يستقبل الشباب الحياة بصدور فتية, عصية علي التعب, تقاوم البرد وكأن بها بركان من الطاقة يتفجر كلما لاح له جهد هنا أو جهد هناك.. كانت تلك الكلمات تعبر عن حكاية شاب القليوبية الذي بدأ حياته العملية صغيرا واستمر حتي ملك ناصية مهنته وظن أنه قادر علي أن يفتح بيتا ينعم فيه بعد عناء اليوم الطويل بالراحة مع ونيس يزيل عن جسده ما علق به من تعب ليستطيع أن يستقبل يوما جديدا. منذ صباه لم يهدأ رجب يوما, فالتحق بالعمل مع أسطي نجار باب وشباك, يتعلم منه فنون الصنعة التي كادت أن تنقرض, إذ زاحمتها شبابيك وأبواب الألوميتال, التي لا تأخذ الوقت في التجهيز والإعداد كذلك الذي تتطلبه النجارة, لكن سوقها ما زالت رائجة في الأماكن الشعبية التي تفضلها, واعتادت عليها منذ زمن. استطاع رجب أن يتقن مهنته وبدأ في الاستقلال رويدا رويدا عن الأسطي الذي علمه, لكنه لا يملك المال لأن يفتتح ورشة يكون فيها سيد مهنته, فظل يعمل مع الأسطي باليومية, وإذا ما جاءه عمل من هنا أو هناك يستطيع أن ينجزه في ورشة أخري, مقابل أن يحصل علي قدر أكبر من المال, لا يتردد ويسارع للعمل حتي لو تابع اليوم تلو اليوم دون أن ينام. بدأ المال يتجمع في يديه وصار حلم الزواج يراوده, فبحث عن بنت الحلال حتي وجدها, عدة سنوات مرت, حتي أراد الله أن يتمكن من استكمال نصف دينه ويكون وزوجته عشا سعيدا, بعد أن تمكنا من أن يؤسساه سويا, قطعة قطعة, ولم يكن يقلقه مبلغ الإيجار الشهري, فعافيته وجهده كفيلان بالسداد. سنة وراء أخري, وأحب رجب الحياة لكن القدر كان يخبئ له أمرا لم يكن له في الحسبان. شاء القدر أن يصاب بقطع في الرباط الصليبي في عمله لتبدأ الحياة في الانزواء أمامه وتتضاءل أمامه فرص الأمل, لكنه لم ييأس كعادته وأجريت له عملية جراحية ساهمت في زيادة الأعباء عليه. توقف رجب ليتأمل حكايته, وبدأت هموم التكاليف تتقافز أمام عينيه, فرغم أنه تغلب علي تكاليف العلاج, ما زال أمامه إيجار شهري, وزوجته حامل تنتظر أن تضع وليدا كان ينتظره, الآن أصبح يتوجس من نفقاته, وقدرته علي العمل وإن ظل يعافر ولا يستكين للراحة, لم تعد إلي سابق عهدها, لكن الأمل لا يزال يراوده فأرسل رسالته, لعل المسئولين في محافظة الدقهلية يثبتون له هذا الأمل, ويرفعون عنه جزءا من الأعباء, شقة صغيرة من تلك المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة والأولي بالرعاية, تحذف من علي كاهله بند الإيجار الشهري.