إذا كنت فى أسوان وتصادف أنك فى شهر رمضان، ثق تماما إنه لا مفر أمامك من تناول مشروب الأبريه الذى يتصدر موائد الإفطار الأسوانية، خاصة فى النوبة، فهو ب الأشهر والمفضل فى الشهر المبارك ومن بعده يأتى العرديب والكركدية والدوم وغيرها من المشروبات الأخرى. والأبريه الذى ينطقه البعض «أبريق» وفى بعض الأحيان «أبريج» بتعطيش الجيم هو مشروب نوبى أصيل وعريق، وكما يقول محمد صبرى سرور رئيس الإتحاد النوعى للجمعيات النوبية أن للشهر الكريم فى النوبة مذاقا خاصا ومختلفا، فالنوبة معروف عنها التلاحم فى المناسبات، لذا فقبل قدوم الشهر تتسارع سيدات القرى ويتناوبن بالتجمع فى كل بيت لعمل الأبريه الذى لا يخلو بيت منه فى النوبة على الإطلاق. وتشرح بنت النوبة كريمة بكار طريقة صنع « الأبريه « قائلة إنه يتكون من الذرة الرفيعة التى تطحن جيدا ثم تعجن لعجينة سائلة تشبه عجائن الكنافة ثم تخمر وتوضع على الدوكة التى هى عبارة عن قرص حديدى صلب مثبت على النار المشتعلة بالأخشاب، وعقب تسخين الدوكة يتم وضع العجين وفرده على شكل طبقات رقيقة وبمجرد تصنيعه يجف ويكون سهل التكسير إلى قطع صغيرة. وتضيف بنت النوبة قائلة : يتم تحضير المشروب مع عصير الليمون أو مشروب البلح المُحلى بالسكر ويكسر الأبريه إلى رقائق صغيرة جدا وتوضع على العصير ويقلب ويترك لمدة ساعة قبل الإفطار ليصبح بمذاق صحى رائع، خاصة بعد إضافة الحلبة والحبهان والكمون. وتقول الحاجة شمعة مصرى من نجع الشديد بقرية غرب أسوان إن الجيران كانوا يتجمعون فى منزل واحد فى النوبة القديمة لعمل «الآبريه « وتسويته على الدوكة بجريد النخيل أما الآن مع تقدم الزمن أصبح يسوى على الدوكة ولكن باستخدام الغاز وكل سيدة تقوم بعمله بمفردها فى منزلها، وأشارت إلى أنها تقوم أيضا بعمل مشروب «الأبريه مديد» وهو من أشهر المشروبات الساخنة فى رمضان، ويتم تحضيره من الحلبة المضافة للأبريه وهو مشروب يقاوم العطش فى فصل الصيف. حدوتة المشروبات الأسوانية لها تاريخ طويل هنا فى ساحرة الجنوب، حيث ترتبط إما بزراعتها فى الجنوب أو باستيرادها من السودان الشقيق الذى هو على مسافة قريبة جدا من أسوان، لذا فلا يخلو محل واحد من بيعها وكل صنف ونوع بسعره الذى يناسب جودته، ومن أهم هذه المشروبات الدوم الذى يتم تجهيزه بنقعه فى الماء ثم غليه أولا قبل تصفيته من خلال قطعة قماش من الشاش ويقدم باردا، أما الكركديه فيتم غليه فقط فى الماء وتقديمه إما باردا أو ساخنا عقب تصفيته، ويبقى التمر الهندى أو العرديب ولابد من نقعه فى الماء لمدة يومين على الأقل. ويقول الشيخ نصر كرار شيخ البشارية فى أسوان إن الجّبنة هى المشروب الرئيسى للبشارية والعبابدة فى كل مكان، سواء فى المدينة أو وادى العلاقى والصحراء الشرقية، فهو مشروب خاص جدا عبارة عن بن صاحي- صحيح- يتم طحنه بمطحنة فى وقت تجهيزه فقط بعد الإفطار، وبعد الطحن يتم خلطه بالحبهان ويضاف له المستكة،وعلى جمر الفحم يوضع فى إبريق فخارى تنتهى فوهته بمصفاة طبيعية من الليف حتى تمام غليه ويصب فى فناجين صغيرة جدا ويتناوله العبابدة والبشارية فى حلقات تجمعهم بعد صلاة التراويح كأحلى فنجان قهوة أصلى، ويضيف كرار مبتسما :أن تقديم الجّبنة فى عرف البشارية والعبابدة يعد إكراما وتشريفا للضيف والمضيف،ورفض تناوله يعد عيبا كبيرا فى حق من يقدمه.