عدو الله إبليس هو عدونا اللدود الذي أخرج أبانا آدم من الجنة, ويسعي في منع بني آدم من العود إليها بكل سبيل, وأقسم علي أن يغوي بني آدم ويصدهم عن صراط الله المستقيم وقال:{ قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم* ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين. واخبر أيضا عن عداوته في آيات كثيرة منها{ إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} إلا أن هذا التحذير لم يلق الأذن الصاغية عند الكثير من بني آدم فنجدهم قد سقطوا في براثن الشيطان ومكائده وتلوثوا بالمعاصي والذنوب يقول الدكتور صبحي عبد السلام من علماء الأوقاف إن أدوات الشيطان في إضلال بني آدم الغضب: عن سليمان بن صرد قال كنت جالسا مع النبي صلي الله عليه وسلم ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه, فقال النبي صلي الله عليه وسلم:(( إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد, لو قال: أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد)) فقالوا له إن النبي صلي الله عليه وسلم قال:(تعوذ بالله من الشيطان) فقال وهل بي جنون. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:(( إن الغضب من الشيطان, وإن الشيطان خلق من النار, وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ والغضب وسيلة للتحريش بين الناس والتفريق بينهم وهو غاية للشيطان وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:(( إن إبليس يضع عرشه علي الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتي فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت)) والعجلة وما تؤدي إليه من أخطاء ومعاص: وعن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:(( الأناة من الله والعجلة من الشيطان)) وكذلك النسيان{ استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله}, المجادلة:19].{وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكري مع القوم الظالمين}وقال أيضا{فأنساه الشيطان ذكر ربه} وأيضا من وسائله الوسوسة وإلقاء الشبهات علي القلب: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:(( يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتي يقول من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته)) وكذلك التدرج في الإغواء واتباع طريقة الخطوات{ يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}. ومن ذلك استدراجه عابدا من بني إسرائيل حتي أوقعه في الزنا ثم الكفر ثم تخلي عنه, والقصة رواها الحاكم وعامة المفسرين في تفسير قوله تعالي:{ كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين}, الحشر:16]. المنجيات من كيد الشيطان ويشير د. صبحي عبد السلام إلي أن المنجيات من كيد الشيطان كثيرة منها الاخلاص والاستعاذة وقراءة القرآن والوضوء ولزوم الجماعة وتفصيلها كالآتي: الإخلاص:{قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} فأخبر الشيطان بنجاة المخلصين منه وحسن العبودية لله والاستعاذة بالله والاحتماء واللوذ بجنابه:{ وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم}. وقراءة القرآن فعن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:(( لا تجعلوا بيوتكم مقابر, وإن البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان)) والوضوء فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:(( يعقد الشيطان علي قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقدة مكانها عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلي انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)) ولزوم الجماعة فعن ابن عمر قال خطبنا عمر بالجابية فقال:(يا أيها الناس عليكم بالجماعة, وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة). فما من طريق من طرق البر والطاعة إلا والشيطان قاعد لكم عليه بالمرصاد يزهدكم فيه وينفركم عنه, وما من سبيل من سبل الشر والمعصية إلا وعدوكم منتصب عليه يدعوكم إليه ويزينه لكم ويجمله في أعينكم. ويقول الدكتور حماده القناوي من علماء الأوقاف إن من أساليب الشيطان مع الإنسانالتزيين: إن الشيطان لا يأمر بالشر مباشرة ولكن يزين للنفس فيأتي للمسلم إذا سمع أذان الفجر في ليلة باردة مظلمة فيقول له نم فالفراش دافئ وأنت متعب مرهق وهلم جره.حتي يفوت عليه الثواب العظيموالتلبيس:الشيطان هنا يحاول خداع العقل فيحاول إقناعه بأن الذي يعتقد أنه حرام هو في الحقيقة حلال,وبالعكس,فيلبس علي الناس حتي لايتبين لهم وجه الخير والصواب والتسويف:وهنا يستخدم معه طول الأمل حتي يصرفه عن التوبة إذا كان رآه مصمما عليها فيقول له: لا بأس أن تتوب ولكن لماذا العجلة وأنت في ريعان الشباب أكمل دراستك ثم تزوج فالزواج نصف الدين وهو يعين علي التوبة ثم اضمن مستقبلك حتي يصرفه تماما عن التوبة وتهوين المعصية:يأتي الشيطان الإنسان فيقول له لماذا تتوب؟ وماذا فعلت حتي تتوب أنت بالنسبة لغيرك من خيار الناس إنما التوبة لأصحاب المعاصي الكبيرة وأنت لست منهم فيهون عليه المعصية, فيجعله يتجرأ علي المزيد من ارتكاب المعاصي حتي يألفها. ومن الأساليب الشيطانية أيضا تصعيب الأمر علي الإنسان بعد التوبة:يقول له التوبة تحتاج إلي استقامة, والاستقامة شاقة علي النفس وتجلب عداءة المنحرفين فيقول له: لماذا تتوب وتحمل نفسك وتفقد أصدقاءك السابقين؟, ثم عن الناس لن يصدقوا انك تبت بل سيسخرون منك, وعلي هذا قس. والتيئيس: يأتي الإنسان فيقول له: إن الله لا يقبل توبة من كانت ذنوبه كثيرة كذنوبك كيف يقبل الله توبتك وأنت الذي فعلت كذا وكذا؟ ويذكره بكل معصية كان يفعلها,حتي ييأس من روح الله, ويقنط من رحمة الله والغضب من اساليب الشيطان ايضا فقد أغلظ رجل من قريش القول لعمر بن عبد العزيز, فأطرق عمر برهة, ثم قال: أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان, فأنال منك اليوم ما تنال مني غدا!! وكذلك الأماني وحصائد الغرور فذلك هو السلاح الشيطاني المضاء{ يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا} والخروج عن الوسط ومجاوزة حد الاعتدال خطو إبليسي, ومسلك شيطاني. يقول بعض السلف: ما أمر الله تعالي بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلي تفريط أو تقصير, وإما إلي مجاوزة وغلو, ولا يبالي إبليس بأيهما ظفر. وإن حبائل الشيطان بين هذين الواديين تحبك وتحاك. غلا قوم في الأنبياء وأتباعهم حتي عبدوهم, وقصر آخرون حتي قتلوهم, وعن العلاج من مكائد الشيطان يوضح الدكتور حمادة القناوي ويقول لن ندفع شر إبليس لعنه الله, ولن نبطل مكائده, ولن ننجو من غوايته وفساده إلا بالاعتصام بالله تعالي, قال الله عز وجل:{ ومن يعتصم بالله فقد هدي إلي صراط مستقيم} ويدفع الله شر الشيطان بالإكثار من قراءة القرآن الكريم, فله خاصية في طرده, وكلما أكثر العبد من التلاوة حصن نفسه من الشيطان الرجيم وكذلك الزكاة والصدقة والإنفاق في شئون الخير, قال:(( والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار)).ومما يدفع كيد الشيطان مداومة ذكر الله بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار والدعاء, ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:(( إذا قال المؤمن: لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد, وهو علي كل شيء قدير. مائة مرة في أول يومه كان ذلك حرزا له من الشيطان في يومه, وكانت كعتق عشر رقاب, وكتب الله له مائة حسنة)) ومما يدفع الله به شر الشيطان شهود مجالس الخير والعلم, والبعد عن مجالس اللهو واللعب, والباطل والغفلة, فإن مجالس اللهو والباطل يحضرها الشيطان.