يعتبر مصرف كوتشنر من أسوأ المصارف الملوثة علي مستوي الجمهورية حتي أصبح مشكلة مزمنة تؤرق محافظاتكفر الشيخوالغربيةوالدقهلية, فالمصرف الذي يبلغ طوله85 كيلومترا منها55 كيلو مترا في حدود محافظة كفرالشيخ ويمتد من بلطيم شمالا إلي الحامول شرقا مرورا بكفر دخميس علي حدود محافظة الغربية وقري حفير شهاب الدين بالدقهلية.. ويتم إلقاء مخلفات23 منشأة صناعية فيه منها18 منشأة من الغربية في المصرف المليء بسموم الصرف الصناعي والزراعي وحتي الصحي حيث يقوم الأهالي المجاورون له بصرف المجاري فيه استكمالا للتلوث الثلاثي الأبعاد. يقول السعيد خليل مهندس من أهالي كفرالشيخ أن من أهم أسباب التلوث هو عدم وجود صرف صحي في معظم القري المجاورة للمصرف وكذا المنازل الواقعة علي حدود المصرف في اراضي الري حيث تقوم معظم هذه المنازل بصرف المجاري في كوتشنر لعدم وجود وسيلة أخري. السجاعية و راتب بالغربية ويؤكد حسام بندق صاحب أرض زراعية بزمام قرية السجاعية بمحافظة الغربية المطلة علي مصرف كتشنر أن هناك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة تضطر إلي الاعتماد علي مياه المصرف الملوثة بالصرف الصحي والصناعي الذي يحمل المواد الكيماوية والمعادن الثقيلة غير المعالجة في ري أراضيهم الزراعية وخاصة التي تقع في نهاية الترع لندرة المياه و التي تتلف الزراعات وتصيب المواطنين بالأمراض والأوبئة الخطيرة مثل الفشل الكلوي وفيروس سي بجانب ارتفاع نسبة ملوحة التربة وتعرض المئات منها للبوار. وأضاف بسيوني عبد الحميد شيخ بلد قرية راتب مركز المحلة أن مازاد من تفاقم أزمة مصرف كتشنر هو حالة الغموض التي تحيط بتأخر أعمال تطوير محطة تنقية المياه الرئيسية بالدواخلية علي مدي10 سنوات كاملة والتي تصب فيها مياه الصرف الصحي لمدينة المحلة ومخلفات المئات من مصانع القطاع العام والخاص حيث لاتزال المحطة تستقبل المياه الملوثة وتلقي بها في المصرف المواجه لها مباشرة دون أي معالجة لعدم قدرتها الفنية علي تنقية المياه, مطالبا بإجبار أصحاب الشركات والمصانع بالمحلة بسرعة تركيب وحدات تنقية لمياهها الملوثة وتشغيل خطوط معالجة الصرف الصناعي والصحي بمحطة الدواخلية لحماية أراضي المئات من الفلاحين ووضع ضوابط صارمة لمعاقبة المخالفين. عزب حفير الدقهلية منسية في قري حفير شهاب الدين بمحافظة الدقهلية يعاني الفلاحون خاصة في عزبتي56 و57 من ري أراضيهم بمياه الري الملوثة بالصرف الصناعي التي تصلهم من ترعة مايو التي يصب فيها مصرف كوتشنر, ولسوء الحظ فإن الحفير تقع علي المنطقة الفاصلة بين الدقهليةوكفر الشيخ ويتنصل مسئولو المحافظتين من المسئولية عن بوار أراضيهم. يقول رضا الليثي أحد المزارعين إن وزارة الري أوقفت مد الفلاحين بمياه مصرف كوتشنر ولا تصل إلينا المياه سوي يومين فقط في الأسبوع مما تسبب في تصاعد المشكلات بين قري الحفير علي اولوية الري حيث يظل الفلاحون ثمانية أيام أخري دون مياه ري تجف فيها الأراضي ويموت المحصول فنحن نستجدي مياه مصرف كوتشنر الملوثة لعدم وجود بديل أمامنا. ويضيف محمود السعيد من قرية57 بحفير شهاب الدين نحن نتسول المياه و نتمني ان تصلنا مياه مصرف كوتشنر باستمرار حيث إنه لا يوجد بديل عنها لري أراضينا, مشيرا إلي عدم وفاء المسئولين بوعودهم في مدهم بالمياه عن طريق ترعة15 مايو بعد أن منعوا عنهم مياه مصرف كوتشنر الملوثة. خطورة المصرف يقول الدكتور صلاح عبدالوهاب أستاذ البيئة والمياه والأراضي بمركز البحوث الزراعية سابقا والحاصل علي درجة الدكتوراه في خطورة التلوث بمصرف كوتشنر وتأثيره علي البيئة والإنسان ان مصرف كوتشنر يحتوي علي جميع أنواع التلوث الزراعي والصحي والصناعي ويوجد به اكثر من20 مادة سامة منها النحاس والزرنيخ والحديد والماغنيسيوم والكادميوم والكوبالت والنيكل وغيرها, مشيرا إلي أن هذه المواد تتسبب في الإصابة بالسرطان والفشل الكلوي وضمور خلايا المخ, لافتا إلي انه من خلال الدراسة والبحث تبين أن مياه مصرف كوتشنر يتم خلطها مع مياه بحر تيرة العذبة من خلال نقطة الالتقاء بينهما عند محطة5 ويتم الخلط بنسبة3 من مياه كوتشنر الي1 من مياه بحر تيرة لري أراضي قطاع المنصور بالحامول ومساحات كبيرة من مراكز بلطيم والرياض وسيدي سالم وبيلا مما يتسبب في إصابة المواطنين بتلك الأمراض علي المدي الطويل, محذرا من خطورة تناول الأسماك التي يتم صيدها من مصرف كوتشنر لاحتوائها علي سموم مركزة والتي لا تزول بالغلي أو التعرض للنار في حالة شوي الاسماك مثلا. وأشار إلي أن الأخطر من ذلك أنه في أثناء السدة الشتوية في بداية كل عام تقل نسبة المياه في بحر تيرة وفي هذا الوقت تتسرب كميات كبيرة من مياه مصرف كوتشنر الي بحر تيرة عن طريق نقطة الالتقاء بينهما والكارثة هنا ان بحر تيرة هو مصدر محطة مياه الحامول وبالتالي تصبح مياه الشرب ملوثة لا تجدي معها شبة أو كلور في محطة المياه لكونها بها مواد سامة, مطالبا بسرعة إنشاء محطات معالجة للصرف الصناعي بمصانع الغربية وكفرالشيخ التي تصرف مخلفاتها في كوتشنر أو إقامة محطات تنقية علي المصرف نفسه وهذا الأمر غير مكلف وفي نفس الوقت هو حل جذري وسريع لمشكلة كوتشنر المزمنة الذي عجز جميع المسئولين السابقين بالمحافظة عن حلها. وعن أثر استخدام المياه علي الزراعة يقول المهندس خالد خفاجي بادارة الرياض الزراعية أنه من الناحية العلمية فان النباتات تتأثر باستخدام المياه الملوثة ولكنها تؤثر في الإنسان المستخدم لها علي المدي الطويل وليس القصير. آمنة بيئيا وحول كيفية مواجهة المشكلة يقول المهندس فايد الشاملي مدير عام البيئة بكفرالشيخ ان مصرف كوتشنر قتل بحثا منذ سنوات طويلة ودائما المشكلة الكبري اننا في حاجة الي مياه المصرف لمساهمتها في ري عشرات الآلاف من الأفدنة خاصة مع تفاقم مشاكل نقص مياه الري حتي ان15% من مياه بحيرة البرلس نفسها تؤخذ من مياه كوتشنر, موضحا ان هذه النسبة آمنة الي حد ما ولا تؤثر علي صلاحية الأسماك في حالة تطهير البوغاز وقناة برنبال واستمرار تطهير البحيرة نفسها, أما غير ذلك تصبح اي نسبة من مياه كوتشنر في البحيرة ضارة, لافتا الي ان الحل الوحيد لمواجهة مشكلات كوتشنر هو إقامة محطات معالجة للصرف الصناعي بمصانع الغربية. ضمن اهتمامات الرئيس من جانبه أكد اللواء السيد نصر محافظ كفرالشيخ ان الرئيس السيسي شخصيا يهتم بحل مشكلة مصرف كوتشنر, مشيرا إلي أنه سبق إيفاد الدكتور حسام المغازي وزير الري الأسبق لبحث المشكلة كما قامت وزارة البيئة بإنذار مصانع الغربية لإقامة محطات لتنقية الصرف الصناعي, لافتا الي ان محافظة كفرالشيخ مصانعها آمنة وبها محطات تنقية سواء مصنع السكر أو مصنع الزيوت, مؤكدا أنه تتم دراسة إقامة3 محطات معالجة علي مصرف كوتشنر نفسه. المواجهة ب المحطات وأكد المهندس إبراهيم الأشقر رئيس الجهاز التنفيذي لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي بالغربية أن مصرف كوتشنر الذي يستقبل سنويا3 مليارات متر مكعب من مياه الصرف الصحي والصناعي مشيرا إلي أنه تم تشغيل محطة معالجة الصرف الصناعي والصحي بشركة غزل المحلة بتكلفة100 مليون جنيه والمصممة لصرف50 ألف متر مكعب في اليوم, فضلا عن إنشاء محطة معالجة لمياه الصرف الصناعي بشركة النصر للصباغة والتي تقوم حاليا بصرف6 آلاف متر مكعب في اليوم معالجة بتكلفة26 مليون جنيه كما تصرف شركة طنطا للزيوت والصابون بفرع المحلة1500 متر مكعب يوميا علي مصرف كتشنر نمرة5 وفقا للمعايير والقياسات البيئية بعد إجراء توسعات داخل محطة معالجة المياه بها بقيمة10 ملايين جنيه, بالإضافة إلي وضع حلول عاجلة ل120 قرية تقع علي المصرفين بإنشاء شبكات ومحطات للصرف الصحي للقضاء علي ظاهرة قيام سيارات الكسح بإلقاء حمولتها الملوثة في المصارف الرئيسية والفرعية. 208 ملايين يورو لتطهيره بينما أعلن اللواء احمد ضيف صقر محافظ الغربية ان هناك دراسة تم إعدادها مؤخرا مع بنك الاستثمار الأوروبي بعد الاتفاق علي توفير تمويل يصل الي208 ملايين يورو لتطهير مصرف كوتشنر والقضاء علي التلوث وتنقية المياه من الصرف الصناعي والمخلفات الصلبة في مراحله النهائية ورفع كفاءة وتأهيل جميع المحطات الموجودة علي المصرف لمعالجة الصرف الصحي التي تصرف بالمصرف. وقال صقر بدأنا بتشغيل مشروع الصرف الصناعي الضخم بالمحلة لتقليل نسبة تلوث مياه المصرف بنسبة تتجاوز40% وتوصيل خطوط صرف شبكات300 منشأة صناعية كانت تلقي مخلفاتها من الأحماض والأصباغ والكيماويات غير المعالجة في مياه المصرف, فضلا عن تخصيص150 مليون جنيه لإجراء توسعات الصرف الصحي بإنشاء شبكات انحدار بالمحلة حتي بلغ حجم ما تم تنفيذه من مشروعات الصرف الصحي بالمحلة379 مليونا و500 ألف جنيه, بالإضافة إلي162 مليون جنيه للصرف الصناعي.