تمثل كيفية تحقيق الاستقرار الاقتصادي مع طرح فرص عمل جديدة وتحسين المستوي المعيشي للمواطنيين اهم التحديات التي تواجه حكومة شرف الثانية. كما تشكل ادارة تحديات علي المدي القصير والمتوسط عاملا حاسما لنجاح تلك الحكومة خلال المرحلة الانتقالية الحالية في مصر. وسوف تصطدم مهمة تحقيق بعض اهداف ثورة25 يناير بعوامل كثيرة اهمها الماضي وشرعية سياسات النظام السابق وضعف المؤسسات الحكومية وأهمها بالطبع المؤسسات الاقتصادية ومحدودية الموارد المالية وغموض وازدواجية المجتمع الدولي ومواقفه والشكوك المتزايدة حول دور القطاع الخاص وخاصة في اهمية حماية رجال الاعمال الشرفاء في مقابل الفاسدين الذين حققوا ثروات هائلة من زواج رأس المال بالسلطة. وعلي عكس الربيع الاوروبي الشرقي كما اكد د. ابراهيم سيف الخبير في مركز كارينجي ببيروت في ورقته البحثية المهمة ان التعايش بين الرأسمالية والدولة في مصر ينذر بتعقيد المرحلة الانتقالية في اقرار وانشاء نظام اقتصادي جديد. وقد دعا خبراء اقتصاديون مثل د. سلطان ابو علي لانشاء اقتصاد السوق الاجتماعي وهو يقترب من الطريق الثالث الذي طرح في اوروبا لتعزيز دور الدولة في مواجهة تفويض واشنطن الذي ثبتت مساوئه لأنه قلص سلطات الدولة ووسع من دور القطاع الخاص مما حول الرأسمالية التي انتهجتها مصر الي رأسمالية متوحشة حيث تكدست ثروات رجال الاعمال الذين تحايلوا جيدا علي القوانيين ولم تسهم مشروعاتهم في تحقيق التوظيف المطلوب وتشغيل طوابير العاطلين التي امتد عددها وازداد طولها. فيما دعا خبير التخطيط الاقتصادي ابراهيم العيسوي الي نموذج مستقل في التنمية يتم فيه الاعتماد علي الموارد الذاتية للدولة مع مساهمة القطاع الخاص الشريف في التنمية. كما ادت ممارسات النظام السابق وسوء استخدامه للسلطة الي تقويض دور المجتمع المدني والمؤسسات التي يجب اشراكها في عملية التحول مثل منظمات وهيئات حماية المستهلك كما لم تسهم الاصلاحات الاقتصادية السابقة الي تعزيز الديمقراطية وتم تهميش دور فئات كثيرة مثل الشباب كما تفسر تلك الديناميكيات التأثير المحدود للتنمية وسوء توزيع الدخل الذي تفاقم بدرجة كبيرة خلال السنوات ال10 الماضية مما جعل من الصعب علي الطبقات الفقيرة تحسين ظروفهم المعيشية مما اسهم في بروز ظاهرة بطالة النمو في المنطقة وهي الظاهرة التي تعني ان النمو لم يسهم في خفض معدلات البطالة كما هو متوقع في نماذج التنمية المختلفة وحيث ان معدلات التنمية جاءت دون ان يكون ذلك مصحوبا بحفزات عالية في التوظيف والتشغيل الكبير وليس نموا بحفزات منخفضة التشغيل كما رأينا أو أن معدلات النمو تمت في مجالات الاقتصاد الرسمي فقط وفي الحالتين لم تستفد الطبقات الفقيرة او المحدودة الدخل من ديناميكيات هذا النمو فقطاعات مثل التشييد والبناء والخدمات والمصارف والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كانت تتطلب مؤهلات محدودة في التشغيل والتوظيف ومهارات من الصعب الحصول عليها بدون موارد مالية كافية بينما كما يقول خبير مركز كاربنجي د. ابراهيم سيف أن العاملين في الاقتصاد الرسمي كانوا معرضين بدرجة كبيرة للتحولات والتغييرات الصعبة لظروف العمل في تلك القطاعات ولديناميكيات السوق. كما ادي ذلك لتركز الفقر في عدد كبير من موظفي قطاعات الحكومة والقطاع الخاص والاقتصاد غير الرسمي مثل الزراعة وعمال التراحيل مما جعل من الصعب الحصول علي فرص عمل بشروط تتخطي خط الفقر. وقال انه من الواضح ان معدلات النمو التي وصلت الي8% لم تركز علي عقد اجتماعي جديد أو دينامكيات اجتماعية جديدة كما تواصلت الاصلاحات الاقتصادية رغم تفاقم معدلات البطالة التي وصلت الي34% بين الشباب والفقر بنسبة22% من المصريين رغم الصور الوردية لتصريحات المسئولين السابقين. وقال ان الاقتصاد قد شهد منذ الثورة تدهورا كبيرا فانخفض معدل النمو الي4% وتدهور التصنيع ب21% وانهار قطاع السياحة مما وضع ضغوطا كبيرة علي ميزان المدفوعات وتراجع الاحتياطي من النقد الاجنبي وتراجع الاحتياطي الرسمي ب9 مليارات دولار هذا العام وقدرت الحكومة العجز في التمويل الخارجي ب11 مليار دولار في النصف الاخير من العام الحالي والنصف الاول من العام المقبل. ودفعت هذه المؤشرات الناجمة عن ممارسات الفساد الي اصابة الحكومة بالشلل والعجز عن مواجهة الازمة كما ادي ماذكرته وسائل الاعلام وخاصة الفضائيات من مبالغات في الارقام الي سمعة غير جيدة لأي محاولات جديدة من الاصلاح كما دفع ذلك ايضا الحكومة الي الاعلان عن اجراءات لتسكين الشارع مثل توظيف450 الفا سنويا وزيادة المرتبات بنسبة15% وذلك علي حساب الاقتصاد وخاصة علي المدي الطويل وعلي الموازنة وعرقلة جهود خفض العجز الحكومي كما يشل فعالية الاداء الحكومي ويجعل دوره هشا ويسمح لفاعلين آخرين للعب هذا الدور.