عانت مدن محافظة دمياط لسنوات طويلة من سوء حالة النظافة بالشوارع والميادين بل وحتي في الحدائق العامة القليلة التي كانت قائمة.. ورغم أن البيت الدمياطي يشتهر بنظافته نظرا لتميز المرأة الدمياطية بالحفاظ علي نظافة بيتها مهما كان بسيطا أو متواضعا فإن الشارع الدمياطي كان علي النقيض من ذلك تماما, بسبب أن دمياط كلها تعتبر ورشة كبيرة لإنتاج الأثاث, حيث تعد صناعة الأثاث من الصناعات المركبة التي تدخل فيها العديد من الحرف اليدوية والميكانيكية التي ينتج عنها كم هائل من المخلفات التي يتم التخلص منها بإلقائها في أقرب مكان في الشوارع والخرابات المنتشرة في بعض أنحاء المدينة. ونتيجة لاختيار الأجهزة التنفيذية في مرحلة سابقة الطريق الذي ظن البعض أنه الأسهل بإقامة مقلب ضخم للقمامة في مدخل دمياط من ناحية بورسعيد عند قرية شطا بالقرب من منطقة إسكان شعبي واقتصادي كبيرة انتقلت حالة النظافة من سيئ إلي أسوأ.. حيث أثبتت تقارير المتابعة الميدانية سوء حالة النظافة بالمدينة وتراكم أكوام القمامة بكل شوارعها دون استثناء حتي أمام المساجد والمدارس والمعارض والترعة الشرقاوية بعد تغطيتها وبجوار محولات الكهرباء, بل وتدهورت الحالة في مناطق التجمعات السكنية بالمدينة ولم تسلم المستشفيات الرئيسية بالمدينة من تردي أوضاع النظافة بها نتيجة لسلوك بعض المواطنين من ناحية ولتراخي المسئولين عن رفع مخلفات تلك المستشفيات مما أدي إلي تراكم القمامة بداخلها من ناحية أخري. القمامة في كل مكان فيما أكد عدد من الأهالي انتشار القمامة بأماكن عديدة من المحافظة مما يشوه المظهر الحضاري ويلوث البيئة ويهددهم بالإصابة بالعديد من الأمراض حيث أصبحت مرتعا للحيوانات الضالة والقوارض والحشرات. يقول محمد عدوية أحد الأهالي: يوجد بمنطقة الأعصر خلف مخزن الأنابيب بجوار مدرسة عمر تل كبير للقمامة. أما هاني قاسم فيقول: هات لي شارع في دمياط مفيش فيه قمامة غير شارع الكورنيش. ويضيف الدكتور أحمد محمد طرابية, رئيس قسم بكلية العلوم بدمياط: القمامة منتشرة علي امتداد طريق عزبة اللحم وحتي طريق ميدان الشهابية. ويشير أسعد الخياط صاحب محل إلي أن هناك مقلبا للقمامة بشارع النقراشي بمدينة دمياط لا يتم رفع القمامة منه أولا بأول. ويوضح حسن الباز بالمعاش أن كل مسئول بأحد قطاعات النظافة بالمحافظة يعلم جيدا البؤر الموجودة في منطقته والمفروض أن تكون هناك متابعة أكثر حتي يتم القضاء علي هذه المشكلة. مقترحات للعلاج ويطالب حسن المتبولي صاحب مطعم بدمياط بعودة ملاحظ البلدية لمتابعة عمال النظافة مع إجراء مسابقة شهرية لتكريم أفضل عامل نظافة لزيادة الحماس بين عمال النظافة علي بذل المزيد من الجهد.. ويطالب بأن يقوم المواطنون بإلقاء القمامة الخاصة بهم قبل مرور سيارات الجمع حيث يتم التخلص منها بعد مرور تلك السيارات فيجد المواطن الشوارع مليئة بالقمامة رغم رفعها. ويقترح إبراهيم الطايفي من الشعراء مركز دمياط أن يقوم كل صاحب محل بوضع صندوق قمامة أمام محله حتي يتم وضع القمامة فيه بدلا من إلقائها في الشارع مع فرض غرامة علي من يخالف ذلك. سلوكيات المواطنين أما عصمت محمد رئيسة الوحدة المحلية لقرية الخياطة فتقول: أنا شايفة إن الأساس في انتشار القمامة بالشوارع سلوكيات الناس, وتابعت: إحنا بس فالحين نقول هو ليه القمامة مابتتشلش من أماكنها وأن المجلس مقصر لكن مفكرناش مرة نعمل حملة علي الناس اللي بترمي بطريقة عشوائية علي الأرض أو في وقت بعد مرور عربية الجمع.. فمواعيد إلقاء القمامه مهم جدا والأماكن أهم. وطالبت ببدء حملة لتوعية المواطنين بموضوع القمامة لأن إيد لوحدها متعملش حاجة. رئيس المدينة غير راض أوضح اللواء هشام كمال عثمان رئيس مركز ومدينة دمياط أنه يتم رفع من500 إلي600 طن يوميا من القمامة من مدينة وقري دمياط, مشيرا إلي أنه يعمل في منظومة النظافة داخل المدينة من180 إلي200 عامل يقوم بتوريدهم مقاول أنفار, مشددا علي أنه غير راض عن مستوي النظافة داخل المدينة بسبب السلوكيات الخاطئة للمواطنين. وطالب عثمان المواطنين بالتعاون مع مجلس المدينة والسماح لعمال النظافة باستلام القمامة من أمام الشقق السكنية بدلا من إلقائها بطريقة عشوائية بالشوارع. معدات متهالكة.. ومصنع يتوقف فيما أثبت تقرير المتابعة الميدانية التي قامت بها المحافظة أن الحملة المعنية القائمة علي نظافة المدينة والتي يخرج منها يوميا ما يقدر ب380 طنا من القمامة والمخلفات لم تعد تمتلك إلا معدات قليلة متهالكة ومعظم معداتها وأدواتها معطلة ولم تنل حظها من الصيانة أو المتابعة مما أدي في نهاية الأمر إلي تردي الأوضاع وتفاقم المشكلة وانتشرت أكوام القمامة في كل مكان وباءت حملات مقاومة الفئران بالفشل فانتشرت القوارض في المدينة إلي جانب انتشار كثير من الحشرات والروائح الكريهة التي ظلت جميعها تهدد الصحة العامة تهديدا خطيرا.. في الوقت الذي كاد مصنع تدوير القمامة الأكبر في قرية أبو جريدة بمحافظة دمياط أن يتوقف ولا يقوم بأداء دوره الذي أقيم من أجله نتيجة لعدم قيام المحافظين السابقين بتطويره وصيانته وأهملوا الحفاظ علي أرضه فنهب معظمها. نماذج محترمة يشهد الشارع الدمياطي بعض النماذج الإنسانية الكبيرة لعمال فوق الستين يعملون في حملة النظافة تابعين للمقاول المتعاقد مع مجلس المدينة مثل عم محمد فتح الباب مواليد1949 من أبو قرقاص بمحافظة المنيا الذي يعمل بمبلغ1030 جنيها شهريا والذي يتمتع باحترام وتقدير جميع أصحاب المحلات بشارع الجلاء نظرا للمجهود الكبير الذي يقوم به رغم كبر سنه وحرصه علي جمع القمامة من المحلات يوميا في مواعيد منتظمة بلا كلل ولا ملل.. وقال فتح الباب لالأهرام المسائي: إنه متزوج ويعول7 بنات تزوجت منهن5 ويحصل علي إجازة أسبوعا فقط كل3 شهور, ويطالب بإدراج عمال النظافة ضمن منظومة التأمين الصحي, مشيرا إلي أنه في حالة إصابته بأي مرض يتم علاجه لدي أحد الأطباء الموجودين بذات الشارع الذي يعمل به مجانا لكونهم يقدرون جهوده.. وهناك حالة أخري لعامل من أبناء دمياط من قرية البصارطة يقوم بجمع القمامة من شارع كورنيش النيل بمدينة دمياط من ميدان الساعة وحتي ديوان عام المحافظة ويدعي رمضان جمعة ويبلغ من العمر59 عاما الذي أكد أن جميع العمال يتقاضون أجورا زهيدة بينما يتحصل المقاول علي النصيب الأكبر من قيمة العقد بينه وبين مجلس المدينة. طه: نقل المقالب.. وتطوير مصنع التدوير لإنتاج الأسمدة من القمامة عقوبات رادعة للمقصرين.. ودعم المنظومة بأحدث المعدات أكد الدكتور إسماعيل عبد الحميد طه محافظ دمياط أن ملف القمامة يحصل علي اهتمام كبير منه من خلال التواصل مع المواطنين عن طريق الواتس آب أو لجان المتابعة التي تقدم تقريرا يوميا عن حالة النظافة يتم من خلاله شن حملات مكثفة لرفع القمامة, مشيرا إلي نقل مقلب قمامة شطا الذي ظل يؤرق سكان المحافظة والمارة لوقوعه علي طريق بور سعيد/ دمياط والذي تم في فترة وجيزة, حيث بلغ إجمالي حجم القمامة المنقولة من المقلب نحو600 ألف متر مكعب قمامة. وأوضح المحافظ أهمية استغلال مساحة أرض المقلب وموقعه بجوار مدينة دمياط للأثاث لإقامة مشروعات بنية أساسية لخدمة المنطقة والبيئة المحيطة, مشيرا إلي وضع مشروع إنشاء محطة كبيرة للصرف الصحي عليها لخدمة منطقة شطا علي رأس الأولويات.. حيث تعاني منطقة شطا من بعد مسافة خط الطرد إلي محطة العنانية.. المكتملة الطاقة الاستيعابية, لافتا إلي إقامة سور حضاري حول المقلب بارتفاعات مناسبة وتشجيره وتجميل الموقع بشكل مؤقت إلي أن تتم الاستفادة من هذه المساحة. وقال طه إنه تم نقل المقلب الموجود خلف محكمة شطا من الموقع الحالي إلي مصنع أبو جريدة لتدوير القمامة ودراسة كيفية الاستفادة من كميات القمامة بإعادة تدويرها وذلك من خلال3 محاور رئيسية في إطار جهود المحافظة للارتقاء البيئي بهذه المنطقة وإنهاء مشكلة الأدخنة المنبعثة من القمامة حفاظا علي الصحة العامة, مشيرا إلي قيام الوحدة المحلية برفع تراكمات القمامة قبل كمين شطا وتمهيد الطريق من منطقة الملاحات وحتي الكمين حيث تم رفع كفاءته وتوسعته وإجراء مسح كامل لتراكمات القمامة علي امتداد الطريق وتجريف الرمال والأتربة من جانبي الطريق وبجوار بالدورات الجزيرة الوسطي والتي تم طلاؤها بطريقة جمالية وطلاء الأشجار بألوان علم مصر مما أضفي لمسة جمالية علي مدخل المحافظة. وأعلن المحافظ أنه ستتم معالجة كميات القمامة المنقولة وإعادة تدويرها بمصنع أبو جريدة لإنتاج الأسمدة في إطار خطة المحافظة لتدوير ومعالجة المخلفات الصلبة بأنواعها.. وعلي صعيد الإجراءات التنفيذية طلب المحافظ من مدير عام البيئة بالمحافظة سرعة تجهيز المستندات والخطابات الواردة تباعا من وزارة البيئة للمحافظة لنقل مقلب رأس البر وجميع المقالب الموجودة بالمحافظة لوقوعها بالقرب من الكتل السكانية وكذلك كافة الإجراءات التي تمت في هذا الإطار. تطوير أبو جريدة وحول تدهر حالة مصنع تدوير القمامة بأبو جريدة أوضح المحافظ أنه يتم حاليا تطوير وتحديث المصنع بتكلفة80 مليون جنيه وذلك لاستيعاب1000 طن قمامة يوميا وتدويرها حيث تم توريد الخط الأول الجديد ويجري تركيبه بطاقة استيعابية500 طن يوميا, مشيرا إلي أنه يتم حاليا تنفيذ خطة اللاند سكيب بالمصنع عن طريق زرع طريق ومدخل المصنع بالأشجار والنخيل المثمر, فضلا عن زراعة عدة مسطحات بالنجيلة الخضراء. عقوبات رادعة.. ودعم المعدات أكد محافظ دمياط أنه لا يتواني في معاقبة من يثبت تقصيره في أداء عمله حيث تمت إقالة رئيس الوحدة المحلية لقرية العنانية وإعادته إلي عمله الأصلي وذلك لسوء حالة النظافة والخدمات المقدمة لأهالي القرية. فيما تم استبعاد كل من السيد أبو العز نائب رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمياط لشئون الفري والسيد حزا رئيس الوحدة المحلية لقرية الشعراء من منصبيهما وإعادتهما إلي عملهما الأصلي بديوان عام الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمياط نتيجة لسوء حالة النظافة بقري مركز دمياط وخاصة قرية الشعراء بعد أن أبدي المحافظ استياءه الشديد من سوء حالة النظافة وكثرة القمامة بالشارع الرئيسي بالقرية; وحول نقص معدات النظافة وسوء حالتها أكد المحافظ تدعيم الوحدات المحلية بالقري والمدن بمعدات وسيارات ولوادر بما يعادل70 مليون جنيه وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ المحافظة.