع الأبطال مما دعا البطلة الحقيقية لتقديم ثلاث قضايا ضد المسلسل وفي رأيي ان الافكار الجديدة والمهمة لا يجب ان تقدم بتلك الطريقة أو المعالجة.. نفس الكلام يسري علي مسلسل كيد النسا الذي أري أنه لا يتفق مع روح الزمن الذي نعيشه ولا الوقت ولا الأحداث الحالية ففي الوقت الذي نحاول فيه تسليط الضوء علي المرأة الفاعلة والمنتجة نجد هذا المسلسل الذي ينتقص بشدة من دور المرأة بل إنه ضربه في مقتل أما اداء سمية الخشاب وفيفي عبده فكان مناسبا للموضوع! ولا يختلف مسلسل سمارة كثيرا عن سابقة فأنا لم أفهم حتي الآن سبب تقديمه خاصة ان بطلته كانت قد صرحت بأنهم كانوا سيوقفون العمل به بعدالثورة إلا انهم استأنفوه حرصا علي العاملين به وليتهم لم يكملوه لانه بصراحة ضجيج بلا طحن ولم استطع تصديق ولا شخصية واحدة به: لا سمارة ولا أمها ولا المعلم سلطان ولا حتي نمط الحياة الذي لم يعد موجودا الآن, أما غادة عبدالرازق فقدمت أداءها المعتاد من تركيز علي ملابس وماكياج وأنوثة وفقط.. وبالنسبة لمسلسل الشحرورة فقد كان من الممكن ان يكون افضل وأهم لو أنه اعتمد علي توثيق الزمن بشخصياته وحالاته بدلا من التركيز علي توثيق البطلة وفقط فبدا وكأنه انتقائي اما كارول سماحة فمع حبي لها أري انها تسببت في عدم تصديق الناس لها فإلي جانب شكلها الذي لا يشبه صباح كان تعبيرها مفتقدا للدفء والحميمية.. كل هذا بالاضافة إلي الانتاج الفقير خاصة في تصوير حفلات صباح أدي إلي عمل أقل كثيرا مما ينبغي أن يكون..( بالنسبة للكوميديا فقد استمتعت جدا ب الست كوم الباب في الباب بطولة ليلي طاهر وشريف سلامة فالبرغم من اعتماده علي تيمة قديمة هي علاقة الزوجة بالحماة إلا انه استطاع خلق مواقف وأفكار جديدة اعتمد فيها علي مساحات النص وذكاء الممثلين الذي جاء أداؤهم علي أعلي مستوي وذلك علي العكس تماما من مسلسل جوز ماما مين بطولة هالة صدقي الذي كان مليئا بالمبالغات التي تخطت الحدود فأفلت الاستغراق في العمل وبالتالي المشاهدة.. أما مسلسل الزناتي مجاهد فقد أعجبني جدا بالرغم من أنه لم يأخذ حقه لانه قدم فكرة غاية في الأهمية وهي محاولة مواطن صعيدي ورحلته للحصول علي حقه وهي فكرة جديدة في معالجتها الكوميدية. دراما الواقع تكسب ويقول الناقد كمال رمزي: بصراحة لم أشاهد الكثير من الأعمال الدرامية هذا العام وذلك بسبب سخونة دراما الواقع التي كانت أهم كثيرا.. فمن الذي يترك دراما القذافي وابنه سيف الاسلام وهروبهما واختفاءهما ومفاجآتهما الغريبة التي تحدث كل لحظة.. ويشاهد دراما مفتعلة تقل كثيرا عن ميلودراما الواقع؟! وبرغم كل هذا استطاع مسلسل الريان أن يشدني حيث قامت مخرجته شرين عادل بتوظيف العنصر البشري توظيفا جيدا بدءا من خالد صالح الذي قدم كعادته أداء رائعا لكن نافسه فيه بشدة الفنان الموهوب باسم سمرة حيث أثبت أنه ممثل هايل استطاع ملاحقه تطورات الشخصية التي قدمها من السواء الي الادمان بشكل دقيق ومميز ربما فاق أداء خالد صالح الذي قدم شخصيته بلا تطورات ملحوظة فلم تخدمه كثيرا في إظهار قدراته التمثيلية.. كما قدمت ريهام عبد الغفور واحدا من أحلي أدوارها والمسلسل بصفة عامة قدم رسالة مهمة هي أنه نزع قداسة الدين المزيفة وراء رجال الأعمال لكن يؤخذ عليه بشدة الطريقة البدائية التي قدم بها اللحي والذقون فبدت صناعية ومن النوع الرديء وغاية في السوء لدرجة أنها أعاقت الممثلين لانها أخفت جزءا كبيرا من وجوههم واضطرتهم لاستخدام عيونهم ورقباتهم في التمثيل مما أفسد متعة المشاهدة في بعض الأحيان..( أما مسلسلات الست كوم فأصبحت تقدم بشكل موحد لاتغيير فيه حتي علي مستوي الشكل! فأصبحنا بمجرد رؤيتنا ل الكنبة العريضة وأمامها بار وعلي شمالها الباب.. أدركنا اننا أمام ست كوم!! وأصبحت ثقيلة الظل لانها في الأساس فن مستورد وحتي في الخارج أصبحوا ينظرون إليه نظرة متدنية بينما مازلنا نحن نحرص علي تقديمه!.. أما عن التوقعات بأن تكون الدراما هذا العام مختلفة بسبب أحداث الثورة فقد ثبت أنها توقعات خاطئة وذلك لاننا مازلنا في مرحلة تتخلق فيها الأحداث وتتجدد يوما بعد يوم ولا أحد يستطيع أن يكتب عنها أو يقدمها دراميا الآن.. وكل الأعمال التي عرضت في رمضان كان قد تم البدء بها قبل الثورة لذلك لم نجد أي علاقة تربطها بها أما الأعمال التي توقف تصويرها بعد قيام الثورة فقد كان من رأيي الاستمرار بها وتقديمها لانها حتي لو لم تحصل علي فرصتها في المشاهدة الآن كانت ستحصل عليها عند إعادة عرضها وذلك لان الفن هو السلعة الوحيدة التي يعاد تقديمها عدة مرات دون أن تفسد. الفتات للمشاهد أما الناقد محمود قاسم فيقول: دراما رمضان هذا العام كانت غزيرة لكن مع ذلك لم يحصل الناس منها إلا علي الفتات وذلك بسبب الأحداث الملتهبة في العالم العربي كله وليس في مصر وحدها أما مسلسل عابد كرمان فقد شد انتباهي قصته وحواره التي قدمها بشير الديك ببراعة لاتقل عن براعة صالح مرسي.. وأيضا مسلسل دوران شبرا الذي تميز بتقديم شخصيات وعلاقات متنوعة بسلبياتها وإيجابياتها وإضفاء جو حقيقي علي الأحداث.