عادت إلي ميدان التحرير من جديد- في وقت متأخر من مساء أمس ووقت مبكر من صباح اليوم- أجواء الهرج والمرج وأحداث الشغب والعنف وإطلاق الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريق محتجين علي أمور وقضايا مختلفة, منها ما تردد عن الاعتراض علي بطء جلسات محاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق, ورواية أخري تشير إلي شائعات عن اعتداء الأمن علي بعض أسر شهداء الثورة, ورواية ثالثة عن محاولة عدد من عائلات الشهداء الاعتداء علي الشرطة, بسبب منعها لهم من بلوغ حفل تكريم لهم في مسرح البالون بالعجوزة. انفجرت الأحداث اعتبارا من نحو الساعة العاشرة والنصف مساء, حيث قامت مجموعات من المحتجين بإلقاء الطوب والحجارة علي وزارة الداخلية بشارع لاظوغلي من ناحية شارع محمود بسيوني, أعقبتها محاولات محتجين آخرين وعدد من أهالي حي عابدين وتجار اللحوم حاملين الأسلحة البيضاء والزجاجات الحارقة, بقصد الوصول إلي مقر الوزارة, من خلال اقتحام الكردونات الأمنية المؤدية إليها.. لكن رجال الشرطة تصدوا لهم وأطلقوا باتجاههم القنابل المسيلة للدموع, وطلقات الصوت التحذيرية مما أسفر عن إصابة نحو60 شخصا باختناقات بالإضافة إلي إصابة10 مجندي شرطة متأثرين بإلقاء الحجارة عليهم وتم نقلهم علي أثرها إلي مستشفي المنيرة كما تم إحراق سيارة أمن مركزي وتخريب بعض المحال والمنشآت التجارية, وقد ترددت شائعات عن وفاة أحد المواطنين جراء اختناقه, وقد أجريت الإسعافات الأولية لبعض المصابين عن طريق متطوعين بالميدان, بينما تم نقل البعض الآخر إلي المستشفيات. وقد تحطم عدد من المحال التجارية والسيارات والمنشآت الحكومية والخاصة, وقد هرعت العشرات من سيارات الإسعاف والإطفاء إلي ميدان التحرير, كما تدفق آلاف المواطنين لاستطلاع الموقف, وسط أنباء عن وصول ائتلافات شبابية إلي الميدان لدعم ومناصرة أسر الشهداء, وأيضا اندساس بلطجية لإثارة الفتنة والفرقة بين الشعب والشرطة. وبحسب روايات بعض شهود العيان, فإن الأحداث التي شهدها ميدان التحرير مساء أمس واستمرت حتي الساعات الأولي من صباح اليوم, سببها حرمان أمن مسرح البالون ورجال شرطة, لأسر عدد من شهداء الثورة من الوصول إلي حفل تكريم أقامته إحدي الجمعيات الخيرية داخل المسرح, وتردد أنه كان مقررا أن يحضره وزير الثقافة عماد أبو غازي.. وفي أعقاب ذلك, قام بعض الغاضبين ممن جري منعهم من دخول المسرح برشق البوابة الرئيسية للمسرح بالحجارة وتحطيم إحدي القاعات وهي قاعة صلاح جاهين, وقد ترتب علي هذا, جرح نحو12 شخصا من أمن المسرح ومن المحتجين وعناصر الشغب, كما تحطمت بعض السيارات التي تصادف مرورها أو توقفها أمام المسرح. وبعد إلقاء الشرطة القبض علي7 مشاغبين, سرت شائعات أمام مبني اتحاد الإذاعة والتليفزيون وميدان التحرير بتعرض أسر الشهداء للضرب المبرح, ونتيجة هذه الشائعات حاول عشرات المحتجين وعناصر الشغب اقتحام كردونات الأمن المؤدية إلي وزارة الداخلية, الأمر الذي اضطر الشرطة إلي إطلاق القنابل المسيلة للدموع في اتجاههم, بهدف تفريقهم. وزعم شهود التقينا بهم في التحرير, أن ما حدث تصعيد متعمد وترتيب مقصود من وزارة الداخلية, لإجبار المواطنين ولا سيما الشباب علي التراجع عن الاشتراك فيما يعرف بجمعة تحديد المصير المقرر لها يوم8 من الشهر المقبل. وقال شهود آخرون إن الأحداث التي شهدها ميدان التحرير من تدبير فلول الحزب الوطني, التي تعمدت تعكير صفو الأمن والرد التخريبي علي حكم القضاء الإداري أمس بحل المجالس المحلية, ودلل هؤلاء علي كلامهم بتريد الفلول شعارات وهتافات تطالب بإسقاط المجلس الأعلي للقوات المسلحة وإقالة وزير الداخلية منصور عيسوي. وقد أجمع عشرات المواطنين بالتحرير علي أن ما حدث يعد رسالة إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة والإخوان المسلمين وكل الفصائل التي تؤيد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية قبل إعداد الدستور أولا, وتساءل هؤلاء بسخرية قائلين: إذا كانت الشرطة قد عجزت عن تأمين حفل بسيط لتكريم أسر بعض الشهداء, فكيف تستطيع تأمين الانتخابات ؟! كما تهكم شهود علي تواضع الأداء الأمني متعجبين من استمرار التقصير نفسه بعد وقبل ثورة25 يناير, واستنكر البعض إفراط الشرطة في استخدام العنف, بصورة تعكس عجز أفرادها وإخفاقهم في التعامل بحكمة مع الموقف. وقد تطور الأمر سريعا بعد تزايد اعداد الوافدين إلي ميدان التحرير من الشباب, والذين رددوا هتافات ضد الداخلية, حيث رفض المتظاهرون حتي مثول الجريدة للطبع مغادرة الميدان رغم كثافة إطلاق القنابل المسيلة للدموع في الميدان.