غاب القمر يا ابن عمي يالا روحني دي النسمة أخر الليل بتفوت وتجرحني والصوت دبل في الخلا والليل ما عاد له دليل نعس الفضا وأتملي قلبي بنجوم الليل دائما يصبح من الصعب علي الإنسان الفراق, فما الحال لو كان الوداع من شخص ترك أثرا وشكلا في وجدان العديد من الأجيال, وتعلقوا به حتي وإن لم يعاصروه, واكتفوا فقط بمشاهدة أعماله الفنية, هذا هو ما ينطبق حرفيا علي الفنانة الكبيرة شادية والتي رحلت أمس عن دنيانا, حيث من المقرر أن تقام صلاة الجنازة اليوم عقب صلاة الظهر بمسجد السيدة نفيسة, لتواري الثري بمقابر العائلة في البساتين. سيكتب التاريخ أنها عاشت علي هذه الأرض واحدة من أهم الفنانات اللاتي لم تمر مرور الكرام علي الساحة الفنية فحسب, بل كانت أيقونة لفنانة شاملة ملأت الدنيا تمثيلا وغناء, أمتعت الجمهور وأبدعت وعاشت مجد النجومية, وأعطت درسا للنجوم في الاعتزال وهي في قمة مجدها. لم تكن شادية مجرد فنانة تقف أمام الكاميرا لتؤدي دورا أسند لها, أو واحدة تمتلك صوتا عذبا يطرب الآذان فحسب, بل كانت مشروعا فنيا متكاملا, نجحت ببراعة في أن تحتل مكانة فنية مميزة لدي عقول وقلوب المشاهدين, منذ اللحظة الأولي لدخولها الساحة الفنية, ومنذ هذه اللحظة وطوال أربعين عاما قدمت شادية فيها112 فيلما, و170 أغنية,10 مسلسلات إذاعية, ومسرحية واحدة ريا وسكينة, لتؤكد أننا من البداية أمام مشروع فنانة شاملة, فكانت شادية كالفراشة تنتقل من فيلم إلي مسلسل إلي أغنية إلي مسرحية. ثنائيات شادية قدمت الفنانة الراحلة شادية العديد من الثنائيات مع عدد من الفنانين حيث شكلت عاملا مشتركا في ثنائيات السينما المصرية كان من بينهم إسماعيل ياسين, شكري سرحان, رشدي أباظة, صلاح ذو الفقار, كمال الشناوي, ومحمد فوزي التي قالت عنه في أحد لقاءاتها خدمني خدمة كبيرة وله أثر في الموسيقي المصرية, لون جديد ونغمة مختلفة, فهم صوتي وإمكاناته ولو واحد تاني كان لحن لي زي أي واحدة عاوزة تغني لأم كلثوم, فأعطاني الأغاني الخفيفة التي تتلاءم مع طبقات صوتي فشعرت أنني أقول شيئا أحس به, ولو كانت أغنية دسمة كنت سأفشل فيها وهتعقد ومش هغني تاني. الاعتزال والعزلة أثار اعتزال الفنانة شادية في قمة مجدها لغزا حير الكثيرين فما السبب لذلك, وما الذي يدفع فنانة كبيرة لم تتركها أضواء الشهرة إلي هذا الأمر, فعادة لا يحدث ذلك إلا بعد أن يتقدم الفنان في العمر ولا يجد من يطلبه للعمل, إلا أن الفنانة الراحلة شادية لخصت مسألة اعتزالها الفن في قمة مجدها في إحدي الندوات التي أدارها العالم مصطفي محمود والموسيقار محمد عبد الوهاب قائلة: بحمد ربنا حتي الآن لأنني نجحت في عملي وأديت رسالتي لأن الفن رسالة وعمل كبير, وهو موهبة ربنا يمنحها للإنسان, ولا يبتدعها الإنسان والأهم هو كيف يستغلها, والحمد لله نجحت في عملي, ومنذ صغري وأنا تربيت في بيت وكنت أصلي وأصوم, وهو أمر عشته في الصغر, أما وقت العمل أكون بالماكياج ويكون من الصعب علي الفنان لأنه عاوز ينجح ويشتغل, ولكن الواحد مننا يشعر أن ربنا يحبه لأني كنت أصاب بالقلق رغم أنني ناجحة في حياتي وأعيشها بشكل طبيعي, ورغم ذلك كنت أقوم في المساء مصابة بالقلق ولا أعرف سببا محددا له, لا راحة في النوم, ولا سعادة في العمل. لم تكتف شادية بالاعتزال فحسب ولكنها اختارت العيش في عزلة بعيدا عن الأضواء فلم يستدل أحد عقب اعتزالها علي مكان وجودها واختارت أن تعيش ما بين أقاربها لتزهد الدنيا وتعتزل الأضواء نهائيا, وتتفرغ للعبادة فقط, ولحياتها الشخصية وهو ما حافظت عليه حتي آخر يوم في عمرها