ألقى وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة كلمة، وجه فيها التهنئة للرئيس عبدالفتاح السيسى والشعب المصرى والأمتين العربية والإسلامية بمناسبة ليلة القدر وعيد الفطر المبارك. وتحدث وزير الأوقاف عن ثلاث نقاط تتعلق ب«فهم المقاصد» قائلًا: نقف مع آية واحدة من كتاب الله عز وجل حيث يقول الحق سبحانه: «إنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا».. وإذا كان الجزء الأول جاء على سبيل الحقيقة بأن من قتل نفسًا؛ أى نفس بغير حق، «فكأنما قتل الناس جميعًا»، والجزء الثانى من الآية يحتاج إلى وقفة وتأمل فى قوله تعالى: «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا»؛ لأن الإحياء الحقيقى للنفس لا يكون إلا لله وحده فيُحمل الأمر هنا على المعنى المجازى، والمراد من عمل على إحيائها أو حافظ على بقائها حية». وأضاف وزير الأوقاف محمد مختار جمعة قائلًا: إنه إذا كان المتطرفون والإرهابيون يعملون على إزهاق الأنفس بدون حق، فإن كل من يدفع عنها شر المتطرفين والإرهابيين سواء أكان دفعًا عسكريًا أم أمنيًا أم قضائيًا أم علميًا أم فكريًا أم دعويًا، فكأنما أحيا الناس جميعًا، ويدخل فى ذلك أيضًا كل من وفر لها الدواء والغذاء وشربة الماء النقية ومهد الطرق لأن تمهيد الطرق يقلل نسب الحوادث فيحافظ على الأنفس من الهلاك، فكل ما يؤدى إلى استمرار حياة النفس البشرية ويدفع عنها الهلاك داخل فى قوله تعالى: «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا». وتابع جمعة قائلًا: «أما النقطة الثانية فتتعلق بتحريف الغالين لمفاهيم النصوص.. تحريف الغالين الذين يحاولون أن يرسخوا لفقه الجماعة على حساب فقه بناء الدول، ففقه بناء الدول يتسم بالسعة والمرونة، أما فقه الجماعات فنفعى سطحى، مُغلق، مصلحة التنظيم فيه فوق مصلحة الدولة، ومصلحة الجماعة فوق مصلحة الأمة بل فوق مصلحة الدين نفسه، وقد حاولت الجماعات المتطرفة إحداث حالة من القطيعة مقصودة، وإحداث حالة من القطيعة والشقاق بين الشعوب وحكامها، فأخذت تسوق نفسها على أنها حامية حمى الدين، وأن من كان مع النظام أو الدولة حتى لو كان النظام فى عدل سيدنا عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فهو ضدها، وبالطبع من منظورها هو ضد الدين وهذه دعوات مشبوهة تعمل على تفكيك الدول من داخلها وتحقق أهداف أعدائها المتربصين بها. وقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف: إن «هذه الجماعات المتطرفة ترى أن كل ما يقوى الدولة يضعف الجماعة، وكل ما يضعف الدولة يقوى الجماعة، فهى لا تقوم ولا تتغذى إلا على أنقاض الدول على نحو ما نرى حولنا.. على أن الإسلام قد أوجب للحاكم العادل حق الطاعة بل حق الإعانة والتقدير». وبشأن النقطة الثالثة، قال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة إنها الأهم، فهى حاجتنا الملحة لاستخدام المنهج النقدى العقلى فى إعادة قراءة المتغير من تراثنا مع الحفاظ على ثوابتنا الشرعية. وضرب جمعة، مثالًا على ذلك بمثال من أحد عيون كتب التراث التى هى مناط الاحترام والتقدير، وهو تفسير الإمام القرطبى الذى تعلمنا وما زلنا نتعلم منه، غير أننا نريد أن نبين بوضوح أن كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن الإمام القرطبى ذكر فى تفسير آية الدعاء وتحديدًا فى الجزء الثانى من الكتاب طبعة «عالم الكتب» أن الإمام علىرضى الله عنه قال لنوف البكالي: «يا نوف لا تكونن شاعرًا ولا شرطيًا ولا جابيًا ولا عشارًا». وأشار إلى أن سيدنا داود قام فى ساعة من الليل فقال: «إنها ساعة لا يدعو عبد إلا استُجيب له فيها، إلا أن يكون شرطيًا أو جابيًا أو عشارًا»؛ ومثل هذا الكلام إذا أخذ على علاته يهدم الدول ولا يبنيها أبدًا. وأوضح أنه خلال البحث وجد فى سند هذا القول كلًا من سهل بن شعيب «مجهول الحال»، أبى عال بن الثقيل «مجهول الحال»، عبد الأعلى بن عامر الكوفى «ضعيف الحديث»، مما يؤكد أننا فى حاجة ماسة وملحة إلى إعادة قراءة تراثنا الفكرى قراءة جديدة بروح عصرية ناقدة وواعية. وعقب ذلك، ألقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، كلمة، تقدم فيها بالتهنئة للرئيس السيسى ولشعب مصر الأبى ولعالمنا العربى والإسلامي. وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر: «إن الحديث عن هذا الدين الحضارى، الذى يجازى أهله اليوم جزاء سنمار، حديث طويل وهو أقرب إلى أن يكون حديثًا عن طبيعة اللص الذى يعيش على قدرات الناس ثم يكره أن يذكرهم بكلمة شكر أو تقدير أو عرفان بالجميل». وتابع قائلًا: «أنا أقصد هنا جزاء الأمة العربية والإسلامية فى مرآة الغرب الحديث، وما تمخضت عنه قيمه الحضارية فى باب سداد الديون والاعتراف بالجميل لأصحابه.. أقصد هذا المصطلح الكريه الذى نجح فى تصوير الإسلام بصورة الدين المتعطش لسفك الدماء، ومطالبة العالم المتحضر بتعقبه والإجهاز عليه أنى وجده فى غرب أو شرق». وقال: «أتحدث عن الإسلاموفوبيا، تلكم الكلمة اللقيطة، والتى ما فتئ علماء المسلمين، ومفكروهم الأحرار يفندونها ويكشفون عن زيفها، وتهافتها منذ أكثر من خمسة عشر عامًا، فى ندوات ومؤتمرات وأوراق علمية ونقدية، وحوارات الأديان والحضارات، دون أى ثمرة تذكر فى لجم الآلة الإعلامية الغربية وردعها عن غرس كراهية الإسلام فى عقول الشعوب الأوروبية والأمريكية وقلوبهم وبأساليب متعددة. ووجه الدكتور أحمد الطيب حديثه إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى قائلًا: «لقد سعدتُ وسعد الأزهر الشريف بعلمائه وطلابه وهو يستمع لحديثكم المتزن الجريء، فى مؤتمر القِمَّة الإسلاميَّة بمكة المكرَّمة أول أمس، والذى لمستم فيه بحكمة جرح الأُمَّة النازف بسبب ما اُبتليت به من جماعات العُنف والإرهاب، فى الشرق وبسبب الإسلاموفوبيا وأكاذيبها فى الغرب، وطالبتم كل المؤسسات المعنية بالتصدِّى لوباء الإرهاب، كما طالبتم بوقف خطاب الإسلاموفوبيا وكراهية العرب والمسلمين، والذى لم يَعُد مقبولًا لا إنسانيًّا ولا حضاريًّا، فجزاكم الله سيادة الريس عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء».