افتتاح معرض الإبداع الدائم لطالبات كلية التربية في جامعة العريش    مطالب شباب الضبعية على مائدة بحث محافظ الأقصر    «بوابة اخبار اليوم» تنشر تفاصيل المباحثات والاتفاقيات السعودية الامريكية    الشوط الأول| تعادل سلبي بين المصري وفاركو في الدوري    «الأرصاد» تكشف عن حالة الطقس غدًا الأربعاء.. والعظمى في القاهرة 31    ضبط عدد من المخالفات فى حملة موسعة لإعادة الانضباط بشوارع رأس البر    صناع مسرحية «كله مسموح» بطولة كارول سماحة يهدون العرض ل روح زوجها    «كان يا ما كان في غزة» ينطلق في عرضه العالمي الأول من مهرجان كان السينمائي    تفاصيل دور أسماء أبو اليزيد ف«مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    برنامج جديد على WATCH IT بعنوان "فضفضت أوى"    «الإفتاء» تستقبل وفدًا من أئمة ست دول إفريقية في ختام تدريبهم بأكاديمية الأزهر    يسبب 14% من الوفيات أغلبهم شباب.. أسرار توقف القلب المفاجئ    أهلي طرابلس الليبي يعلن استمرار حسام البدري مديرا فنيا للفريق    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    الصحة العالمية: اليمن يواجه واحدة من أكبر فاشيات الكوليرا في العالم    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    عدة عوامل تتحكم في الأسعار.. رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية: السوق يعاني حالة ركود تصل ل50%    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة السادسة للمجموعة الثانية فى دورى نايل    الداخلية تستقبل الشباب المشاركين فى برنامج القمة العالمية للقيادات الشبابية الإعلامية(فيديو)    جامعة برج العرب التكنولوجية تنظم الملتقى الثاني لكليات العلوم الصحية التطبيقية    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    13 ملعقة بماء الذهب.. مذيعة تتهم خادمتها بالسرقة والنيابة تحقق    برواتب تصل ل 4000 درهم.. وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية| رابط التقديم    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    التصريح بدفن جثة سائق توك توك لقى مصرعه على يد عاطل فى شبرا الخيمة    النقض تؤيد حكم إعدام تاجر مواشي قتل جزارا بالجيزة    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    محافظ القاهرة: نسعى لتحسين جودة حياة المواطنين بالعاصمة والقضاء على المظاهر العشوائية    رئيس مجلس الشيوخ: منحة ناصر منصة حقيقية لتعزيز السلام في العالم    بين زيارتين.. ترامب يعود إلى السعودية دون عائلته لأول مرة منذ 2017 (تقرير)    الأعلى للآثار: عازمون على استعادة أى قطع خرجت بطريقة غير مشروعة    رئيس الوزراء يتابع إجراءات طرح إدارة وتشغيل مشروع "حدائق تلال الفسطاط"    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    النائب مصطفى سالم ينتقد وزارة الشباب: ملاعب معطلة منذ 10 سنوات وعلى الوزارة تحسينها    جامعة قناة السويس تُعلن الفائزين بجائزة "أحمد عسكر" لأفضل بحث تطبيقي للدراسات العلمية    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة سوزوكى بالشرقية    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    «المشاط»: شراكتنا وثيقة مع البنك الأفريقي للتنمية لتمكين القطاع الخاص ودعم جهود التنمية الاقتصادية    الاتحاد الأوروبي: لن نستأنف واردات الطاقة من روسيا حتى لو تحقق السلام في أوكرانيا    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    التاريخ يبشر الأهلي قبل مواجهة الزمالك وبيراميدز في الدوري    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    ولي العهد السعودي في مقدمة مستقبلي ترامب لدى وصوله إلى الرياض    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    الدوري السعودي يقترب.. موعد تتويج الاتحاد المحتمل وأمل الهلال الوحيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجانين الشوارع‏..‏ضحايا النظام البائد

نحو‏700‏ ألف شخص مريض يبحثون عن مستشفي يعالجهم‏..‏ يهيمون علي وجوههم في الشوارع والميادين بدون هدف أو وعي لما يدور حولهم‏,‏
يبتسمون قليلا ويبكون كثيرا‏,‏ وبين الابتسام والبكاء يرددون كلمات وعبارات غير واضحة‏,‏ ولكن مع التدقيق الشديد فيها قد يعرف الانسان السبب وراء تحويل الواحد منهم إلي مجنون شوارع‏,‏ البعض من مجانين الشوارع فقد عقله نتيجة لتعرضه لصدمات نفسية أو التعذيب في مقار أمن الدولة ولكنهم جميعا ضحايا المجتمع الذي لم يوفر لهم أبسط حقوقهم الانسانية ألا وهي سرير في مستشفي بدلا من العيش بالشوارع في حالة يرثي لها بدون مأوي ولايجدون ما يأكلونه‏.‏
البداية كانت من منطقة العباسية حيث كان يجلس أحد المرضي النفسيين وعندما سألناه عن اسمه وهويته جاء رده بكلمات غير مفهومة وغير منطقية وكان ينظر إلينا بعيون زائغة يملأها الحزن وعندما علم صاحب المقهي بهويتنا أرشدنا إلي شخص آخر يدعي الحاج شهاب علي مؤكدا أنه يعرف قصته كاملة‏,‏ وقال إن الرجل مريض نفسي حيث كان يعمل مدرسا في إحدي المدارس الحكومية ولكنه تعرض لأزمة في العمل مع مدير المدرسة أصيب علي أثرها بحالة من الاكتئاب وبعد ذلك تطور الأمر إلي لوثة عقلية‏,‏ وحاولت أسرته علاجه في أحد المستشفيات الخاصة منذ أكثر من‏6‏ سنوات ولكنه لم يستجب للعلاج والآن لا نعلم عن أسرته شيئا وهو الآن موجود ليلا ونهارا في الشارع وأحيانا نشاهده في وسط البلد ويرجع بعد فترة إلي المنطقة‏.‏
ويلقي باللوم علي النظام السابق في انتشار المرضي العقليين والنفسيين في الشوارع بسبب تجاهلهم‏,‏ ويتساءل لماذا لم يفكر جمال مبارك ورجال الحزب الوطني في هؤلاء البشر بدلا من نهب أموال البلاد‏.‏
وفي منطقة باب اللوق شاهدنا رجلا في العقد السادس من العمر يخلع الحذاء ويقذف به رجال الشرطة الموجودين في المكان ويسبهم وكانت عيناه زائغتين أيضا‏.‏
وفي منطقة السيدة زينب حاولنا التحدث مع شخص آخر ولكنه رفض خوفا من سرقة ما معه من نقود وهذا الشخص يعتقد أن كل من حوله مجانين والغريب أنه يعرف اسم حبيب العادلي‏,‏ ويضيف كلكم خونة مثل حبيب العادلي أنا هاقتلكم كلكم‏,‏ وفي المنطقة ذاتها كانت هناك سيدة في العقد الخامس من العمر تجلس في الميدان وعندما حاولنا نعرف حكايتها رفضت وقالت أنا مش عارفة أنا مين بدون أب وأم وفشلنا في التعرف علي حكاية هذه السيدة التي قامت بإلقاء قطعة من الطوب علينا وبالفعل انصرفنا حتي لانثير غضبها‏.‏
وفي ميدان عبدالمنعم رياض شاهدنا أكثر من شخص من هؤلاء المرضي يتقمصون دور شرطي مرور ويقومون بتنظيم حركة المرور كما شاهدنا أكثر من شخص يمشون شبه عراة في الشوارع‏.‏
وشاهدنا أيضا شخصا مجنونا يمسك حجرا كبيرا ويرميه علي المارة وكان يصرخ في هستيريا ويطلق اسم شخص غير معروف ويقول هو اللي أخد مراتي مما جعل المارة يفرون من أمامه‏,‏ والتقينا بشقيقة هذا المريض وتدعي أنوار عبدالحليم وقالت إنه كان طالبا متفوقا ومن الأوائل علي الدفعة في مرحلة الثانوية العامة وكان مشهودا له بحسن الخلق والالتزام‏,‏ ولكنه تعرض لحادث أدي إلي تلف بعض خلايا المخ وأصبح لا يدرك ما يقوم به من تصرفات وكثيرا ما يمسك بسكين ويحاول الاعتداء علي من حوله‏,‏ وأحيانا يقوم بجرح نفسه بإصابات خطيرة‏.‏
وتضيف أنا المسئولة عن رعايته لأن والدي متوفي وتكلفة العلاج العقلي كبيرة جدا‏,‏ خاصة وأنني تقدمت بالعديد من الطلبات لعلاجه وللأسف المسئولون لا بستحيبون لنا‏,‏ ومصير أخي الآن في الشارع ويسبب لنا العديد من المشاكل مع الجيران‏.‏
صبحي عميش مريض نفسي ويبلغ من العمر‏55‏ عاما وعندما سألناه عن أحوال البلد رد بارتعاشة أنا معملتش مظاهرات وخايف أحسن يكهربوني زي زمان أيام السجن وكانت المفاجأة الصادمة هي أنه كان معتقلا في أواخر الثمانينيات حسبما يقول الحاج هو من أقدم البوابين بهذه المنطقة ويضيف أنا أعرفه منذ عام‏1977‏ وكان شابا عاديا حيث كان يعمل بوزارة الثقافة لكن للأمانة لا أعرف ما هي وظيفته وألقي القبض عليه منذ سنوات طويلة ولم نعرف شيئا‏,‏ لكنه ظهر مرة أخري عام‏1996‏ كان إنسانا آخر غير الذي نعرفه من قبل ولا ندري ما الذي أوصله لتلك الحالة المزرية‏.‏
بجوار أحد المطاعم في شارع رمسيس كان يجلس محمد صلاح وهو مريضا عقلي والتقينا بالعديد من أهل هذه المنطقة لكي نعرف ما حدث له وكان منهم الحاج عبدالرءوف زينهم الذي اتصل بشقيق محمد وحضر وهو رجل في العقد الخامس من العمر ويعمل بأحد المعاهد الأزهرية وروي القصة قائلا إن أزمة محمد بدأت في عام‏1990‏ عندما كانت هناك مشكلة مع رئيس الحي بسبب قطعة أرض ورثناها ورفض المحافظ ورئيس الحي التصريح لنا ببنائها‏,‏ وحاول شقيقي محمد حل هذه المشكلة مع رئيس الحي والمحافظ ولكنه فشل فحاول اللجوء إلي الرئيس السابق حسني مبارك ومنذ هذه اللحظة حدث تحول في حياته حيث تم القبض عليه من قبل أمن الدولة‏,‏ وكان شقيقي صيدا سهلا لهم حيث كان يعمل خادما في أحد المساجد التي كانت تحت مراقبة الجهاز وتم اتهامه بالجنون وأنه تفوه بألفاظ خارجة ضد رئيس الجمهورية وتم عمل محضر بذلك وأحيل إلي مستشفي الأمراض النفسية والعصبية بعد أن قضي‏5‏ سنوات في المعتقلات حيث أفقدوه عقله ومنهم لله جبابرة أمن الدولة والنظام البائد الفاسد‏.‏
ويعلق الدكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس قائلا إنه من العار ترك هؤلاء الاشخاص في الشوارع نظرا لأنها تمثل سبة في جبين المجتمع‏,‏ خاصة وأنهم في حاجة إلي رعاية ومتابعة وإحساس وجداني يجعلهم يشعرون بأنهم أفراد لهم قيمة في المجتمع‏.‏
ويقول لا يجب أن نطلقهم في الشوارع بهذا الشكل المزري خاصة وأنهم من الممكن أن يكونوا عراة ولا يليق بمجتمع ينشد الأمل والمستقبل تركهم‏,‏ فنحن الآن نتكلم في مليارات الجنيهات التي سرقت من مصر ونتجاهل هؤلاء الأشخاص الذين يحتاجون إلي الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية حتي يشعروا بأن لهم حق الحياة‏,‏ مطالبا وزارة الصحة ممثلة في الوزير بإعادة النظر في هذا الموضوع خاصة وأننا لدينا و‏700‏ ألف مريض في حاجة للعلاج بالمستشفيات‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.