ولدت لأسرة غارقة في فقر مدقع ولم أكن أنا الابنة الوحيدة لهم فقد كان لي أشقاء كثيرون عبئا ثقيلا علي والدي يشق الصخر بحثا عن رزقه كي يأتي في آخر النهار بما يقيم أفراد اسرته بالكاد, حتي أوقعه المرض في دائرة العجز لم يعد يقوي علي العمل اوتحمل مسئوليتنا. بعضنا خرج للعمل من منطلق النواية تسند الزير ولكنها كانت حياة شظف ومرار حتي جاء يوم رجل يطلبني للزواج.. لم يفكر والدي إلا في أن هذا الزواج فرصة ذهبية لكي يتخلص من هم واحدة ممن يشكلن ثقلا عليه وكنت أنا أحد هذه الهموم. لم أفكر يوما أن زواجي قد يكون استمرارا لمسلسل العذاب والقهر وبفطرية البنات في سني حلمت بزوجي رجلا يحيطني بعطفه ورجولته واحتويه بقلبي سكنا ورحمة. ولكني كنت حالمة إلي حد السفه فلم يكن زوجي وأسرته أحسن حالا منا ومن فقر لفقر ومن يأس ليأس وقهر يمتد امتداد العمر لا ينتهي. رغم كل هذا حمدت الله علي نصيبي وقررت أن أشد من أزر نفسي وأقف إلي جوار زوجي لعلي أنجح معه في أن يعبر حواجز الفقر ويتخلص من أدرانه. في بداية الأمر كان زوجي مستجيبا وحاول جاهدا العمل قدر طاقته ولكنه لم يكن يحظي بغير ما يسد الجوع طعاما ومرضا حتي جاء يوم تعرض فيه لحادث مروري وخرج من الحادث عاجزا عن العمل وبات قعيدا في البيت وضاقت الحياة بنا إلي حد المستحيل حتي انه تركني واختفي لعجزه عن الإنفاق علينا أنا وطفليه نواجه مصيرا مجهولا من الديون وأحكاما بالسجن حصل عليها الديانة ولقمة عيش باتت عزيزة نتجرعها مرا وجوعا. بعت كل ما أملك من أثاث وذهب وتركت شقتي وطرقت أبواب الجمعيات التي أعانتني بعض الشيء.. طرقت كل الأبواب ولم يبق باب أطرقه غير بابكم الذي هو امتداد لباب رحمة الله سبحانه وتعالي ممثلا في بعض عباده أصحاب القلوب الرحيمة أسألهم مساعدتي فقد خارت قواي وتجمدت كل محاولاتي للمقاومة, خاصة أنه ليس لي عمل أقتات منه. أدرك أن المأساة التي أعيشها معذبة ومذلة ولكني لن أضعف أمام أطماع من يلتهمون شرفي برغباتهم المحرمة مستغلين ظروفي القهرية ملوحين لي بأحلام شيطانية مغلفة بالورد الشائك تشبع رجولتهم وتنزع عني كرامتي وشرفي. لن أضعف حتي لومت جوعا أنا والطفلان.. أسعي في مناكب الأرض بحثا عن فرصة عمل تناسب ظروفي أوطاقة رحمة تقشع ظلمة اليأس من قلبي ويقيني في الله كبير. ف أ القاهرة ترفقي بنفسك أختي الفاضلة فليس هناك علي البسيطة إلا من يكابد الدنيا وتكابده ودائما ما يكون الشقاء والعسرة من إرهاصات الأمل في تجاوز المحن وتحقيق الفوز من أطلال الضياع. وما أنت فيه شيء من كثير يصم بعض البشر فقرا ومرضا وبؤسا راسخا لا نهاية له.. ولكنهم صابرون, حامدون, شاكرون رغم شظف العيش ومرارته. لست أقول لك ذلك انتقاصا منك أومن معاناتك ولكن شدا لأزر نفس تملك منها اليأس عجزا عن الصبر والمقاومة. لذا فإن الإرادة هنا سر النجاح ولابد من أن يكون يقينك بالله الخير علي الرغم من كل شيء وصدق الله العظيم فيما أنزل من تشريع سماوي وقال في محكم آياته ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذآ أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون, البقرة:155 157] ولعلك تكونين بالفعل من الصابرين القانتين الشاكرين رغم الألم ولسوف تنقشع الغمة يوما تنفرج فيه الأسارير بفضل الله وصدق قوله فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله إن الله بصير بالعباد* فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب, غافر:4446]. ولكي أن تعلمي أن أصحاب القلوب الرحيمة كثيرون ومنهم من يتسع صدره لمأساتك وتهتز مشاعره لما تعانين ويقف إلي جوارك ويمد لك يد الرحمة وتنفتح أمامك أبواب الأمل ومن قول الله ونبراسه بالتأكيد نستدل الطريق ونحن علي ثقة من فرج الله ورحمته وفقك الله لما تتمنين من خير.