(وتحسبهم أيقاظا وهم رقود....) (الكهف 18) أن ينام الإنسان يوميا من 4 – 8 ساعات فهذا أمر طبيعى، وأن ينام يوماً كاملا أو عدة أيام متواصلة فهذا أمر مستغرب وأما أن ينام 309 سنة متواصلة فهذا هو الإعجاز بعينه والذى يؤكد أن أصحاب الكهف كانوا نياما وليسوا أمواتا الآتي: أولاً: توفير الأمن لهم: والأمن المعنوى كان متوفراً فى قوله تعالى على لسانهم (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) (سورة الكهف 10).وقد توفر لهم الأمن الحسى فى أنهم كانوا فتية ولم يكن فتى واحدا فذلك أدعى إلى الاطمئنان وكذلك توفر لهم الأمن الحسى من وجود الكلب معهم باسطا ذراعيه بعتبة الباب. ثانياً: توقف حاسة السمع تماماً مما أدى إلى عدم تأثرهم بكل المؤثرات السمعية مثل صوت الرياح أو السحاب أو الرعد وذلك فى قوله تعالى (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِى الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) (سورة الكهف 11) ثالثاً: تزويد أجسامهم بطاقة الشمس اللازمة لاستمرار الحياة حيث كانت المصدر الوحيد فى ذلك فى قوله تعالى (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ) (الكهف 17). وفى المعجم الوجيز «ازاور عن» أى مال وانحرف وقرض الشيء قرضا «أى قطعه» وهنا نجد أنه عند شروق الشمس تنحرف عن يمين الكهف أى لا تدخله و«عن» تفيد البعد وعند الغروب فإن الشمس تقطع أجسادهم بشعاع مائل. رابعاً: تزويد الكهف بكميات كافية من الهواء والأوكسجين اللازم لاستمرار الحياة ويؤخذ هذا من قوله تعالى (وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ مِّنْهُ) (الكهف 17) وهذا يفيد الاتساع بحيث يسمح بتهوية مناسبة. خامساً: أن الذى ينظر إليهم يحسبهم أيقاظا وذلك لأن أعينهم كانت مفتوحة لئلا يسرع إليها الهلاك يفهم هذا من قوله تعالى (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً) (الكهف 18). سادساً: وأهم ما يؤكد أنهم كانوا نياماً ولم يكونوا أمواتا قوله تعالى (وَهُمْ رُقُودٌ) (الكهف 18) ففى المعجم الوجيز «رقد رقدا ورقوداً» أى نام. أى أن هذه الفترات الطويلة كانت نوماً ولم تكن موتا. سابعاً: التقليب المستمر لهم يميناً ويساراً حتى لا يصابوا بجلطات فى الأوردة التى قد تصل إلى القلب فتكون قاتلة وحتى لا تتكون أيضا القرح السامة للفراش فى منطقة العجز فقد تكون قاتلة أيضا وذلك مفهوم من قوله تعالى (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ) (الكهف 18). ثامناً: تعديل نظام الإخراج لهم ليكون على هيئة طول فى شعر الرأس واللحية والشارب والأظافر وذلك مفهوم من قوله تعالى (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً). ومفهوم الرعب هنا هو الطول المرعب للشعر والأظافر وأما إذا كانوا موتى فلا يوجد ما يؤدى إلى الرعب أو الفرار منهم عند رؤيتهم. تاسعاً: تخفيض معدلات الأيض (التمثيل الغذائ) إلى أقل درجة ممكنة لبقاء الحياة ودلالة ذلك موجود فى بعض البرمائيات مثل الضفادع فى البيات الشتوى.وهكذا يتضح أن أهل الكهف قد هيأ الله سبحانه وتعالى بقدرته أن يناموا أكثر من ثلاثمائة سنة مع تهيئة كل الظروف المناسبة بحكمته لهذا النوم الطويل الخارق للعادة والنواميس الكونية لأن الله سبحانه هو خالق الكون وهو على كل شيء قدير.وصدق من قال فى كتابه الكريم منذ أكثر من 0041 عام فى سورة الكهف آية18(....وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وًهُمْ رُقُود...).