الأحد المقبل.. "المخاطر الإلكترونية وطرق التصدي لها" ندوة ب"إعلام عين شمس"    بنك مصر يرعى البطولة العربية العسكرية الأولى للفروسية    روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى    خلال جولته بالمنشاة.. محافظ سوهاج يتفقد مشروعات تطوير الريف المصري بقرية "الدناقلة"    «حماس»: لم نطلب الانتقال إلى سوريا أو إلى غيرها من الدول    الزمالك يتلقى خطاب بإيقاف القيد وحالة واحدة تنقذه    إصابة سيدة في حريق حظيرتي مواشي في بني سويف    تبدأ 1 يونيو.. جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 علمي وأدبي (تفاصيل)    للمرافعة.. تأجيل محاكمة المتهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لجلسة 25 يوليو    هنا الزاهد تروج لفيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" بردود أفعال الجمهور    «الأطفال والحوامل وكبار السن الأكثر عرضة».. 3 نصائح لتجنب الإصابة بضربة شمس    فانتازي يلا كورة.. من حصد نقاط "Bonus" في الجولة 34؟    ريهام العادلي تكتب: ذكرى تحرير سيناء .. وعظمة الانتصار المصري    عاجل| الدفاع الإسرائيلي: تم القضاء على نصف قادة حزب الله بجنوب لبنان    سفير بكين بالقاهرة: الصين تساهم بنسبة 30% فى النمو الاقتصادي العالمي    المرصد الأورومتوسطي: اكتشاف مقابر جماعية داخل مستشفيين بغزة إحدى جرائم الحرب الإسرائيلية    ثقافة وسينما وموسيقى.. نشاط مكثف ل الأوبرا نهاية ابريل (تفاصيل)    أوبرا دمنهور تحتفل بعيد تحرير سيناء الأحد (تفاصيل)    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    5 كلمات.. دار الإفتاء: أكثروا من هذا الدعاء اليوم تدخل الجنة    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    بعد الموافقة عليه.. أهداف هامة لقانون "التأمين الموحد"    مايا مرسي تشارك فى ندوة "الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادى للمرأة"    مع بدء الاستعداد لتقديم تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على أهميته وفقا للقانون    عاجل.. برشلونة يقاضي ريال مدريد بسبب هدف لامين يامال    أيمن الشريعى: لم أحدد مبلغ بيع "اوفا".. وفريق أنبى بطل دورى 2003    جِمال الوادي الجديد تحصد مراكز متقدمة بمهرجان سباق الهجن بشمال سيناء.. صور    يسري وحيد يدخل حسابات منتخب مصر في معسكر يونيو (خاص)    الترويج للاستثمار في مجالات التحول الأخضر والربط الكهربائي لتحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة    120 ألف وظيفة حكومية جديدة في تخصصات مختلفة.. اعرف موعد التقديم    خبراء استراتيجيون: الدولة وضعت خططا استراتيجية لتنطلق بسيناء من التطهير إلى التعمير    العدل تبدأ الجلسة الرابعة ل"اختراعات الذكاء الاصطناعى وملكية الاختراع"    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    بعد أن وزّع دعوات فرحه.. وفاة شاب قبل زفافه بأيام في قنا    ضبط 4 أشخاص بسوهاج لقيامهم بالحفر والتنقيب غير المشروع عن الآثار    11 يومًا مدفوعة الأجر.. مفاجأة سارة للموظفين والطلاب بشأن الإجازات في مايو    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    في ذكرى تحرير سيناء.. المؤتمر: أرض الفيروز بقعة مقدسة لمصر    الخارجية الأمريكية تحذر باكستان من احتمال التعرض لعقوبات بسبب تعاملاتها مع إيران    توقعات علم الفلك اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024    تعرف علي موعد عرض مسلسل نقطة سوداء    أسوشيتيد برس: احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين تستهدف وقف العلاقات المالية للكليات الأمريكية مع إسرائيل    قبطان سفينة عملاقة يبلغ عن إنفجار بالقرب من موقعه في جنوب جيبوتي    الصين تكشف عن مهام المركبة الفضائية «شنتشو-18»    الكشف على1017 مواطنا في 10 عيادات تخصصية بالإسماعيلية    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    للوقاية من الإصابة ب "تشمع الكبد"- اتبع هذه النصائح    « إيرماس » تنفذ خطة لتطوير ورشة صيانة الجرارات بتكلفة 300 مليون جنيه    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    للقضاء على كثافة الفصول.. طلب برلماني بزيادة مخصصات "الأبنية التعليمية" في الموازنة الجديدة    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    أبومسلم: وسام أبو علي الأفضل لقيادة هجوم الأهلي أمام مازيمبي    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مدارج السالكين" .. وتوبوا إلى الله لعلكم تفلحون (4)
نشر في محيط يوم 24 - 06 - 2016


الهداية لا تكون مع الجهل بالذنب ولا الإصرار عليه
الحق يرزق عباده وهو الغني ويعصونه وهم الفقراء
تذكر الذنب واستقباحه والخضوع لله .. صفات التائبين
الابتلاءات تطهر العبد من المعاصي.. والاعتصام بالله نجاة
استصغار الذنب والمجاهرة به .. تحوله كبيرة عند الله
الكفر والبدع والكبائر والإغراء .. أساليب شيطانية لعرقلة التوبة
المرائي بالعبادة كالصخرة التي لا تنبت مهما أصابها مطر
في مقام التوبة وهو أحد مقامات العارفين والعابدين لله، يفرد الإمام ابن القيم فصلا بكتابه "مدارج السالكين" ، وهو يعدد مسالك الشيطان من ابن آدم لإغرائه بالمعصية، ودروب جهاد المؤمن للنفس الأمارة بالسوء وعدو الله إبليس، وندم العبد الصالح على ذنوبه باستحضار هيمنة الإله والرب واستقباح ما جنته يداه.. كما يستعرض الإمام الجليل عقبات التوبة أمام العباد .
يقول الحق بمحكم التنزيل : "وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون" وفي آية أخرى يقول "ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" ويقول الرسول الكريم : "يا أيها الناس ، توبوا إلى الله، فو الله إني لأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" وكان أصحابه يعدون له في المجلس الواحد قبل أن يقوم "رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور، مائة مرة"
والتوبة هي رجوع العبد إلى الله، ومفارقته لصراط المغضوب عليهم والضالين، وذلك لا يحصل إلا بهداية الله إلى الصراط المستقيم. والهداية التامة لا تكون مع الجهل بالذنوب ولا مع الإصرار عليها .
أسباب التوبة
ومن أسباب التوبة : الاعتصام بالله، لقوله "ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم" ، وقد أجمع العارفون بالله على أن الخذلان أن يكلك الله إلى نفسك ويخلي بينك وبينها . ومن شروطها الندم والإقلاع والاعتذار. وكذلك من الأسباب ذكر الله فمن نسى الله فسوف ينسيه نفسه.
ومع هذا فلم يؤيس الله العاصي من رحمته، بل قال : متى جئتني قبلتك. وإن تقربت مني شبرا تقربت منك ذراعا، وإن تقربت مني ذراعا تقربت منك باعا . وإن مشيت إلي هرولت إليك. ولو لقيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، أتيتك بقرابها مغفرة، ولو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك . ومن أعظم مني جودا وكرما ؟ . عبادي يبارزونني بالعظائم، وأنا أكلؤهم على فرشهم، إني والجن والإنس في نبأ عظيم : أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي. خيري إلى العباد نازل. وشرهم إلى صاعد. أتحبب إليهم بنعمي . وأنا الغني عنهم . ويتغضون إلي بالمعاصي. وهم أفقر شيء إلي . "إلى آخر الحديث القدسي.
ومع تواتر إحسان الله إليك على مدى الأنفاس، فأنت توالى من عادى الله إبليس ، وقد أمرك الله بشكره لا لحاجته إليك ولكن لتسأل به المريد من فضله،
وتعظيم الجناية من أسباب حسن التوبة، لأنه من استهان بجنايته لم يندم عليها . وكذا تسيير القلب والجوارح لله
ومن عقوبة الذنب أنه يوجب ذنبا أكبر منه حتى يستحكم الهلاك، فالإصرار على المعصية معصية أخرى . وأشد من ذلك المجاهرة بالذنب مع تيقن نظر الرب جل جلاله من فوق عرشه إليه ، وهو ما يجعل العبد دائر بين قلة الحياء والانسلاخ من الدين.
ويؤكد ابن القيم أن أسلاف المسلمين تميزوا بعمق علومهم وقلة تكلفهم وكمال بصائرهم على عكس المتأخرين .
وفي الحديث أن "من أعرض عني ناديته من قريب . ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد . ومن أراد رضاي أردت ما يريد. ومن تصرف بحولي وقوتي ألنت له الحديد" ثم يقول عن عباده "أنا طبيبهم. أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب" ويقول صلى الله عليه وسلم "لله أشد فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض مهلكة دوية عليها طعامه وشرابه . فطلبها حتى إذا أيس من حصولها . نام في أصل شجرة ينتظر الموت. فاستيقظ فإذا هي على رأسه . قد تعلق خطامها بالشجرة . فالله أفرح بتوبة عبده من هذا براحلته " .
دفع قدر الله بقدر الله
والتائبون هم من ركبوا سفينة النجاة التي من تخلف عنها غرق، فركبوا سفينة الأمر بالقدر، والمتخلفون عن السفينة كقوم نوح أغرقوا ثم أحرقوا و"قيل بعدا للقوم الظالمين" ثم يقول الحق "وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين "وهؤلاء من كانوا يقولون بأن الله لو أراد لجعلهم مهتدين ومنهم عباد الأصنام وقتلة الأنبياء وفرعون وهامات وابي جهل وأصحابه وإبليس وجنوده، دائما العذر نفسه .
وأصحاب العزائم من العارفين يدفعون القدر بالقدر، ومن ذلك دفع السيئة بالحسنة، وكلاهما من قدر الله، وقيل لرسول الله (ص) : "يا رسول الله ، أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، وتقى نتقي بها. هل ترد من قدر الله شيئا ؟ قال : هي من قدر الله "
والاستسلام للعدو وعدم دفع أذاه بديار المسلمين بالجهاد الشرعي هو من المعاصي، وكذلك كل أذى لا يدفعه المسلم بما يقتضيه يكون بذلك عاصيا لربه .
وقيل أن داود قد نقش الخطيئة في كفه، وكان ينظر إليها ويبكي .فالذنب يتيه الإنسان عن الطريق. وإذا أحس العبد من نفسه حال العجب ونسيان المنة، فتذكر الذنب أنفع له . أما من أشرقت على قلبه أنوار الأسماء والصفات الربانية، فهذا يكون نسيانه لجنايته وإعراضه عن ذنبه أولى به وأنفه .
وتذكر الذنب يعرف العبد عزة الله في قضائه، وبره في ستره، وحلمه في إمهال راكبه، وكرمه في قبول العذر منه وفضله في مغفرته . ومن يتذكر ذلك يشعر بتمكن سيده وأن ناصيته بيده فلا توفيق له إلا بمعونته فهو ذليل في قبضة عزيز حميد . وأن يشعر ببره سبحانه في ستره عليه حال ارتكاب المعصية ، مع كمال رؤيته له . ولو شاء لفضحه بين خلقه فحذروه وهو من أسماء الله "البر" و"الحليم" و"الغفار"
والنفس فيها مضاهاة للربوبية ، ولو قدرت لقالت كقول فرعون. ولكنه قدر فأظهر وغيره عجز فأضمر . وإنما يخلصها من هذه المضاهاة ذل العبودية ، ما تعنيه من الافتقار إلى الله الغني، وطاعته وعبوديته وهو ذل اختيار وليس كمثل السابق يشترك فيه جميع الخلائق ،وهناك ذل المحبة وذل المعصية والجناية.
يقول رسول الله : "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، ثم يستغفرون فيغفر لهم".وقد جعل الله العفو أحب إليه من الانتقام، والرحمة أحب إليه من العقوبة والفضل أحب من العدل والعطاء أحب من المنع .
وسبحانه يضحك من عبده حين يترك فراشه ومضاجعته حبيبته إلى خدمته، يتلو آياته ويتملقه. ويضحك ممن هرب أصحابه عن العدو فأقبل إليهم وباع نفسه لله ولقاهم نحره حتى قُتل في محبته ورضاه . ويضحك ممن أعطى السائل سرا صدقته .
النفس الأمارة .. ودروب الشيطان
والله يعاقب عباده بالحجة على ذنوبهم، ومن تلك الحجج إرسال الرسل والكتب وإتيان العلم، لقوله سبحانه : "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" وهناك من يحق القول عليه من الكافرين وهناك من كان حيا متقبلا للإنذار منتفعا به. وقد حقت كلمة الإضلال والعذاب على الذين كفروا بسبب ظلمهم
ويقول الحق "إن النفس لأمارة بالسوء" و"من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" ولهذا كان الحبيب (ص) يستعيذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. وكان دعاؤه سيد الاستغفار اعترافا بربوبية الله وإلهيته وأن ناصية العباد بيده وأنه يلتزم بالدخول تحت عهده أي أمره ونهيه ما استطاع، لا بحسب أداء حقه، فهو جهد المقل وهو يفزع لرحمة الله مما يحيط به من هلاك .
ويفيد العبد التائب تذكره للشيطان الحاض على المعصية، من أجل كمال الاحتراز منه واليقظة، فهو يريده كافرا بالله وبدينه ولقائه ، وبصفاته كماله، وبما أخبرت به رسله ، ثم إن لم يفلح دخل من عقبة البدعة إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله، ثم إن لم ينجح دخل من باب الكبائر وتزيينها فيقول له : "لا يضر مع التوحيد ذنب، كما لا ينفع مع الشرك حسنة" وهي تعادي صريح السنة ، والبدع تستدرج بصغيرها إلى كبيرها، حتى ينسلخ صاحبها من الدين كما تنسل الشعرة من العجين ، يقول تعالى :"ومن لم يجعل الله له نورا فما له ن نور" .
وهناك عقبة الصغائر واستسهالها، ولا يزال الشيطان يهون على العبد أمرها حتى يصر عليها فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجل النادم أحسن حالا منه . يقول (ص) : "إياكم ومحقرات الذنوب"وهو ينهي حديثه الشريف بأنها كأعواد الحطب تجتمع على العبد حتى تهلكه .
وهناك عقبة المباحات، التي لا حرج على فاعلها، وهي تشغل عن الاستكثار من الطاعات وتطمع بترك السنن ومنها للواجبات.
وإن لم يفلح الشيطان في كل ما سبق فإنه يسلط جنده على المؤمن باليد واللسان والقلب، على حسب مرتبته في الخير، فكلما علت مرتبته أجلب عليه العدو بخيله ورجله، وأغرى السفهاء به، وتسمى مجابهة المؤمن لهذا الابتلاء بعبودية المراغمة ولا ينتبه لها إلا أولو البصائر ، يقول الحق "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة" فسمي المهاجر الذي يهاجر إلى عبادة الله مراغما يراغم به عدو الله وعدوه ، ويقول سبحانه "ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئا يغيط الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح . إن الله لا يضيع أجر المحسنين " ..
الفطرة تأبى القبائح
اللطيفة الثالثة من أسرار التوبة أن يرى التائب قبح ما نهى الله عنه، وحسن ما أمر به، وقد فطر عباده على الخير واستقباح ضده، فهم كمن يميز بين النتن والعطر، والحلو والحامض، يفرقون الطيب والخبيث والنافع والضار . يقول تعالى : "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن" ومن الفواحش طواف الجاهليين بالبيت الحرام عراة بإشراف قريش، وقولهم أنهم وجدوا آباءهم يفعلون ذلك، وهؤلاء فطرهم لا تميز الحق من الباطل . وكلمة "يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر" تعني أنه معروف لأصحاب العقول الصحيحة ومنكر لأصحاب الفطر والعقول السوية أيضا.
والله لا يحاسب المتقين كالفجار، وهو يقول "أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض، أم نجعل المتقين كالفجار" وأخبر سبحانه وتعالى عن الكافرين أنهم صم بكم عمي وشبههم بالأنعام التي لا عقول لها تميز بها بين الحسن والقبيح والحق والباطل ، ولهذا سيعترفون في النار بأنهم لو عادوا لأسماعهم وعقولهم لعلموا حسن ما جاءت به الرسل وقبح مخالفتهم . "وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير" .
وكذا يحذر الله من المرائين، فقلوبهم كصفوان عليه تراب أصابه وابل فتركه صلدا، أي أن قلب المرائي كحجر أملس تعلق به أثر عمله المرائي فأصابه مطر فلم ينبت شيئا . أما مثل من ينفق ماله ابتغاء مرضاة الله كجنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين، وإن لم يصبها وابل فطل، أي أصحاب الإيمان والإخلاص الأقل فهم قلوبهم كجنة عالية طاف بها مطر خفيف .
ويقول تعالى "إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر. وإن تشكروا يرضه لكم" فالكفر والشكر واقعان بمشيئته وقدره ، وأحدهما محبوب له مرضي، والآخر مبغوض له مسخوط . وفي الصحيح عن النبي (ص) : "إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال، وكثرة السؤال. وإضاعة المال"
وتأمل دعاء النبي (ص) " :"اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك"
والعبادة بالجوارج فحسب كثيرة المؤنة قليلة الفائدة، والمطلوب متابعتها بالإخلاص للمعبود. وأحب العباد إلى الله من يستكثرون من الصالحات مع مراقبة لها ، وفي الحديث القدسي: "ما تقرب إلي عبدهي بمثل أداء ما افترضت عليه . ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى احبه. فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها. فبي يسمع وبي يبصر وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.