الأقدار رتبت لقاءهما أثناء فرارهما من موقعة الجمل في ميدان التحرير.. هو طبيب من المنصورة.. أخذ إجازة أسبوعا.. ليشارك في ثورة الخامس والعشرين من يناير. وهي خريجة كلية تربية طفولة.. قاهرية من السيدة زينب.. تساقط العديد من الجرحي والقتلي من الثورة المضادة التي تضخمت ثرواتها في عصر الفساد تحاول إجهاض ثورة الشباب عاد للميدان تشاركه إسعاف الجرحي إنهم لا يقلون وطنية عن الموجودين في الميدان لم تعبأ بتلك العصا التي انهالت علي ظهرها أحدهم يدفعها بعيدا عن مرمي سنجة كادت تشطرها نصفين.. من رجل كان يرتدي النقاب..استطاعا الامساك به.. وشل حركته..وركله وضربه.. حتي سقط وسط بركة من الدماء.. إنه واحد من البلطجية المدفوع بهم لاسقاط ثورة الشباب إنهم يواجهون الموت في شجاعة وقد امتلأ الميدان عن آخره.. من رجال ونساء مختلفي الأعمار..يساندون الشباب لا يحملون مديا أو عصيا لكنهم يحملون إصرارا وشجاعة علي الخوض فيما بدأوه نصر حتي التحرير لأول مرة يكتشف أنها علي قدر من الجمال بعينين سوداوين يدور فيهما بؤبؤان واسعان وفم ريان ضبطته متلبسا وهو يرصدهما.. كانت هذه النظرات نادرة أول الأمر ثم ازدادت تدريجيا.. حتي أنها عجزت عن تفادي سهام نظراته.. رغم محاولتها خفض العينين التي بدت أكثر فتنة.. ربما لم يكن لديهما الوقت الكاف لرشق هذه السهام والنظرات.. اثناء إنشغالها بالثورة.. انكسر القفل الذي صدأ.. والجرح الذي برأ.. وتحققت أحلامهما المسجونة.. ونجحت ثورتهم.. قطرات من الحياة بدأت تسري في حنايا القلب.. وتتفتح الأزهار بعد نوم طويل ويعود لون الورود إلي خديها.. بعد أن تنسمت رياح الحياة.. وامتلأت سلال الحسان بأجمل الثمر.. الشمس البرتقالية.. تنشر الربيع.. وتهب رياح خفيفة تحمل عطرها الذي استنشقه وانساب في أعماقه.. قالت له: ثورتنا نجحت في أن تخطو خطوة للأمام.. قال نعم: وتراجعت خطوتين للخلف.. لقد تعلم وهو طبيب.. أن هناك عدة عوامل تحيط بكل مرض.. تسمي عوامل الخطر.. وشرح لها علي سبيل المثال.. ان السمنة والتدخين يؤديان إلي جلطات القلب.. وهذه عوامل خطر قد تؤدي لتوقف الحياة إنه نفس الخطر الذي بات يهددنا بإفساد حياتنا.. من إضرابات فئوية بعضها مشروع والبعض الآخر غير مشروع.. غلبت عليه المصلحة الشخصية.. والمنافع الفردية.. إضرابات تعترض علي عمداء الكليات.. وبعض المحافظين قبل أن يتولوا مهام مناصبهم.. وقطع سكك الحديد.. والطرق السريعة.. الحياة توقفت.. لابد من خفض الصوت العالي.. والاتجاه لدفع عجلة الحياة.. والانتاج. ثورة الخامس والعشرين من يناير.. اشبه بعملية جراحية.. نجحت وحققت الكثير من مطالبها.. التي لم نكن نقدر علي الحلم بها طوال ثلاثة عقود.. لكن علينا أن نعترف.. أنه نتجت عنها مضاعفات.. كالنهب والتدمير الواسعة للممتلكات العامة والخاصة.. كبدت خزانة الدولة عشرات المليارات وفرار مئات الألوف من السياح إلي بلادهم.. مما أدي إلي انهيار السياحة.. وهي من أهم موارد الدولة لابد من إحياء روح الثورة في تصحيح مسار المواطنة.. فلا يكون التعبير عن عمق الانتماء للوطن.. مجرد التلويح بعلم ولافتة.. حقيقة مصر انتقلت إلي عصر جديد.. لابد فيه من البناء ومضاعفة الانتاج ودفع عجلة الحياة.. لمح في عينيها أسي عميقا.. وهي توافقه في أننا نخطو.. خطوة للأمام.. وخطوتين للخلف.. دون أن نغفل التفاؤل بغد أفضل محمد محمود غدية المحلة الكبري [email protected]