الانحراف الفكري هو الفهم المغلوط للنص الديني وهذه القضية ابتليت بها الأمة منذ ظهور الخوارج, وديننا واضح وضوح الشمس بنصوصه التي فسرها القدماء قبل المحدثين, والمتطرفون هم من يأخذون بظاهر النصوص ويفهمونها فهما خاطئا عن قصد وتعمد لخدمة أهداف من يمولونهم ويمدونهم بكل وسائل العنف والإرهاب لمصالح خاصة, أي أنهم سيسوا الدين لفهمهم الخاطئ, بدلا من أن يسيسوا عقولهم مع الدين. وفي سنة نبينا الكريم نجده صلي الله عليه وسلم عنف أسامة بن زيد لما أساء الظن والفهم, فمما جاء في رواية أسامة بن زيد لهذا الحديث: بعثنا رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الحرقة, فصبحنا القوم, فهزمناهم, ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم, فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله فكف الأنصاري, فطعنته برمحي حتي قتلته فوقع في نفسي من ذلك فلما قدمنا بلغ النبي صلي الله عليه وسلم فقال:( يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ قلت: كان متعوذا( إنما قالها خوفا من السلاح)( أقال لا إله إلا الله وقتلته؟! أفلا شققت عن قلبه حتي تعلم أقالها أم لا؟) فما زال يكررها علي حتي تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. فدائما ما تحتاج النصوص إلي سياقات لفهمها,ولا يمكن للباحث أن يجتزئ النص من سياقه, علي سبيل المثال قال النبي صلي الله عليه وسلم:( أمرت أن أقاتل الناس حتي يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله, فإن هم فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم علي الله) فنجد الدواعش فهموا هذا النص بعقولهم القاصرة علي أن الله تعالي يعطيهم الحق في أن يقتلوا كل من يختلف معهم في العقيدة, وهذا اتجاه عجيب وغريب لم يقل به أحد, فالحديث يقول( أمرت أن أقاتل الناس), كلمة الناس هنا لها سياقها التاريخي,فالنبي لا يقصد كل الكفار, بل فئة محددة علي حدث معين, وهم الذين قال الله فيهم( فسيحوا في الأرض أربعة أشهر), فالسياق هنا محصور في هؤلاء فقط وقد أنزل الله فيهم آيات سورة التوبة وأمهلهم أربعة أشهر, فلما انقضت المهلة أمر الله رسوله بقتالهم, فليس المعني هنا ان يقاتل النبي صلي الله عليه وسلم كل الكافرين حتي يؤمنوا ولكن الدواعش اتخذوا هذا الحديث مبدأ لهم في قتال كل من خالفهم, واعتبروا أن كل من اختلف معهم في العقيدة دمه مستباح. ونؤكد هنا أننا نعيش في دولة سلام لا دولة حرب, ولا يجوز أبدا أن نقاتل من خالفنا في العقيدة قال تعالي:( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم إن الله يحب المقسطين), ليس هذا فقط ولكن الإسلام قد أوجب علينا أن نبر غير المسلم, وأن نقسط إلي غير المسلم.