علي حد علمي لايوجد أحد في مصر من الحكومة أو المعارضة, من المسلمين أو المسيحيين ينكر وجود توتر طائفي مستمر منذ عقود في مصر, ولايوجد من ينكر ان هناك مجموعة من المشاكل يعاني منها الأقباط بوجه خاص تغيرت. كما ونوعا في سياق التحولات الاجتماعية والسياسية التي حدثت علي مدي نصف القرن الماضي. وعلي مدي العشرين عاما الماضية اشترك كاتب هذه السطور في مؤتمرات ولقاءات ومنتديات وطنية تحاول فهم طبيعة المشكلة وأسبابها واقتراح الحلول إن امكن, وماميز هذه اللقاءات انها كانت تجمع اطياف النخبة المثقفة المصرية جميعها من اقصي اليمين إلي اقصي اليسار, وضمت كوكبة من المفكرين المصريين من التيار الإسلامي ومن اليسار والقوميين والليبراليين, وأهم مافعلته انها وضعت قضية الأقباط والمساواة والمواطنة في السياق الوطني العام, فحل مشاكل الأقباط مرهون باشتراك المصريين جميعا في إيجاد حلول مشتركة لمشاكل الوطن. واعرف ويعرف الجميع ان كل من كان له اهتمام بأمن مصر, وكل من له إيمان بكرامة الانسان وحقه في الحرية, قد أسهم بالفكر والحركة لمحاولة فهم المشكلة وطرح الحلول, وإن شئت مثالا في محاولة الفهم فانظر علي الأقل إلي حجم مانشر علي مدي العا الماضي فقط, في جريدتي الأهرام اليوميتن الصباحية والمسائية, بالإضافة إلي مانشره مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية, وإن شئت نموذجا لحركة جادة في هذا السياق للمجتمع المدني فيكفي ان تري نشاطات مجموعة مصريون ضد التمييز الديني. وفي كل هذه المحاولات المصرية كان اقباط المهجر موجودين بشكل أو بآخر واشهد انني وجدت من كثيرين منهم غيره وطنية وطائفية, ان جاز التعبير, وإن اتسمت ببعض الحدة, إلا أنها في مجملها كانت محاولات مخلصة لمصر اقباطها ومسلميها. وعلي مدي هذه السنين لم يحدث في أي محاولة للفهم أو النقاش أو حتي الشجار ان جري ربط بين قضية الأقباط من جهة والصراع العربي الإسرائيلي والحرب علي الإرهاب من جهة أخري إلا من خلال تأثير التوترات الإقليمية والعالمية علي العلاقات المسيحية الإسلامية في العالم العربي ككل, وعدا هذا لم يشر احد من المسلمين أو المسيحيين, ولم اقرأ لاحد من الأجانب, أي ادعاءات بوجود مثل هذه العلاقة. لكن يبدو ان مثل هذا التاريخ الطويل من الحوار الوطني لايرضي السيد مجدي خليل, وهو مصري يحمل الجنسية الأمريكية, ومؤسس ومدير منتدي الشرق الأوسط للحريات في مصر, فقد قدم مشاركة في مؤتمر لمنتدي أمريكي قدم فيه ملاحظات عن الأقباط, واراها انا افتراءات خطيرة عليهم وعلي المصريين جميعا فالسيد خليل يزعم وأنا هنا أنقل كلامه كما نشرته الصحف إن الاقباط يؤيدون الحرب الدولية علي الإرهاب في حين ان معظم المسلمين يعتبرونها حربا علي الإسلام وعلي الدول الإسلامية, وان الإقباط يحبون أمريكا في حين ان معظم المسلمين يكرهونها!!. وأن الأقباط يرغبون في ان تهتم مصر بمشاكلها وقضاياها فقط في حين يري المسلمون ان لمصر دورا اساسيا في مساعدة العرب والمسلمين!! وان الأقباط يويدون السلام مع إسرائيل ويريدون غلق ملف العداوة طالما ان الأراضي المصرية المحتلة عادت كاملة في حين تري اجهزة الأمن القومي ومعها الشارع الإسلامي ان إسرائيل هي العدو الأول لمصر وللإسلام!!!. فإن لم تكن هذه محاولة لزرع الفتنة وإيجاد مزيد من التوتر الطائفي فماذا تكون؟ ومن أين اتي بهذا الكم من التبجح علي الأقباط والمسلمين بهذه الآراء القاطعة وكيف تأكد منها؟ وكيف تجرأ وسمح لنفسه ان يتحدث باسم الأقباط علي هذا النحو؟ ومن اعطاها الإذن من الإقباط أو غيرهم ان يحدد من يحبون ومن يكرهون؟ ان مايقوله مجدي خليل عن ان تقوية وضع الأقباط في مصر هو مصلحة غربية وأمريكية ويهودية, لأن الكتلة القبطية الكبيرة في مصر هي التي تحاول منع مصر من ان تتحول إلي دولة إسلامية جهادية معادية للغرب ومعادية لإسرائيل, هو اتهام كامل العناصر لأقباط مصر بالخيانة, وهو استعداء للغرب علي مسلميها فهل نرضي نحن المصريين بذلك؟ انني ادعو المصريين جميعا والأقباط بصفة خاصة ان يهبوا جميعا للدفاع عن انفسهم ضد هذه الافتراءات الصارخة, فعلينا جميعا ان نضع حدا لأمثال هؤلاء المحرضين علي تماسكنا الاجتماعي والوطني سواء كانوا مدفوعين بالجهل أو بالمكر. وللمرة الألف ليس لأحد الحديث باسم الأقباط أي كان موقعه كنسيا كان أم مدنيا, داخل مصر أو خارجها, مسيحيا كان أو مسلما, فالأقباط عنوان واحد هو مصر وهم مصريون قبل ان يكونوا أقباطا, انهم مواطنون كاملي المواطنة أو هم علي الأقل مثل سائر المصريين يسعون ويكافحون من اجل المواطنة الكاملة, وهم لم يفوضوا احدا للحديث باسمهم أو ان يعلن بالنيابة عنهم من يحبون ومن يكرهون, واتقوا الله في وطنكم. انني ادعو المصريين جميعا والأقباط بصفة خاصة ان يهبوا جميعا للدفاع عن انفسهم ضد هذه الافتراءات الصارخة, فعلينا جميعا ان نضع حدا لأمثال هؤلاء المحرضين علي تماسكنا الاجتماعي اعرف ويعرف الجميع ان كل من كان له اهتمام بأمن مصر, وكل من له إيمان بكرامة الانسان وحقه في الحرية, قد أسهم بالفكر والحركة لمحاولة فهم المشكلة وطرح الحلول