أنا امرأة كتبت عليها الأقدار أن تعيش سيناريو من العذاب الذي لا ينقطع فمنذ نعومة اظافري وأغلال الفقر تحيطني ويشتد وثاقها علي معصم أحلامي البسيطة وأنا بعد فتاة في مقتبل الشباب أنظر إلي المستقبل لعل هناك انفراجة تأتي مع حياة جديدة في كنف رجل ينتشلني من لجة اليأس والفقر التي أرتع فيها. كانت أسرتي ترسخ في فقر مدقع ولم أكن أنا الابنة الوحيدة لهم فقد كان لي أشقاء كثيرون بينهم خمس بنات غيري. كنا عبئا ثقيلا علي أبي ينقب الصخر بحثا عن رزقه كل يوم كي يأتي في آخر النهار بما يسد أودنا بالكاد حتي أوقعه المرض في دائرة العجز الكلل ولم يعد يقوي علي العمل او تحمل مسئوليتنا. بعضنا خرج للعمل من منطلق النواية تسند الزير ولكنها كانت حياة شظف ومرار حتي جاء يوم رجل يطلبني للزواج.. لم يفكر والدي إلا في أن هذا الزواج فرصة ذهبية لكي يتخلص من هم واحدة ممن يشكلن ثقلا عليه وكنت أنا أحد هذه الهموم. لم أفكر يوما أن زواجي قد يكون استمرارا لمسلسل العذاب والقهر وبفطرية البنات في سني حلمت بزوجي رجلا يحيطني بعطفه ورجولته وأحتويه بقلبي سكنا ورحمة. و لكني كنت حالمة إلي حد السفه فلم يكن زوجي وأسرته أحسن حالا منا ومن فقر لفقر ومن يأس ليأس وقهر يمتد امتداد العمر لا ينتهي. رغم كل هذا حمدت الله علي نصيبي وقررت أن أشد من أزر نفسي وأقف إلي جوار زوجي لعلي أنجح معه في أن يعبر حواجز الفقر ويتخلص من أدرانه. في بداية الأمر كان زوجي مستجيبا وحاول جاهدا العمل قدر طاقته ولكنه لم يكن يحظي بغير ما يسد الجوع طعاما ومرضا حتي جاء يوم قرر فيه زوجي شراء توك توك يعمل عليه بحثا وراء الرزق واللقمة الحلال وبالفعل عشنا أياما في بداية الأمر شعرنا خلالها بشئ من الراحة لأول مرة رغم المديونية الكبيرة التي تراكمت علينا وتجاوزت الخمسين ألف جنيه فقد كنا نسدد الأقساط المحددة علينا في موعدها ومن بعدها نجد ما يسترنا ويريحنا ولكنه ليس دائما تأتي الرياح بما تشتهي السفن فقد تعرض زوجي لحادث مروري احترق خلاله ال توك توك وخرج هو من الحادث عاجزا عن العمل وبات قعيدا في البيت. أحاطنا الدائنون بمطالباتهم لعجزنا عن سداد الأقساط وشيئا فشيئا لاحقونا بالقضايا أنا وزوجي فقد كنت أوقع معه علي الشيكات والكمبيالات ضامنة له وكنت أفعل ذلك من منطلق دوري نحو زوجي الذي يحتم علي أن أقف إلي جواره. وصدرت ضده وضدي أحكام بالسجن لاذ هو علي أثرها طافشا من البيت وتركني أنا وابنه وابنته الطفلين نواجه مصيرا مجهولا من الديون وأحكاما بالسجن ولقمة عيش باتت عزيزة نتجرعها مرا وجوعا. بعت كل ما أملك من أثاث وذهب وتركت شقتي ولذت بأهله الذين وقفوا إلي جواري قدر طاقتهم في السداد وطرقت أبواب الجمعيات التي أعانتني في سداد بعض الدين ولم يتبق علي غير خمسة آلاف جنيه محكوم علي فيها من محكمة الزقازيق بالسجن وكفالة سبعمائة جنيه. طرقت كل الأبواب ولم يبق باب أطرقه غير بابكم الذي هو امتداد لباب رحمة الله سبحانه وتعالي ممثلا في بعض عباده أصحاب القلوب الرحيمة أسألهم مساعدتي فقد خارت قواي وتجمدت كل محاولاتي للمقاومة. أدرك أن المأساة التي أعيشها معذبة ومذلة ولكني لن أضعف أمام أطماع من يلتهمون شرفي برغباتهم المحرمة مستغلين ظروفي القهرية ملوحين لي بأحلام شيطانية مغلفة بالورد الشائك تشبع رجولتهم وتنزع عني كرامتي وشرفي. لن أضعف حتي لو مت جوعا أنا والطفلان.. أسعي في مناكب الأرض بحثا عن طاقة رحمة تقشع ظلمة اليأس من قلبي ويقيني في الله كبير. ف أ القاهرة ترفقي بنفسك أختي الفاضلة فليس هناك علي البسيطة إلا من يكابد الدنيا وتكابده ودائما ما يكون الشقاء والعسرة من إرهاصات الأمل في تجاوز المحن وضحدها وتحقيق الفوز من أطلال الضياع. وما أنت فيه شيء من كثير يصم بعض البشر فقرا ومرضا وبؤسا راسخا لا نهاية له.. ولكنهم صابرون, حامدون, شاكرون رغم شظف العيش ومرارته. لست أقول لك ذلك انتقاصا منك أو من معاناتك ولكن شدا لأزر نفس تملك منها اليأس عجزا عن الصبر والمقاومة. لذا فإن الإرادة هنا سر النجاح ولابد من أن يكون يقينك بالله الخير علي الرغم من كل شيء وصدق الله العظيم فيما أنزل من تشريع سماوي وقال في محكم آياته ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذآ أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنآ إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون, البقرة:155 157] و لعلك تكونين بالفعل من الصابرين القانتين الشاكرين رغم الألم ولسوف تنقشع الغمة يوما تنفرج فيه الأسارير بفضل الله وصدق قوله فستذكرون مآ أقول لكم وأفوض أمري إلي الله إن الله بصير بالعباد* فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب, غافر:4446]. ولكي أن تعلمي أن أصحاب القلوب الرحيمة كثيرون ومنهم من يتسع صدره لمأساتك وتهتز مشاعره لما تعانين ويقف إلي جوارك ويمد لك يد الرحمة وتنتهي أزمة الدين الأخير وتنفتح أمامك أبواب الأمل والرحمة. وتذكري قول الله عز وجل الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل* فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم, آل عمران:******174] وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين* فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكري للعابدين, الأنبياء:83 84] و من قول الله ونبراسه بالتأكيد نستدل الطريق ونحن علي ثقة من فرج الله ورحمته وفقك الله لما تتمنين من خير.