لا يزال الصراع بين إيرانوأمريكا يأخذ طرقا عديدة, فمن ناحية ترفض إيران أي إملاءات أمريكية من شأنها إعادة صياغة الاتفاق النووي وفق ما تراه واشنطن أو أي إملاءات تحدد سياستها الخارجية مقابل رفع العقوبات عنها. ومن ناحية تصر أمريكا علي تغييرات شاملة في السياسة الخارجية والنووية لإيران وعلي عدد من البنود التي تري أنها أحق أن تتبع وفقا لرؤيتها ما تتبعه إيران من سياسات ترفضها وتدخلات في المنطقة بشكل تعتبره نوع من الهيمنة ترفضه أيضا, وهو ما جاء علي لسان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أمس والذي حدد12 شرطا للتوصل إلي اتفاق جديد مع إيران, مع مطالب أكثر صرامة حول النووي, ووضع حد لبرنامج الصواريخ الباليستية والتدخل الإيراني في النزاعات الشرق الأوسطية. وجاءت هذه المطالب ضمن الاستراتيجية الجديدة لواشنطن تجاه إيران بمثابة مزج بين التلويح بعصا العقوبات وجزرة الاتفاق الجديد والتطبيع بعد انسحابها إذ طالبت إيران, بالإفصاح عن كامل الأبعاد العسكرية لنظام طهران النووي والسماح لوكالة الطاقة الذرية بتفتيشه بشكل مستمر, والتوقف عن تخصيب اليورانيوم, والتخلي عن محاولات معالجة البلوتونيوم, وإغلاق مفاعل الماء الثقيل, وأن تسمح إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول الكامل إلي كافة المحطات النووية العسكرية وغير العسكرية, وأن تضع إيران حدا لانتشار الصواريخ الباليستية وإطلاق الصواريخ التي يمكن أن تحمل رؤوسا نووية. كما اشترطت إطلاق سراح المواطنين الأمريكيين وكل مواطني الدول الحليفة, وإيقاف دعمها لحزب الله اللبناني وحركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين, واحترام الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الشيعية, وإيقاف دعم الميليشيات الحوثية في اليمن وأن تعمل علي التوصل لحل سياسي, وسحب كل القوات التي تخضع لأوامر إيران من سوريا, وإيقاف دعم طالبان وجميع العناصر الإرهابية وإيواء عناصر القاعدة, وإيقاف دعم فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني شركائه من الإرهابيين, وكذلك وقف سلوكها الذي يهدد جيرانها, وكثير منهم حلفاء للولايات المتحدة في مقابل ذلك, فإن الولاياتالمتحدة أعربت عن استعدادها لرفع العقوبات في نهاية المطاف. وأعلنت إيران وبوضوح رفضها لكل هذه المطالب وهو ما نقلته وكالة العمال الإيرانية للأنباء شبه الرسمية عن الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي قال أمس إن الولاياتالمتحدة لا يمكنها أن تقرر لإيران ما يتعين عليها فعله. وأضاف روحاني موجها كلامه إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية أن عالم اليوم لا يقبل أن تقرر أمريكا ما يجب علي العالم فعله لأن الدول مستقلة, وقد انتهي ذلك العصر, وان طهران ستمضي في طريقها. وعلي الصعيد الأوروبي فقد خلق الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي غضب القوي العظمي المشاركة في الاتفاق( الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا) الذين حاولوا بدون جدوي التفاوض مع واشنطن للتوصل الي حلول من شأنها ان تشدد هذا الاتفاق, لان قرارها يفرض إعادة العمل بالعقوبات الأمريكية بشكل كامل, الأمر الذي يدينه الأوروبيون لأنه سيتعين علي شركاتهم العاملة في ايران التخلي عن استثماراتها هناك اذا أردات الوصول الي السوق الأمريكية. وانتظر الاتحاد الاوروبي وخصوصا باريس ولندن وبرلين خطاب بومبيو الذي وعد بتقديم رؤيته للمرحلة المقبلة, لكن وزير الخارجية الامريكي, المعروف بخطابه المتشدد, لم يمد لهم يد العون. وطالب بدعم حلفاء الولاياتالمتحدة لاستراتيجيته, ومع إدراكه الصعوبات التي تواجهها الشركات الاوروبية.