تسود أجواء من الترقب والقلق الساحة البريطانية في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي تتعرض لها رئيسة الوزراء تيريزا ماي من أجل إحراز تقدم في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي حول البريكست, حيث تتعرض ماي علي الصعيد الداخلي لضغوط من مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مجلس الوزراء, لتوضيح ما تريد المملكة المتحدة الحصول عليه بعد البريكست, خاصة فيما يتعلق بالعلاقة التجارية المستقبلية مع الاتحاد, وذلك قبل الموافقة علي دفع فاتورة الانفصال. وتواجه ماي معارك برلمانية مستمرة بعدما فقدت الغالبية البرلمانية في انتخابات يونيو الماضي حول مشروع قانون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي, الذي يرمي إلي إنهاء عضوية البلاد رسميا في الاتحاد, وتحويل القوانين الأوروبية إلي بريطانية. أما خارجيا, فقد أعطي الاتحاد الأوروبي لماي مهلة أسبوعين لتلبية شروط الاتحاد المتعلقة بفاتورة الانفصال وحقوق المواطنين والحدود الأيرلندية, وذلك حتي يمكن بدء التفاوض حول العلاقات المستقبلية بين الجانبين, خاصة في مجال التجارة. وفي هذا السياق أعربت الحكومة البريطانية أمس عن استعدادها لتحسين عرضها من أجل تسديد تكلفة خروجها من الاتحاد الأوروبي لقاء ضمانات من بروكسل حول اتفاق تجاري مستقبلي بين المملكة المتحدة والتكتل. واتخذ القرار إثر اجتماع حول بريكست بحضور رئيسة الحكومة تيريزا ماي وعدد كبير من وزرائها من بينهم مؤيدا الخروج بوريس جونسون( الخارجية) وديفيد ديفيس( بريكست) بحسب ما أوردت بي بي سي وتايمز. وحصلت ماي علي دعم وزرائها بمضاعفة العرض المالي لتسوية فاتورة بريكست بحيث تصبح40 مليار يورو تقريبا, بينما يطالب الاتحاد الأوروبي بتسديد ما بين50 و60 مليار يورو, وأكد مصدر حكومي أن الوزراء اتفقوا علي زيادة العرض الذي سيقدم إلي بروكسل دون تحديد رقم. وإلي جانب فاتورة الانفصال, يريد الاتحاد الأوروبي تحقيق تقدم كاف حول مسألة حقوق الأوروبيين الذي يعيشون في المملكة المتحدة بعد بريكست, وتأثير الانفصال علي الحدود بين أيرلندا ومقاطعة أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا. وتصاعد التوتر فجأة بشأن هذا الملف بين لندن والدول ال27 وان كان الجانبان متفقين علي تأكيد عدم العودة إلي حدود رسمية. وفي وثيقة داخلية, يؤيد الاتحاد الأوروبي موقف دبلن التي تري انه ينبغي أن تواصل مقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية تطبيق قوانين السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي لتجنب العودة إلي المراكز الحدودية علي الحدود مع جمهورية إيرلندا. وحتي الآن لم يحقق الجانبان سوي تقدم تدريجي في تلك الملفات الشائكة بينهما ففي قضية حقوق المواطنين قدمت ماي اقتراحات لضمان حقوق الأوروبيين الراغبين في البقاء في المملكة المتحدة بعد بريكست, وأعلنت أن بلادها ستتيح لمواطني الاتحاد الأوروبي البقاء في أراضيها بشكل قانوني عقب خروجها من الاتحاد. ويحق لمواطني الاتحاد الأوروبي الذين يقضون أكثر من5 سنوات في المملكة المتحدة تقديم طلبات للحصول علي إقامات دائمة, وهو ما اعتبره قادة الاتحاد بادرة إيجابية تنذر بإمكانية حسم هذا الملف. أما فيما يتعلق بالتسوية المالية الخاصة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي, فيبدو ان الامور تتعقد فالاتحاد الأوروبي يصر علي مبلغ ال70 مليار بينما تؤكد بريطانيا انه رقم مبالغ فيه. وبالنسبة للحدود الأيرلندية التي تشكل القضية الخلافية الثالثة في المفاوضات, فهي لا تزال محل خلاف حيث يقترح الاتحاد الأوروبي بقاء إقليم أيرلندا الشمالية في الاتحاد الجمركي للكتلة الأوروبية بعد البريكست تجنبا للعودة إلي حدود رسمية مع إيرلندا إلا أن هذا المقترح لم يلق قبولا من قبل بريطانيا لأنه يفرض حدودا جديدة داخل حدودها. ولم يتمكن الأوروبيون من إحراز تقدما حول هذه القضايا الخلافية خلال القمة الأوروبية التي عقدت في أكتوبر الماضي وتم إرجاء القرار إلي القمة الأوروبية المقبلة المقررة في منتصف ديسمبر القادم لتحديد ما إذا كانت المفاوضات قد أحرزت تقدما يسمح بالانتقال إلي المرحلة التالية في التفاوض.