لتعلموا جميعا أن الشيطان يغرى البشر حتى يتقاعسوا عن العبادةبقوله إن الله رحيم أيها الإنسان فلا تبالى، وإن العمر مازال طويلا فهون على نفسك واصبر حتى تتوب غدا (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) فالشيطان يعدهم التوبة ويمنيهم بالمغفرة فيهلكهم بهذه الحيل، فخذوا حذركم ولا تستمعوا إليه بل بادروا بالتوبة سريعا قبل فوات الأوان. ولتعلموا أن حسن الخلق هو من أول الطرق التى تهذب القلوب وتنقيها، وكلنا نعرف أن حسن الخلق صفة سيد المرسلين وأفضل أعمال الصديقين وهو شطر الدينوثمرة المتقين، والأخلاق السيئة هى السموم القاتلة المبعدة عن جوار رب العالمين، وهى الأبواب المفتوحة إلى نار الله تعالى، وهى أمراض القلوب ويحتاج العبد إلى معرفة أسبابها وعلاجها وكيفية إصلاحها، فمعالجتها هو قوله تعالي (قد أفلح من زكاها) وإهمالها هو قوله تعالي ( وقد خاب من دساها ) ولنتعرف على فضيلة حسن الخلق وأيضا عن مذمة سوء الخلققبل معالجة القلب الغامض. لقد أثنى الله تعالى على حبيبه فقال له (وإنك لعلى خلق عظيم)؛ وسأل رجل رسول الله صل الله عليه وسلم عن حسن الخلق فتلا قوله تعالي (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم (هو أن تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتعفو عمن ظلمك)، إن أثقل ما يوضع فى الميزان يوم القيامة تقوى الله وحسن الخلق، وجاء رجل إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم من بين يديه فقال يا رسول الله: ما الدين؟ قال (حسن الخلق ) وأتاه من قبل يمينه فقال يا رسول الله: ما الدين ؟ فقال (حسن الخلق)، ثم أتاه من قبل شماله فقال: ما الدين ؟ فقال صلي الله عليه وسلم (حسن الخلق ) ثم أتاه من ورائه فقال يا رسول الله ما الدين؟ فالتفت إليه وقال صلي الله عليه وسلم (أما تفقه ) هو أن لا تغضب، واعلموا عباد الله أن العبد المؤمن ليدرك درجة الصائم القائم بحسن خلقه. بل إن العبد ليبلغ بحسن خلقه أعلى درجة فى الجنة وهو غير عابد، ويبلغ بسوء خلقه أسفل درك فى جهنم وهو عابد، والأخلاق الحسنة تتمثل فى بسط الوجه وكف الأذى وإرضاء الخلق فى السراء والضراء، وأدنى حسن الخلق هو إحتمال الأذى وترك الثناء من الناس، بل إن حسن الخلق يتلخص فى اجتناب المحارم وطلب الحلال والتوسعة على العيال، وقد يرجع حسن الخلق إلى اعتدال قوة العقل وكمال الحكمة، وإلى اعتدال قوة الغضب والشهوة. وأيضا يرجع إلى الاعتياد على الأفعال الجميلة، ومصاحبة قرناء الخير والصلاح (فالمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).