ظلت النكات وستظل سلاحا في يد الشعوب ضد الطغاة وتأتي كتعبير عما يجول في عقول الشعوب ويعتمل بداخلهم من مشاعر كراهية ضد الحاكم المستبد. كثير من الناس يجدون صعوبة في تخيل اطلاق النكات علي هتلر الذي ارتكب الفظائع بدعوي الحفاظ علي شموخ الألمان وكلما تحدث احد عن وجود نكات في عهد هتلر. ثارت الاتهامات الموجهة لهؤلاء بأنهم يقللون من فظائع الهولوكوست التي ارتكبت في عهده ضد اليهود وفي الحقيقة هناك تاريخ طويل عن نكات النازيين وفي هذا الكتاب الرائد يؤكد المؤلف ان صورة الفورهر السخيفة والمضحكة لم تنتشر بعد الحرب فقط لكنها بدأت في السنوات الأولي من الحكم النازي حيث سخر العديد من الألمان من هتلر ومن مسئولين آخرين رفيعي المستوي في عهده. النكات كانت وسيلة مناهضي النازية منذ الثلاثينيات من القرن الماضي وتحولت تلك النكات الهامسة التي انتشرت عقب الحرب إلي تاريخ مخيف من السجن والإعدام كعقاب للذين سخروا من هتلر والنازيين. وجمع المؤلف مجموعة من النكات تمثل12 عاما من حكم هتلر المرعبة ليكشف بها أن الألمان لم يكونوا مغيبين بسبب الدعاية الهتلرية لكنهم كانوا علي دراية بمعسكرات الاعتقال التي كانت ايضا موضوعا للنكات خلال الحرب العالمية, واكتشف المؤلف ان الألمان كانوا يعرفون الكثيرمن ظلم حكوماتهم الا أنهم فشلوا في التصرف حيالها. النكتة في عهد هتلر لم تكن شيئا مضحكا بل هي شيء يستوجب القتل. ماريان إليس الخبيرة الفنية بأحد المصانع الحربية في عهد النازي همست لزميلها جورينج الذي كان علي صلة وثيقة بهتلر ان الزعيم الناري كان يريد أن يرسم الابتسامة علي وجوه الألمان كانت تقول ذلك بسخرية فرد عليها زميلها الذي كان وثيق الصلة بهتلر: ولماذا لا تقفزين من الفرحة اياما قليلة ورفعت نكتة ماريان لهتلر وكانت النتيجة محاكمتها امام محكمة شعبية في26 يوليو عام1943 وانتهت بحكم باعدام ماريان وذلك من خلال بتر رأسها بالمقصلة علي مرأي من العامة حتي تكون عبرة لغيرها من مطلقي النكات. هذه القصة مجرد صورة ذهنية لما كان يحدث في عهد هتلر فبعد دقيقة واحدة من إطلاق نكتة تسخر من الزعيم النازي كان يعلم الشخص انه قاب قوسين او ادني من المفرمة النازية للتخلص منه. ماريان لم تكن محظوظة حيث كانت ارملة جندي محارب ولذا تم تصعيدها لأعلي المناصب داخل الجيش ومن ثم دفعت ثمنا باهظا لسخريتها من هتلر. ويكشف الكتاب عن ان الديمقراطية كانت مفقودة تماما في عهد النازي حتي ان صديق هتلر المقرب بوتزي هانفسنجل نشر مجموعة نكات عن الديكتاتور ولكن في دول خارجية ولم يجرؤ علي ان ينشرها في الداخل. ويقول المؤلف إن نكات عهد هتلر تكشف عن مجتمع مركزي في الاتصالات يحكمه الخوف مؤكدا انه بينما تولد الأنظمة السلطوية الغضب فانها ولدت روح الفكاهة لدي الألمان وهي ظاهرة جديرة بالدراسة. ومع انتهاء الحرب أصبح الألمان العاديون مرعوبين من معسكرات الاعتقال وكانت النكتة في ذلك الوقت تتركز علي كارثة تحيق بهم عندما قام هتلر بتكوين دروع بشرية لمقاومة هجوم السوفيت انذاك. أشهر هذه النكات كانت علي شكل فزورة:من هو الذي يحمل الذهب في فمه والفضة علي شعره والريادة علي عظامنا في سخرية من استخدام هتلر للألمان كدروع بشرية وسعيه لتحقيق الزعامة في أوروبا علي جثث وعظام الألمان! أشهر النكات علي الاطلاق تلك التي تتحدث عن: لماذا كان يتبع هتلر هذه الطريقة المضحكة والغريبة في إلقاء التحية حتي اننا جميعا كنا نقول هاي هتلر ربما لأنه بعد الحرب كان يسعي لأن يصبح جرسونا! أشار المؤلف لأفلام هوليوود الشهيرة عن هتلر وأهمها الديكتاتور العظيم لشارلي شابلن ورائعة أرنست لوبتش أكون اولا اكون. يكشف الكتاب عن انه كان هناك مجال للضحك حتي في احلك فترة من التاريخ الأوروبي ويبحث الكتاب في النكتة السياسية وقدرتها علي مقاومة الأنظمة السياسية الديكتاتورية.