رغم أنه بلغ من العمر أرذله وجاوز عامه الستين، فإنه لم يضع فى حساباته اقترابه من النهاية المحتومة لكل إنسان ليظل عجوز الجنوب على نهجه وعهده مع الشر حتى سقط فى قبضة الأجهزة الأمنية بعد أن ضرب الرقم القياسى فى عدد القضايا التى تم ضبطه بسببها من قبل . لم يكن الرجل الذى أطلق على نفسه لقب «كباكا» كنوع من الشهرة من ذوى القلوب السليمة بل كان قلبه أقرب مايكون إلى الحجر الصوان ، عنيفا فى تعاملاته ،شرسا فى أخلاقه التى ورث جيناتها من بيئة خصبة نشأ خلالها ليصبح واحدا من محترفى الإجرام فى الجنوب الذى لم يكن هكذا على الإطلاق. وجاءت نشأة عجوز الجنوب فى إحدى قرى محافظات الصعيد فى خمسينيات القرن الماضى حيث نزحت أسرته بعدها إلى أسوان وهناك التحق الأب بالعمل فى إحدى الشركات عاملا باليومية التى لم تكد تكفى نفقات الأسرة الصغيرة ، وبعد شهور قليلة استقل الأب بأسرته مستأجرا بيتا ريفيا استغله فى تربية المواشى والطيور واستغل ابنه فى العمل ، خاصة أنه لم يكن يفكر مطلقا فى إلحاقه بالتعليم الذى كان محدودا نوعا ما فى أسوان . وبمرور السنيناقترب الولد الصغير من مرحلة الشباب التى شهدت مراحل إدمانه التى سببت إزعاجا كبيرا لدى والديه فلم يتحملاه وضاقا به ، خاصة بعد أن تعرض مشروع تربية المواشى لخسائر فادحة ، ليخرج »ص« ويلتقى مجموعة من أصدقاء الشر الذين نصحوه بالإتجار فى المخدرات من أجل أن يحقق حلمه بالثراء السريع. وبعد تفكير طويل،استسلم عجوز الجنوب إلى نصائح الشيطان واتخذ قرارا بالبدء فى هذه الخطوة التى غيرت من مسار حياته ليصبح من أصحاب سطوة المال الذى خيل له أنه سيملك الدنيا وماعليهاومرت الأيام ومن خلال الرقابة المشددة التى تعرض إليهاسقط فى مصيدة رجال المباحث فى أكثر من مناسبة ولكنه بمجرد إطلاق سراحه يعود أشد عنفا ومن فرط إعجابه بفيلم مسجل خطر أطلق على نفسه اسما جديدا هو «كباكا «. ومع بلوغ قضاياه المسجلة 27 قضية وإدراجه ضمن المسجلين الخطرين لفت أرشيف كباكا انتباه اللواء إبراهيم مبارك مدير المباحث الجنائية بأسوان حيث وجه المقدم محمود حامد رئيس مباحث قسم أسوان إلى ضبطه على الفور. ومن خلال إجراء التحريات التى قام بها فريق ضم معاونى مباحث القسم تم التوصل إلى معلومات تفيد قيام المطلوب بمزاولة الإتجار فى السموم البيضاء داخل إحدى المناطق الشعبية. وبعرض المعلومات على مدير المباحث قام برفعها إلى اللواء نائل رشاد مساعد وزير الداخلية لأمن أسوانحيث كلفه بسرعة ضبطه ومثوله أمام جهات التحقيق. وعقب استصدار إذن الضبط من النيابة العامةقاد رئيس مباحث قسم أسوان مأمورية سرية تمكنت من القبض على المتهم وبحوزته كيلو ونصف الكيلو من نبات البانجو وكمية من الأقراص المخدرة. وبمواجهة المتهم اعترف بحيازته المضبوطات وبقصد الاتجار والترويج فتم تحريزها وتحرير المحضر اللازم وإحالته إلى النيابة العامةالتى تولت التحقيق وأمرت بحبسه على ذمة القضية .