إن الناظر فى أحوال الناس اليوم يجد أن كثيرا من الناس أصبحوا لا يعرفون للجار حقا رغم أن كثيراً من الأمثال تتحدث عن الجيران والجيرة، فنحن نقول «الجار قبل الدار » و «النبى وصى على سابع جار » ومع ذلك يتفنن البعض فى إيذاء جيرانه ومضايقتهم بشكل مباشر أو غير مباشر وتعددت صور إيذاء الجيران ومنها: رفع صوت المذياع والتلفاز خصوصا فى وقت يحتاج فيه إلى الراحة، ووضع القمامة أمام بيته وركن السيارة أمام مدخل بيته فتضيق عليه فى الدخول والخروج، وإشاعة أخباره وأسراره بين الناس وتنفير الناس منه أو السخرية منه واحتقاره، والتطلع إلى عوراته ومحارمه وعدم غض البصرعن أهله فإذا صعدت على سطح منزلك ورأيت عورة لجارك فحق الإسلام غض البصر، وحق الجوار عدم خيانة جارك، ومنها كذلك التجسس عليه وتلصص النظر من النوافذ أو الشرفات أو ما يسمى بالمنور وقد كان العرب يفخرون بصيانتهم أعراض الجيران حتى فى الجاهلية، يقول عنترة: وأغض طرفى إن بدت لى جارتى *** حتى يوارى جارتى مأواها لقد جعل الإسلام لكل فرد من أفراد المجتمع حقوقاً وفرض عليه واجبات، ليعيش المجتمع فى راحة وسعادة إذا تم الالتزام بهذه الحقوق والواجبات ومن تلك الحقوق التى أرستها الشريعة الإسلامية فى التعامل ما بين الناس حقوق الجار وقد حث الإسلام على الإحسان إلى جميع الجيران وجعل ذلك دليلاً على صدق الإيمان وأوصى الله تعالى فى القرآن الكريم بالإحسان إليه فقال جل شأنه: «وَاعْبُدُوا ا وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَا سْملََاكِينِ وَا اْجلَرِ ذِى الْقُرْبَى وَا اْجلَرِ ا نْجلُُبِ وَالصَّاحِبِ بِا نْجلَْبِ » النساء: 63 . لقد كان المسلمون طوال تاريخهم نماذج مشرفة فى حسن المعاملة مع الجار وتجنب الإساءة إليه وقد ذكر الإمام الغزالى فى الإحياء: «أن بعضهم شكا كثرة الفئران فى داره، فقيل له: لو اقتنيت هرًّا؛ أي: قطة؛ حتى يهرب الفأر من دارك، فقال: أخشى أن يسمع الفأر صوت الهر، فيهرب إلى الجيران، فأكون قد أحببت لهم ما لا أحبُّ لنفسي .» أما والله لو علم الجار بفضل جاره عليه ما آذاه أبدا فعن أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلمٍ يموتُ فَيَشْهَدُ لهُ أربعَةٌ أهلُ أَبْياتٍ من جِيرَانِهِ الأَدْنَ أنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ إَّال خيرًا؛ إَّال قال اللهُ: قد قَبِلْتُ عِلْمَكُمْ فيهِ، وغَفَرْتُ لهُ ما لا تعلمُونَ » رواه أبو يعلى وابن