أروع ما في هذه القرية أنها تتيح لنا نوعا من السياحة لم نعتده كثيرا في مصر, وهو السياحة الريفية, بكل روعتها وخصوصيتها واختلافها عن أي نوع آخر من السياحة, فعندما تزورها تعتقد أنك قد انتقلت إلي منتجع سياحي ريفي يستند في المقام الأول إلي الطبيعة الخلابة, فإذا بك تكتشف أنك في حضور قرية الشخلوبة.. المصور الشاب محمد ورداني سافر إليها, والتقط لها مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي تبدو كما لو كانت لوحات فنية, متسائلا متي تدرج القرية علي الخريطة السياحية, وتصبح واحدة من الوجهات السياحية المصرية؟! ويعلق: في حالة الاهتمام بها من الممكن أن تتحول إلي فينسيا مصر!, إن ذلك هو الرأي الذي أبداه تجاهها صديقي المصور الأسترالي الذي صاحبني في رحلتي إليها!, وأدعو هواة السفر إلي التوجه إليها لاسيما في هذا التوقيت من السنة. وتتميز القرية بمجموعة من السمات الخاصة, والملامح المتفردة أبرزها: عندما تسافر إليها تعيش الحياة البسيطة الجميلة, بعيدا عن ضجيج المدن وازدحامها وإيقاعها السريع الروتيني, فتستمتع بالهدوء والاستجمام, والراحة النفسية. قرية صغيرة لا يعرفها كثير من المصريين, أطلق عليها هذا الاسم غير التقليدي الشخلوبة بحسب السيد فرحات شيخ صيادي القرية: بسبب تجمع كميات كبيرة من سمك اسمه الشخلوت, الذي كان يأتي من البحر الأبيض, فيشد من المياه المالحة إلي المياه الحلوة, ليستقر أمام المكان الذي كان يعرف باسم مصرف رقم9, والقرية تعد حديثة, حيث تعود إلي نحو130 سنة فقط. تتمتع بموقع جغرافي فريد, وثروات طبيعية غنية, وتحاول الآن أن تجد لنفسها مكانا علي خريطة السياحة المصرية. لاسيما أنها القرية الوحيدة الواقعة علي الساحل الجنوبيللبرلس, تلك البحيرة الملهمة الغنية بمراكبها وأساطيرها وحكاويها, ولعل أول من التفت إلي خصوصيتها وغموضها الكاتب محمود سالم حين اختارها لتدور فيها أحداث إحدي مغامرات المغامرين الخمسة الشهيرة منذ سنوات طويلة. قبل أن تصل إلي الشخلوبة تبهرك المراكب والبيوت التي تعلوها رسوم متنوعة مبهجة, معبرة عن الحضارة المصرية القديمة, ومفردات البيئة, والرؤي المستقبلية; حيث تستقبل البرلس كل عام المهرجان الذي يحمل اسمها, وفيه يعكف الفنانون المصريون والأجانب علي المشاركين بالرسم علي المراكب, وجدران المنازل العتيقة, ويشاركهم أهلها, ويقام معرض في نهاية الملتقي لعرض المراكب. وذلك برعاية الفنان المعروف الفنان عبد الوهاب عبد المحسن. وهكذا تتزود بجرعة فنية بيئية لا تجدها في أي مكان آخر. القرية تتمتع بمختلف عناصر الجذب لعشاق الطبيعة وهواة التصوير والترحال في الشتاء; حيث اعتدال المناخ والطيور المهاجرة والمنظرالجمالي لبزوغ الشمس و السحب. يدهشك أنه بالرغم من وقوع الشخلوبة في الريف, إلا أنه ليس الزرع أو المزارعين هو ما تشتهر به; حيث يعيش في القرية نحو15 ألف نسمة, يعمل معظمهم في صيد الأسماك وبيعها عن طريق المزادات, إضافة إلي صناعة المراكب,. التي يمكن لك أن ترقب رجال القرية أثناء تصنيعها ببراعة وخبرة طويلة, إضافة إلي تأمل منظر المراكب بأحجامها المختلفة علي جانبيها, التي ترتكن علي الشاطئ في مشهد يعيد إلي ذاكرتك زخم منطقة المكس في الإسكندرية. للقرية الواقعة علي أطراف بحيرة البرلس شمال كفر الشيخ مدخلان أحدهما بري, وآخر من داخل البحيرة, التي يمكن القول إنها تقطع القرية إلي ضفتين, وتنتظر إقامة جسر يحتضن مقاهي حديثة و مطاعم أسماك لترحب بالزوار, وتدعوهم إلي الجلوس لأوقات طويلة في تأمل واستيعاب كل هذا الجمال, فهل يتحقق هذا الحلم الغالي لسكان القرية ؟! من الأماكن التي يمكنك زيارتها ذلك البيت الصغير الوحيد الذي يتوسط بحيرة البرلس والمحاط بالأشجار والنباتات, في منظر بديع يثير الفضول داخل كل زائر للمكان عن حكاية هذا البيت الغامض, والذي يروي عنه أهل القرية الكثير, وربما من أكثر هذه الحكايات قربا للواقع, أن بيت قرية الشخلوبة بني منذ عشرات السنين, وكان عبارة عن حلقة سمك لتجمع الصيادين لتجارة حصيلة صيدهم. تنتظر القرية اهتماما كبيرا, لاسيما من جانب مسئولي السياحة ورجال الأعمال, إضافة إلي ضرورة تسليط الاعلام الأضواء عليها, لجذب الاستثمارات وتحويلها إلي وجهة سياحية مختلفة, ومن الأفكار التي يطرحها أهلها هو إقامة جسر يحتضن مجموعة متنوعة من المقاهي والمطاعم, خاصة مطاعم الأسماك التي تباع هناك بسعر زهيد, كما أنه من الممكن أن تتم إقامة بيوت من الطين أو العشش للزائرين, والفنادق صديقة البيئة التي تتخذ الطابع الريفي البسيط ليتماهي مع المكان..