يلجأ كثير من الناس في كل أنحاء العالم حتي يومنا هذا إلي المنجمين ليكشفوا لهم الغيب وما يخبئه المستقبل. ومازال أغلب البشر يعزون ما يصيبهم من مشكلات وأمراض إلي الحسد والكوارث الطبيعية. ورغم التقدم العلمي فإن طبيعة الإنسان في كل مكان مازالت تميل إلي التفكير الخرافي. فكيف نمت وزحفت وتمكنت مناتلك الأفكار ولماذا استمرت حتي عصرنا الحالي؟ يحكي أن الإنسان الأول قد عاش رحالا بين أحضان الطبيعة يشاهد هزات الأرض وزلزالها وتقلبات الجو وحيدا بجهله, تلكأمور أثارت في نفسه الفزع والهلع والخوف فانتابه هجين من الانفعالات والصراعات وعدم الراحة. و لأن الإنسان بطبيعته فضولي خلقه الله شغوفا بكيف ولماذا ومتي؟ كان عليه وضع إجابات تفسر تلك الظواهر المرعبة و تجلب له راحة. ولكن في تلك الأيام لم يكن هناك الخبرة الكافية والعلم والمعرفة ولا حتي إمكانات وأدوات تحلل وتكشف أسباب تقلبات الزمن, فلجأ الإنسان إلي خياله وبدأيضع حلولا ومقترحات بعيدة عن الواقع ولكنها مرضية لنفسه مثل قوة الأرواح الشريرة و الشياطين, حتي العلاج اعتمد علي الأحجبة والطلاسم و التعاويذ ومن هنا نشأ التفكير الغيبي فأي خلل في النفس أو الطبيعة سببه العين أو الحسد و السحر. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ذهبوا لكشف الغيب والتنبؤ بالمستقبل و أخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي الشر المتوقع من خلال نذر البشر. فإذا نعق الغراب فهذا نذيرالفراق, لان الغرابارتبط بقتل قابيل لاخيه هابيل, و صوت البوم نذير بالحرب فهي تعيش نهارا في المباني المتهالكة المهجورة ولا تري إلا ليلا, ونبح الكلب بصوت محدد نذير الموت. وتشاءم الإنسانمن الألوان والأرقام نتيجة تفشي الجهل والاتكاء علي الأفكار الساذجة, لأنها مرضية لمستوي تفكيره المحدود و السطحي. ومن ثم اصبح التشاؤم ومازال هو الأكثر شيوعا من التفاؤل. و بدأت السحرة والكهنة تتدخل لرفع الأذي بطرق ضعيفة ولكنها مقنعة للمتلقي عن طريق التعاويذ والرقي والخرافة. ولأن الإيحاء له دور في تحريك مشاعر الإنسان و توجيه سلوكهلجأالملوكإلي الاستعانة بالكهنة ورجال الدين ليكشفوا لهم المستقبل و عواقبه و وضع المقترحات حيال القضايا المبهمة. وهو أمر اعتمد فيه السحرة علي ذكائهم وقدرتهم علي الإيحاء و بدأ التنجيم وقراءة الطالع والفنجان والكف و غيرها من الأمور الغامضة تنتشر كنوع من الاستسهالومنأجل التخلص من الاضطرابات النفسية مثل القلق والأرق والخوف والفزع والتوتر حيال أي موقف غامض. إن لجوء الإنسان للشعوذة و السحرة والخرافة سببهلحظات الضعف التي تمر عليه ونتيجة لتوارث الفكر الغيبي عبر الأساطير والقصص الدينية بدأالإنسان الهذيل فكريا في إقناع نفسه بأن هذا هو السبيل لحل الصراعات بين ما يعيشه من مشكلات ويجهله عن هذا الكون و بين ما أكده التراث الموروث. ورغم تطور العلم و التكنولوجيا فمازال الإنسان يخضع عقله ونفسه لحظة ضعفه للأمور الغيبية واللا عقلانية حتي يشعر بالراحة وينفي عن نفسه شبهة الغباء أو الكسل الفكري أو الخلل النفسي والإدراكي وحتي لا يعترف بعجزه وعدم قدرته علي المواجهة وحل المشكلات واتخاذ القرارات. عزيزي المتشائم.. احذر منالتفكير السلبي ولا تنظر لمشاكلك وحياتك من منظور قاتم فالمبالغة في التقويم السلبي للأحداث والمواقف ماهو إلاوهم وخياليحول طاقاتك لعجز و يجعلك تري الأمور التافهة ضخمة و حقيقة ماثلة, فكن حذرا منالخيالات و الأوهام ولا تجعلها تعشش في عقلك لأنها سوف تقودك للدمار, ولا تثق في عبد مثلك مهنته الدجلوكل أدواتهذكاؤه وقدرته علي الإيحاء لابتزازك والغاء بصيرتك, وتذكر أن القصص الدينية و الأسطورية للعلم بالماضي و تطويرهوليست للتطبيق والتعميم فمن توكل علي الله فهو حسبه ونعم النصير.