كانت الطبلية.. إلي عهد قريب تمثل إحدي العلامات البارزة للأسرة الواحاتية في أول أيام عيد الأضحي المبارك وكانت من أهم العادات والطقوس التي كان الأجداد ينتظرونها كل عيد للم شمل الأسرة وتناول وجبة الإفطار المكونة من اللحوم الساخنة والممبار والخضار المشكل معا, إلا أنها باتت غير موجودة حاليا مع الأحفاد إلا من بعض العائلات التي لاتزال تحرص عليها حتي الآن. والطبلية الواحاتية كما يطلق عليها كتاب تاريخ الواحات ويتحدث عنها كبار السن ممن عاشوها, هي عبارة عن قيام كل شخص في( الدرب) وهو المكان الذي كان يضم عددا كبيرا من الأسر وفي الغالب كانوا أقارب أو من عائلة واحدة, خاصة من القادرين ماديا عقب أداء صلاة العيد وتقديم التهاني لبعضهم البعض بإحضار طبلية عظيمة عليها جميع المأكولات الساخنة و يتجمع كل سكان الدرب ليتناولوا الإفطار مع بعضهم البعض إلي جانب تناول الشاي ويتسامروا فيما بينهم ويتدارسوا أحوالهم المعيشية خصوصا نظم الري والاستزراع حتي يأتي وقت الظهيرة ويؤدوا صلاة الظهر ثم يتوجهوا للحقول الزراعية. بينما فسر البعض من الأحفاد غياب الطبلية الواحاتية لتغير الظروف الاجتماعية وانشغال الناس بمهام الحياة وتراجع مشاعر الود التي كانت موجودة بالفعل بين الناس. ويقول مجدي داود- أحد سكان الخارجة إن الحياة تغيرت رغم ما سمعناه عن أهمية لقاء الناس وتجمعهم في مناسبة مثل هذه وتناول إفطار الأضحية مع بعضهم البعض وإزالة أي خلافات فيما بينهم, مشيرا إلي أن أهل الواحات يمتازون بالطيبة والشفافية من زمن بعيد رغم الظروف الجغرافية التي يعيشونها وكانوا دائما بالود عايشين وهو ما تحاكي لنا من الأجداد. ويضيف عبد الله أبو منذر أحد سكان بولاق أنه رغم عدم معايشتنا لهذه الطقوس ولكن من خلال ما سمعناه عنها يشير إلي أنها كانت علامة صحيحة وأتمني أن تعود مرة أخري لتكون فرصة للسماح والود والحياة الكريمة بين الناس. بينما تري أمال عبد المريد من سكان حي الأمل أن الفكرة كانت عظيمة للتعايش والود بين أبناء الواحة ولابد للنظر إليها نظرة اجتماعية وليست علي أنها مسألة أكل وشرب لأنها تجمع الناس والكل يصفوا بالسلام والود فيما بينهم. ودعت أمال الأسرة الواحاتية إلي التمسك بعادات القدماء من الأجداد لأنها كانت في الغالب تحمل قيما ومبادئ سامية, وفيها عادات تنم عن الأسلوب السليم في التربية والحياة المملوءة بالتفاؤل والمثابرة وإيمان كل شخص بقضية الرزق.