كان صلى الله عليه وسلم ضحاكًا بسامًا مع أهله وأصحابه؛ يمازح زوجاته ويلاطفهن ويؤنسهن ويحادثهن حديث الود والحب والحنان والعطف؛ وكانت تعلو محيّاه الطاهر البسمة المشرقة الموحية، فإذا قابل بها الناس أسر قلوبهم أسرًا فمالت نفوسهم بالكلية إليه وتهافتت أرواحهم عليه، وكان يمزح ولا يقول إلا حقًا، فيكون مزحه على أرواح أصحابه ألطف من يد الوالد الحانى على رأس ابنه الوديع، يمازحهم فتنشط أرواحهم وتنشرح صدورهم وتنطلق أسارير وجوههم. قال ابن القيم: «وكان جلّ ضحكه صلى الله عليه وسلم التبسم، بل كله تبسم، فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه، وكان يضحك مما يضحك منه، وهو مما يتعجب من مثله، ويُستغرب وقوعه ويستندر»، ومما ينبغى أن يشار إليه: أن ضحكه صلى الله عليه وسلم لم يكن قهقهة فى يوم من الأيام. فى ضحكه ومزاحه ودعابته كان وسطاً بين من جفّ خلقه ويبس طبعه وتجهّم محيّاه وعبس وجهه، وبين من أكثر من الضحك واستهتر فى المزاح وأدمن الدعابة والخفة وسألته امرأة عجوز قالت: يا رسول الله! ادع الله أن يدخلنى الجنة، فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: (يا أُم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز، فولت تبكي، فقال: أخبروها أنها لا تدخلها وهى عجوز، إن الله تعالى يقول: « إِنّآ أَنشَأْنَاهُنّ إِنشَآءً * فَجَعَلْنَاهُنّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً».