تحفل السنة النبوية المشرفة، وحياة الرسول بمواقف كثيرة من الضحك، وكان عليه الصلاة السلام إذا سره شيء تبسم، بل إن الأمر كان يتعدى ذلك إلى أن تظهر اسنانه الشريفة، وكان مع ذلك يمزح ولايقول إلا حقًّا،وكان بسّامًا،وكان لايحدث بحديث إلا تبسم، وكان يشارك أصحابه فى ضحكهم ولعبهم ومزاحهم،كمايشاركهم آلامهم وأحزانهم ومصائبهم، ووصفه الصحابة بأنه كان من أفكه الناس،وكان فى بيته يمازح زوجاته ويداعبهن،ويستمع إلى أقاصيصهن. الدكتور أحمد كريمة- أستاذ اصول الدين بجامعة الازهريقول: من شمائل الرسول عليه الصلاة والسلام أنه كان يتبسم لكن لم تصدر منه قهقهة، وهناك مواقف كثيرة وعديدة ومتنوعة فاحد الصحابة كان مشهورا بالضحك والفكاهة والمقالب وفى يوم من الايام اشتاق الصحابة رضى الله عنهم للحم الطازج، وحدث ان جاء اعرابى اسمه نعيمان وربط ناقته بجدران المسجد، فجاء وقال اذبحوا هذه الناقة ورسول الله يدفع ثمنها فلماخرج الاعرابى من المسجد لم يجد ناقته فذهب ليشتكى الى رسول الله واشار الصحابة عن مكان اختبائه فلما قبض عليه قال له من قال لك ان تذبح ناقة لا تملكها قال له الذين دلوك عن مكاني. وأضاف: ويدل على مرحه صلى الله عليه وسلم تلقيبه لأبوهريرة عندما وجده يضع قطة فى كمه فصارت لقبا له، وايضا عندما مازح سيدة قائلا لها يا زوجة الرجل الذى فى عينيه بياض، فلما ذهبت المرأة نظرت فى عين زوجها فلم تجد بياضا، فقال لها لم تنظرين الى هكذا، فاشارت اليه ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها يا زوجة الرجل الذى فى عينيه بياض، فقال لها ان الرسول يمازحك. ومن المواقف التى حدثت فى حياة النبى أنه دخلت عليها عجوز وقالت له ادع الله تعالى ان اكون معكم فى الجنة فقل لها الرسول ان الجنة لا يدخلها عجوز فولولت المرأة ، فهدأ الرسول من روعها وقال لها ان الله لا يدخل الجنة الناس عواجيز، ولكن يرجعهم إلى صباهم وشبابهم ففرحت المرأة. ويؤكد الدكتور عبد الله عبد العليم الصبان- استاذ اصول الحديث بالازهر-، أن الرسول الكريم كان يداعب أصحابه ويقابلهم بالابتسامة، وكان لا يقول إلا حقًا حتى وإن كان مازحًا، وانه جاء رجل من الصحابة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطلب منه دابة يسافر عليها فأراد النبى أن يمازح الرجل ويطيِّب خاطره فقال له: «إنَّا حاملوك على ولد الناقة، فاستغرب الرجل كيف يعطيه النبى ولد الناقة ليركب عليه، فولد الناقة صغير، ولا يتحمل مشقة الحمل والسفر، وإنما يتحمل هذه المشقة النوق الكبيرة فقط ، فقال الرجل متعجباً: وما أصنع بولد الناقة ؟». ويقول كان النبى يقصد أنه سيعطيه ناقة كبيرة، فداعبه النبى قائلاً: «وهل تلد الإبل إلا النوق؟»، كما كان الصحابى عَدِيٌ بن حاتم -رضى الله عنه- يسارع فى تنفيذ ما أمر به الإسلام، لأنه يحب دينه ويحب ما جاء به من أشياء، ولما نزل قول الله -عز وجل-:»وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود» أسرع عدى إلى حبلين كانا عنده، أحدهما أبيض والآخر أسود، ووضعهما تحت وسادته قبل أن ينام، وذلك حتى يعرف متى يبدأ الصوم ويمتنع عن الطعام والشراب، وكان عدى يظن أنه حين يستطيع أن يميز بين لونى الحبلين يبدأ فى الصوم،ولكنه ظل طوال الليل ينظر إلى الحبلين وهو لا يستطيع أن يميز الأبيض من الأسود، وعندما أشرق النهار أسرع عدى إلى النبى - صلى الله عليه وسلم- وأخبره بما فعل ليلة أمس، فابتسم النبي-صلى الله عليه وسلم- مما فعل عدى ، وقال له:» إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل» ويقول الدكتور رشاد خليل -عميد كلية اصول الدين بالازهر: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفرح ويضحك عندما يحقق ما يريد، وخاصة عندما ينصره الله على أهل الكفر والشرك، ومن هذه المواقف، ما كان يوم أحد حيث جاءت نسوة من المؤمنين الى ساحة القتال بعد نهاية المعركة، وكان فى هؤلاء النسوة أم أيمن، وكانت رأت فلول المسلمين يريدون دخول المدينة، فأخذت تحثو فى وجوههم التراب، وتقول لبعضهم: هاك المغزل، وهلم سيفك، ثم سارعت إلى ساحة القتال، فأخذت تسقى الجرحى، فرماها حبان بن العرقة بسهم، فوقعت، وتكشفت، فأغرق عدو الله فى الضحك، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدفع الى سعد بن ابى وقاص سهما لا نصل له، وقال: «ارم به» فوقع السهم فى نحر حبان، فوقع مستلقيا حتى تكشف، فضحك رسول الله، حتى بدت نواجذه ثم قال: «استقاد لها سعد». وقد جاء رسول قيصر الروم يحمل رسالته الى النبى صلى الله عليه وسلم، فلما أتاه أبى أن يسلم، وقال إننى اقبلت من قبل قوم وأنا فيهم على دين، ولست مستبدلا بدينهم حتى أرجع اليهم، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تبسم. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: «إن رجلا ظاهر امرأته فغشيها قبل ان يكفّر، فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: ما حملك على ذلك ؟ فقال: يا رسول الله، رأيت بياض حجليها فى القمر فلم أملك نفسى أن وقعت عليها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ألا يقربها حتى يكفّر». ويروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يضحك ويفرح من افعال بعض أزواجه، وتروى السيدة عائشة رضى الله عنها فتقول: «أتيت بخزيرة طبختها، فقلت لسودة والنبى صلى الله عليه وسلم بينى وبينها، كلي، فأبت، فقلت: لتأكلى أو لألطخن وجهك، فأبت فوضعت يدى فيها فلطختها وطليت وجهها فضحك النبى صلى الله عليه وسلم».