يعتز أبناء الأقاليم بالمباني ذات الطابع الأثري في المحافظات ويرون أن كثيرا من القصور والعقارات الأثرية كنوز لم يستغل معظمها حتي الآن سواء بتوثيقها أو بحمايتها من أطماع الهدم لبناء الأبراج السكنية بدلا منها. ومؤخرا بدأت الدولة في الاهتمام بها كثروة تاريخية.. وكمصدر للقيمة المجتمعية وللدخل السياحي والقومي. الأهرام المسائي تجول بين المحافظات لرصد أهمية وعي المواطنين بقيمة التراث, وتعريفهم بالأهمية التاريخية والمعمارية والحضارية للمباني التراثية في مدنهم وكانت السطور التالية: أسيوط.. مدينة التراث إلكسان صدر له قرار منذ22 عاما بتحويله إلي متحف ومازال معطلا أسيوط حمادة السعيد وائل سمير وصف أهالي أسيوط ما تتعرض له القصور التاريخية بالمحافظة بالمذبحة بسبب جشع مافيا العقارات الذين أعماهم الطمع وصم آذانهم.. يشهد علي ذلك قصر إلكسان باشا أحد أقدم القصور الأثرية بأسيوط وأكثرها جمالا ويشير إلي حالة اللامبالاة في شأن تحويل القصر إلي متحف قومي لأسيوط ينشط الحركة السياحية بالمحافظة ويدر دخلا للدولة خاصة وأن المحافظة تعج بالكثير من الآثار الفرعونية والرومانية والقبطية والإسلامية ومؤخرا يتندر الأهالي ويتحاكون عن أن المتحف الوحيد الذي تم فيه جمع آثار أسيوط.. غرفة داخل مدرسة السلام وأنه أمر غير لائق بالكنوز الأثرية التي تتمتع بها أسيوط. يقول حسين عبد الله عامر إن حالة السلبية جعلت القصور التاريخية والأثرية مباحة أمام مافيا العقارات الذين وجدوا فيها ضالتهم للكسب السريع بهدمها واستبدالها بأبراج سكنية تجلب لهم ملايين الجنيهات الأمر الذي قد يتسبب في طمس تاريخ أسيوط في العصر الحديث. وأضاف أن المحافظة كانت تنعم بعدد كبير من القصور ذات الأهمية التاريخية وتم هدم العديد منها في غفلة من الزمن لدرجة أن أحد المؤرخين وصف أسيوط في أحد الكتب التاريخية بأنها مدينة أم القصور لذا نتمني أن تتصدي الدولة لهذه المافيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه القصور فائقة الجمال والروعة. نقلة حضارية ويضيف عماد محمد عبد الحفيظ موظف أن الأهالي ينتظرون استغلال هذه القصور بتحويلها إلي مزارات تاريخية أمام المواطنين ولن يتم ذلك إلا من خلال سرعة التطوير والترميم هذه القصور والتي يأتي في مقدمتها قصر إلكسان باشا الذي صدر له قرار بتاريخ1995/12/2 من خلال مجلس إدارة المجلس الأعلي للآثار بتسجيله في عداد الآثار الإسلامية وتم استصدار قرار رئيس مجلس الوزراء آنذاك بشأن استخدام القصر كمتحف والغريب في الأمر أن المجلس الأعلي للآثار أبدي عدم ممانعته وقام باستكمال إجراءات التسجيل إلا أنه حتي الآن لم يتم اتخاذ أي إجراءات فعلية وبدون سبب واضح يعرقل هذا المشروع الذي سينقل محافظة أسيوط نقلة حضارية وسيتيح الفرصة لمواطني المحافظة والوافدين إليها من السياح للاستمتاع بهذا القصر الأثري الفريد. وشاركه الرأي عبدالعزيز سيد خليفة مهندس موضحا أن قصر إلكسان باشا يعد تحفة معمارية يجب ان يستمتع بها أهالي الصعيد حيث أنشئ هذا القصر في أسيوط عام1910 م وهو عبارة عن مبني القصر والحديقة الخاصة به وشيد علي مساحة7 آلاف متر مربع ويتسم بموقعه المتميز علي النيل حيث يقع بشارع كورنيش النيل ويعد معلما أثريا يضيف لمحافظة أسيوط قيمة حضارية وجمالية وسياحية وأثرية جديدة. وأشار إلي أن القصر يتكون من طابقين وبناءه أعد وفقا لنظام الحوائط الحاملة والقصر من الطراز المعماري المميز بكل المقاييس وواجهاته تحتوي علي زخارف وكرانيش مميزة وعقود نصف دائرية وتشكيل مثلث الشكل بالزخارف علي الطراز الإغريقي ويتوج الشبابيك كرانيش غاية في الروعة والدقة وأسفلها زخارف بارزة بشكل مستدير وشكل نصف كروي لا مثيل له مما أضفي علي مبني القصر رونقا وجمالا معماريا وفنيا متميزا والقصر طراز فني ومعماري فريد من نوعه, وشارك في بناء القصر فنانين إيطاليين وفرنساويين وإنجليز مما أكسبه تنوعا فنيا وحضاريا وجماليا جعل القصر يتفرد به بين معالم أسيوط الأثرية ولكن ما نتمناه هو ترميم بعض الأجزاء به وتطويره ومن ثم نقل الآثار الفرعونية الملقاة بمخزن إحدي مدارس أسيوط لكي يتحول إلي متحف يدر دخلا للدولة. حبيب باشا وأوضح أحمد أبو المجد سويفي طبيب إن عدم الاهتمام أدي إلي هدم العديد من القصور واستبدالها بأبراج سكنية غيرت الوجه الحضاري القديم للمدينة ومن بين هذه القصور التي ذهبت أدراج الرياح قصر حبيب باشا شنودة أول منطقة السادات في التسعينات والذي تحول إلي موقف للسيارات الأجرة للأقاليم ثم بقدرة قادر أصبح أبراجا شاهقة, قصر الحزب الوطني المنحل الذي تم هدم جزء منه بالجانب الشمالي لتغيير معالمه الأثرية وإجبار اللجنة المختصة لإحالته إلي اللجنة الخاصة بالمنشات الآيلة للسقوط وهذا هو المخرج القانوني الذي يستخدمه معدومو الضمير للتخلص من تلك القصور وبالفعل تم هدمه, قصر باحثة البادية بشارع الهلالي وتحول إلي أرض فضاء وغيرها من القصور التي كان يمكن استغلالها ولكن للأسف تحولت إلي ذكري. وأشار الدكتور محمد السيد أبو رحاب أستاذ الآثار المساعد بقسم الآثار جامعة أسيوط بداية لابد من الإشارة إلي أن محافظة أسيوط من أعرق محافظات مصر وقد اكتسبت أهميتها منذ القدم نظرا لموقعها الجغرافي المتميز بين أقاليم مصر الفرعونية وتزخر بكثير من الآثار المتنوعة التي ترجع إلي العصور المختلفة بدءا من فترات ما قبل التاريخ حتي العصر الحديث وقد شهدت أسيوط ازدهارا اقتصاديا وتطورا عمرانيا ومعماريا في عصر محمد علي وأسرته وشيد بها كثير من المنشآت المتنوعة من دينية ومدنية وتجارية. 71 قصرا ويضيف أبو رحاب أن القصور تعد من أهم هذه المنشآت إذ شيدت بأسيوط بداية من النصف الأول للقرن العشرين مجموعة هائلة من القصور ليس بالمدينة فقط وإنما بمراكز وقري أسيوط أيضا نتيجة طبيعية للرواج التجاري والازدهار الاقتصادي الذي عاشته أسيوط آنذاك وبرزت بها كثير من العائلات والأسر العريقة التي تنافست في بناء هذه القصور وسكناها وتأثرت هذه القصور بالطراز الأوروبي وفقا لما كان سائدا في عمائر القرنين التاسع عشر والعشرين بمصر بصفة عامة وتمت الاستعانة في كثير من الأحيان بمهندسين ومعماريين من أوروبا خصوصا ايطاليا لبناء هذه القصور ومما يؤسف له ما تعرض له كثير من قصور مدينة أسيوط ومراكزها للهدم من قبل الورثة لبناء أبراج وعمارات حديثة دون النظر للقيمة التراثية والفنية لهذه القصور حتي أن الأعداد القليلة المتبقية من هذه القصور معرضة الآن للهدم والتعديات لكونها غير مسجلة في عداد الآثار وإنما مصنفة كمبان تاريخية وهذا التصنيف لا يحول دون التعدي عليها أو حتي هدمها ويذكر أبو رحاب أنه وفقا للإحصاءات المتوافرة والمتاحة فإنه يوجد نحو71 قصرا وفيلا بمدينة أسيوط وحدها و60بمدن ديروط والقوصية ومنفلوط و6بمدينة أبو تيج وقصر بالفتح وجار حصر باقي القصور والفيلات بباقي المراكز والقري مطالبا وزارة الآثار بسرعة تسجيل هذه القصور التي تعد تراثا معماريا وحضاريا مهما, وسرعة ترميمها ورفع التعديات عنها لتظل شاهدا علي ازدهار أسيوط في هذه الفترة المهمة من تاريخها وواحدة من عوامل الجذب السياحية للمحافظة. قرار الرئيس ومن جانبه قال الدكتور أحمد عوض مدير عام اثار أسيوط أن محافظة أسيوط تذخر بالعديد من القصور التاريخية وتضم أيضا قصرين أثريين فقط وهما قصر إلكسان باشا بشارع المحافظة والعقار رقم27 بشارع الجمهورية وقصر إلكسان باشا قد صدر قرار له منذ22 عاما باعتباره أثرا من آثار أسيوط وفي عام2005 صدر قرار بنزع ملكيته للمنفعة العامة للآثار واستقر الرأي علي ترميمه وتحويله إلي متحف قومي للمحافظة ومنذ بضعة أشهر صدر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بتخصيص مبلغ مليار و270 مليون جنيه لوزارة الآثار لاستكمال المشاريع المعطلة وكان من بينها قصر الكسان وبالفعل حضرت إلي القصر لجنة من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لعمل الدراسات الهندسية والرسومات تمهيدا لإجراء الترميمات لتحقيق حلم أهالي أسيوط بتحويله إلي متحف قومي أما بالنسبة للعقار رقم27 بشارع الجمهورية فقد صدر له قرار باعتباره أثرا من الآثار ولكن مازالت ملكيته خاصة ولم يتم نزعها ويقتصر دورنا علي الحفاظ عليه لمنع هدمه. وأضاف أسامة أنور بشاي مدير عام السياحة بأسيوط أن المحافظة تذخر بالعديد من القصور التاريخية ولكن المشكلة التي تواجهنا للحفاظ عليها والأستفاده منها هي رفض ملاكها ترميمها علي نفقتهم في ظل عدم وجود اعتمادات مالية من قبل الحكومة لترميمها وهو ما يدفع ملاك هذه القصور للجوء للقضاء واستصدار حكم بأحقيتهم في هدم القصر وفي هذه الحالة لا نستطيع التصدي لهم وهو ما حدث في قصر الحزب الوطني الذي تم هدمه.