في محاولة لمنع الحرف اليدوية من الاندثار أطلق مصطفي كامل الباحث في علم المصريات, مبادرة يالا علي الورشة, التي نجحت برغم انطلاقها منذ شهور قليلة, أن تحقق انتشارا واسعا لاسيما بين الشباب, حيث أقبلوا علي المشاركة في ورش العمل التي نظمها مؤسس المبادرة, بالتعاون مع أرباب الحرف وشيوخ القنون التراثية المختلفة. وتعد المبادرة وسيلة لتعليم بعض الحرف التراثية المهددة بالانقراض لجيل جديد, ليحافظ عليها, ويصبح قادرا علي نقلها إلي جيل آخر, وهكذا يتم تداولها بين الأجيال المختلفة.ومن أهم ما تتميز به أنها ميدانية, تعتمد علي الجانب العملي في الأساس, حيث اتفق الباحث مع عدد من أصحاب ورش المهن التراثية علي تعليم عدد من الشباب كل داخل ورشته, باعتبار أنهم خير من يتقن مهارات الحرفة والأكثر دراية بأسرارها وتفاصيلها, وبالتالي تتيح المبادرة للمشاركين في هذه الورش تعلم الأصول الصحيحة للحرف المختلفة. ويقول مصطفي كامل لالأهرام المسائي: للمبادرة أبعاد متعددة, إذ تهدف إلي الإسهام من جهة في منع هذه الفنون من الفناء, ومن جهة أخري إيجاد مصدر رزق لهؤلاء الشباب, إما بالعمل في واحدة من الورش أو بتصنيع منتجات بالمنزل, وبيعها بالمعارض المتخصصة التي ترعاها بعض مؤسسات الدولة أو الجمعيات الأهلية, وذلك بعد إتقانها في الورش التي ننظمها. ويؤكد أنه في ضوء هذه المبادرة ستتحول الورش الكبيرة إلي مدارس تكون قادرة علي ضخ دماء جديدة من الحرفيين, وهو ما سيسهم أيضا في تحسين الحالة الاقتصادية لقطاع الحرفيين ولو جزئيا, وبهذا تكون المبادرة قد أدت أدوارا متعددة علي الأصعدة التراثية والاجتماعية والاقتصادية وفي السياق ذاته يتابع: ولا يقل أهمية عن ذلك جذب السياح إلي وجهات جديدة في مصر, هي ورش الفنون التراثية اليدوية, التي تلقي تقديرا كبيرا من جانبهم, ولذلك لم يكن تعاونيا فقط مع الحرفيين والأفراد الراغبين في تعلم الحرف, إنما أيضا شمل جهات ومؤسسات عديدة منها هيئة تنشيط السياحة والشركات السياحية, إضافة إلي التعاون مع أكاديميات الفنون و المتاحف ومنها متحف الفن الإسلامي و متحف النسيج, و المتحف المصري بدأ كامل مبادرته في منتصف العام الماضي عبر إقامة ورشة لفن الخيامية بمنطقة الدرب الأحمر بورشة أحد شيوخ المهنة, ثم ورشة تعلم التطعيم بالصدف, وتبعتها فنون النحاس,ونجحت جميعها وهو ما دفعه إلي: التوجه بمجموعة من الحرفيين إلي جامعة المنصورة لإقامة ورش بالتعاون مع إدارة الجامعة, كبداية للتوجه إلي الشباب حيث يكونون. يذكر أن هذه الورش لاقت إقبالا شديدا, وشارك فيها أعداد كبيرة, فاقت توقعات مؤسس المبادرة يقول: فوجئت بتوافد المشاركين, لاسيما من جانب الشباب, و كان من اللافت أن طلبة الكليات الفنية وخاصة التطبيقية يمثلون نسبة كبيرة من المشاركين, لرغبتهم في تشرب أسرار المهنة التي من الصعب أن تتيحها لهم الكليات التي يدرسون بها, بعيدا عن أرباب الحرف. تأتي المبادرة تأثرا من جانب مصطفي كامل بنشأته في حارة عبد الله بك بحي الدرب الأحمر الذي يشغي بالورش, وحيث تحيط به العمارة القديمة, و حيث أيضا تشرب منذ طفولته الحكايات وقصص التراث, وهو مادفعه إلي التفكير في مشروعين متوازيين, الأول توثيق التراث عبر تسجيل مقاطع فيديو ل أسطوات الحرف وهم يتناولون أسرار الحرفة وتاريخها, والآخر إطلاق مبادرة لتعليم هذه الحرف, حتي لا يقتصر علي الجانب النظري. ويقول: قادني التوثيق إلي هذه المبادرة, إلي اكتشاف أثناء التوثيق مدي روعة فنوننا, وشعرت أن سمة عميقة لمصر تندثر, فقررت أن أحاول المشاركة في منع هذا الخطر وبالتأكيد خير وسيلة لإحياء حرفة ما هو تعليمها للأجيال الجديدة. يضيف مصطفي كامل في حواره ل واحة الأهرام المسائي: لن أترك مجالا في الفنون التراثية دون تطبيق المبادرة فيه, ومن ذلك صناعة الحصير والمشكاوات والزجاج والكانيه و تكفيت النحاس, والزجاج المعشق, والأويمة, والصدف والأرابيسك, والسجاد اليدوي, والنحت, والنسيج اليدوي, وأتمني أن تنتشر في كل الدول العربية للمحافظة علي فنوننا من الاندثار وحول الجوانب الجديدة التي سيضيفها لمبادرته في2019 يقول: تماشيا مع الاتجاه العالمي للاحتفاء بالفنون والتصاميم الفرعونية, سأعمل أيضا علي إحياء فنون تراثية تنتمي للحضارة القديمة,ولذلك سيتم التعاون مع المبدعين في مجال استنساخ الآثار الفرعونية. وفنون مثل الفخار, والنجارة وسأوجه اهتماما خاصا بالكتابة الخط الهيراطيقي علي البردي بالأفلام الخوص لكيلا تندثر أيضا. ويلفت: شبح الإندثار يواجه الكثير من الحرف المصرية, بعد أن تم غلق عشرات الورش لرحيل أصحابها, في الوقت الذي تنصرف فيه الأجيال الجديدة عن تعلمها لعدم وجود أماكن تقوم بتدريسه بالطريقة الصحيحة التي تضمن لهم إجادة هذه الفنون و تأهيلهم لسوق العمل, ومن هنا تنبع أهمية هذه المبادرة التي تتيح للمشاركين تعلم أصولها علي أيدي شيوخها.