إن الناظر فى أحوال الناس اليوم يجد أن الطلاق أصبح عند بعض الرجال ممارسة يومية وأسلوب حياة وألعوبة على لسانه مهدداً به زوجته فى كل لحظةوكأنها «علكة» بين أسنانه قائلا: على الطلاق ألا تفعلى كذا وعلى الطلاق ألا تلبسى كذا وعلى الطلاق ألا تخرجى أو تذهبى إلى كذا وفى كل مرة يخبرك أنه لم يكن ينتوى طلاقا !! وربما يكون من المقبول تهديد الرجل زوجته الناشز بالطلاق لتخاف وترتدع لكن من غير المقبول التلفظ بالطلاق على أتفه الأسباب، لأن ذلك من شأنه أن يؤدى إلى فقدان الأمان لدى الزوجة وبالتالى فتور العلاقة الزوجية ولأن الإكثار من لفظ الطلاق والتهديد به يتنافى مع طبيعة الحياة الزوجية التى أساسها المودة والرحمة. والإكثار من التلفظ بالطلاق على كل صغير وكبير والتساهل فى شأن الحلف به يعتبر استهزاء بأحكام الله تعالى وقد نهانا الله عن ذلك فقال تعالى «وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا» البقرة:231، وقد قال ابن العربى فى أحكام القرآن: ومن اتخاذ آيات الله هزوا ما روى عن ابن عباس أنه سئل عن رجل قال لامرأته أنت طالق مائة، فقال: يكفيك منها ثلاث والسبعة والتسعون اتخذت بها آيات الله هزوا فمن اتخاذها هزوا على هذا مخالفة حدودها فيعاقب بإلزامها وعلى هذا يتركب طلاق الهازل» فالطلاق شأنه عظيم عند الله عز وجل، لهذا يستوى فى حكمه القاصد والهازل، فعن أبى هريرة –رضى الله عنه- قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ والرجعة» رواه أبو داود. ولا شك أن هناك حالات مستعصية يتسع فيها الخلاف بين الزوجين ويتعذر الإصلاح بحيث يصبح الطلاق ضرورة ولكن المشكلة تبقى فيمن يسيء استخدام هذا التشريع ويستخدمه كأول الحلول للتعامل مع المشكلات الزوجية مع أن الله تعالى شرعه كآخر الحلول عند تعذر الإصلاح، مما أدى إلى ضعف وتفكك الأسرة فانتشرت ظاهرة الطلاق خاصة الطلاق المبكر فأعلى نسبة طلاق من الرجال فى الفئة العمرية ما بين سن 20 - 30 سنةوشهدت معدلات الطلاق فى مصر ارتفاعا ملحوظا حتى أصبحت مصر الأولى عالميا بمعدل فاق 170 ألف حالة طلاق فى عام 2015 مما يعنى وقوع نحو 240 حالة طلاق يوميا بمعدل حالة كل 6 دقائق وبات فى بلدنا 2.5 مليون مطلقة حتى أصبح هذا يمثل واقعا مؤلما، انعكس على المجتمع كله.