يحرص أبناء الوادي الجديد، قبيل شهر رمضان المعظم على تزيين الشوارع وشرفات المنازل، بينما تسارع الأسر على شراء الفوانيس الصغيرة للأطفال وفوانيس كبيرة تعلق في الشرفات أو يتشاركون لتعليقها بوسط الشوارع خاصة في المناطق الشعبية. ومع بدء شهر رمضان تتبادل العزائم بين الأسر والأصدقاء ويتناولون وجبات الإفطار المتنوعة، والتي تزخر بأنواع مختلفة من الطعام المميز للواحات والسحور التي لا تخلو من الفول والزبادي والعصائر الطازجة. "المريسة" وهي عصير منقوع التمر الذي تعده السيدات قبلها بيوم وتبدأ بخطوات إحضاره عقب صلاة الفجر ليتناولوه الصائمون قبيل الإفطار. يؤكد محروس حامد، من واحة باريس، أن عصير البلح وجبة متكاملة للصائم ومفيدة صحية حيث تعده ربة المنزل من خلال نقع العجوة في المياه لساعات طويلة تبدأ من الفجر وحتى العصر وبعد صلاة العصر تبدأ في هرس المنقوع الناتجمن عملية النقع وهرس البلح بالأيدي ثم وضع عصير ليمون عليه وتصفيته بمصفاة خاصة ليخرج بشكل عصير متماسك القوما بني اللون يتناوله الصائم قبيل الإفطار. أما العيش الشمسي فهو ملك المائدة طوال رمضان، حيث تحرص جميع الأسر في مناطق الخارجة والداخلة وباريس وبلاط على خبزه، نظرًا لمذاقه المميز وقيمته الغذائية في وجبتي الإفطار والسحور، ما تسبب في أن تعمل مخابز الخبز البلدي المدعم بنصف طاقتها خلال رمضان لقلة الطلب عليها. يقول محمود محمد إبراهيم، من سكان الخارجة، إن العيش الشمسي من الموروثات القديمة لأهل الواحات، والكثير من الأسر ما زالت تشترى الدقيق الحر من الأسواق لتخبزه في منازلها، مع الاختلاف في شكل الأفران التي أصبحت اليوم تعمل بالكهرباء، بالإضافة إلى البوتاجاز، بخلاف أيام زمان التي كانت تعتمد خلالها الأسر على الفرن البلدي المبنى من الطوب اللبن ويتم إشعاله من المخلفات الزراعية، حيث اندثرت الآن مع تمدن مناطق الوادى الجديد. وأوضحت سهير محمد إبراهيم، ربة منزل، أن تحضير العيش الشمسي بالرغم من كونه شاقا وصعبا، فإنه موروث عن الأجداد من سكان الواحات الأصليين، حيث إنه يتم وضع العجين قبل دخوله الفرن في الشمس لمدة لا تقل عن ساعة ثم يتم وضعه في الفرن حتى السواء ليخرج بعدها طازجا وجاهزا للأكل. وأكدت وفاء حسن محمد موظفة، أن الرغيف الواحد من العيش الشمسي يكفي لإطعام فردين، كما أن وجوده داخل البيت في الواحات يمثل للأسر أمانا واطمئنانا، خاصة في شهر رمضان الذى لا تفضل فيه الأسر تناول الخبز المدعم؛ مشيرة إلى أن الأسر الواحاتية لا تستغنى عن العيش الشمسى والدوم خلال رمضان وأن الخبز الإفرنجى بأنواعه والياميش بأنواعه ما هى إلا مجرد غزو ثقافي لطقوس واحاتية أصيلة حسب تعبيرها. وتشير وفاء إلى أن الخبز الشمسى يعد إحدى الهدايا التى يتم إرسالها إلى الأبناء الذين يتزوجون، حيث تحرص العائلات على إرساله إلى أبنائهم، خاصة حديثى الزواج منذ أول يوم من شهر رمضان، بالإضافة إلى أهمية وجود العيش الشمسى ومشروب المريسة او الدوم خلال تجمع العائلة في أغلب أيام رمضان على طبلية واحدة. ويعد الإفطار الجماعي بالخبز الشمسي ومشروب الدوم من أهم مظاهر شهر رمضان، حيث يتم تنظيم موائد إفطار داخل المساجد، يشارك فيها العديد من سكان الحي الواحد، الرجال والأطفال، حيث كان يحرص سكان الواحات قديما على إقامة الموائد طوال رمضان لسكان الحي، لكن مع انتشار موائد الرحمن وزيادة الخصوصية للأهالي بسبب زيادة الكثافة السكانية الوافدة إليها، اندثرت هذه العادة وأصبح التعويض عنها من خلال الإفطار في المساجد. وتؤكد آية مدحت محمد، موظفة بالخارجة، أن المحاشي من أهم الوجبات التي يحرص عليها ابن الواحة خاصة الممبار والتي يقبل عليها الكثير من أبناء الواحات من خلال تجهيز مع وجبات اللحوم المحمرة والفتة البلدي المعدة من خلال بقاية العيش الشمسي. وفي المساء يقبل العديد من أبناء الواحات على الحدائق العامة والمتنزهات وخاصة حقول النخيل ولقضاء فترة ليالي رمضان ومنهم من يحرص على مشاهدة عروض الفرقة الشعبية للمحافظة والتي تقدمها قصور الثقافة سواء على المسارح أو في الأماكن العامة.